بالصور.. الأزهر طوق النجاة للفارّين من جحيم "بوكو حرام"
زيارة وفد أزهري برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين لمخيم للنازحين بنيجيريا تبعث الأمل في قلوبهم
لم تمنع حرارة الطقس الشديدة، المواطن النيجيري "بشير" ورفاقه، من الوقوف بقارعة الطريق في العاصمة النيجيرية أبوجا، بحثا عن المياه، وبينما لا يعرفون هم وعشرات غيرهم على طول الطريق، كيف سيقضون ليلة جديدة في مخيم "النازحين العسكريين"، أمطرهم الله من فضله، كما نجاهم من "بوكو حرام" الإرهابية.
هطول الخير، كما وصفوه، تمثل في زيارة وفد أزهري رفيع المستوي، برئاسة شيخ الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، الإمام الأكبر، أحمد الطيب، إلى مخيمهم، وهم النازحون، من جحيم "بوكو حرام"، ليجدوا من يستمع إلى مطالبهم، ويلبيها، قبل المغادرة.
وربما هذا الوصف، لم يأت من فراغ، لكن حرص الوفد على الدخول لآخر زوايا المخيم، وعدم الاكتفاء بالتحدث للنازحين على الأطراف، جعلهم يشعرون بأن ثمة من جاء ليستمع إليهم، ويساعدهم، لا أن يظهر معهم أمام الشاشات ثم يغادر، مديًرا ظهره لهم.
وقد لا يعرف هؤلاء النازحون أن شيخ الأزهر، طلب من حارسه الخاص، وهو في الطريق، ألا يقف خلفه، بشكل مباشر، حتى لا يكون سببًا لانصراف النازحين أو ترددهم في الاقتراب والتحدث له مباشرة، خاصة وأن الشريحة الكبرى كانت من النساء والأطفال.
ويضم المخيم، نحو 2200 شخص من 6 ولايات بشمال نيجيريا هاجمتها جماعة "بوكو حرام" الإرهابية، وغالبيتهم من النساء والأطفال، الذين ما إن رآووا الوفد حتى التفّوا حوله، في مشهد أشبه بمن يبحث عن طوق نجاة، واختاروا من بينهم ممثلين لرواية معاناتهم.
وظل شيخ الأزهر، ينصت لممثل النازحين، لأكثر من نصف ساعة، متفهمًا تارة، ومستفهما تارة، وهو يشير بين حين وآخر إلى الوفد المرافق أن يدوّن كل ما يحتاجه النازحون بعدما فقدوا أموالهم وممتلكاتهم، كما وجّه بقافلة مساعدات طبية وغذائية، لهم بشكل عاجل، خلال أسبوعين على الأكثر.
الرفق في معاملة النازحين، أثناء الاستماع إليهم، كانت السمة الغالبة على الوفد المرافق لشيخ الأزهر، فتجد بعضهم يتوسط الأطفال ويتحدث معهم، في محاولة للتخفيف عنهم، والبعض الآخر آثر أن يبثّ في نفوسهم الأمل، بعباراته وكلماته.
من بين هؤلاء النازحين، وقفت المواطنة النيجيرية حليمة، تسرد ما حدث لها عندما فرّت مع جيرانها منذ أشهر قائلة: "لا أعرف كيف سيكون المستقبل، وأمي ليست معي، عندما هجموا علينا وجدت الجميع يجري، لا أريد أن أتذكر بينما كنت أصرخ بحثًا عن أمي، كان عليّ الفرار بأختي الصغيرة.. خوفًا من الوقوع في أيديهم".
لكن حليمة لم تكن تتخيل أن أحدًا سينصت لها، خاصة وأنها واحدة من بين آلاف شردوا كما تصف، وهي تذرف دموعًا تلامس حبات عرقها من الشمس الحارقة، لتقول "الله ينصت لي كل ليلة، وأظنه يرسل لنا ملائكته على الأرض لينقذونا".
وعلى بعد أمتار من حليمة، وقف "صاندي" بالقرب من أعمدة منصوبة ومغطاة بقماش، أشبه بالخيام قائلًا: "هذا بيتي أنا وهؤلاء.. لكننا لا نستسلم ونحاول أن نحسّن من حياتنا هنا، قد لا تتوفر الموارد لكننا نحاول".
صاندي، الذي يحمل في يد وعاء للمياه ويحمل فوق رأسه صينية عليها فاكهة، قال لـ"بوابة العين": "أبيع هذا الطعام، نحاول أن نفعل أي شيء، لا نجد المياه في أحيان لكننا نذهب ونبحث عنها".
المياه الصالحة للشرب، تعبير أضحك صاندي، رد عليه قائلا إن "بقاءنا أحياء هو الأهم بالنسبة لنا، ولا نطلب ما هو أكثر من ذلك"، لكنه أظهر تفاؤلا بزيارة القافلة الإغاثية بقوله: "الله يساعدنا من خلال هؤلاء".
وفي الوقت الذي كان يقول فيه صاندي إنه متفائل بتلك الزيارة، لأن الله يساعدنا من خلال هؤلاء، على حد قوله، كان شيخ الأزهر يشير للجميع ومن بينهم صاندي، بأن كونوا أقوياء كما أنتم، ولا تضعفوا، وكافحوا من أجل حياتكم.
وخاطب شيخ الأزهر المجتمعَ الدولي والمنظمات الدولية، متسائلًا: "أين الأمم المتحدة، أين الاتحاد الأوروبي، أين جامعة الدول العربية، وأين منظمة التعاون الإسلامي.. شيء محزن".
وبينما يربت على كتف طفلة من النازحين، يضيف الإمام الأكبر: "لا أستطيع أن أصف مشاعري شديدة الألم لما أراه وألاحظه من هذا المستوى البائس من الإنسان والمرآة والطفل.. هذا يجعل علينا جميعا.. على كل قادر مسلم أو غير مسلم أن يبادر إلى إنقاذ هؤلاء البشر من المستوى الذي ربما لا يستطيع أن يعيش الحيوان فيه".