الأعباء المالية تحاصر مصر للطيران.. والحادثة الأخيرة "تضاعفها"
"مصر للطيران" تشهد أسوأ أعوامها المالية في تاريخها بعد 3 حوادث طائرات مختلفة بدأت بالطائرة الروسية بسيناء وحتى الطائرة المصرية باليونان
شهدت خسائر شركة مصر للطيران ارتفاعا غير مسبوق في تاريخها بسبب الأحداث المتتالية التي ضربت قطاع الطيران المصري بشكل مباشر في الشهور القليلة الماضية، لتدخل الشركة مرحلة تتحمل خلالها أكبر قدر الخسائر التي منيت بها طوال عملها.
ولا شك أن الاسم التجاري للناقلة المصرية لا يقدر بأي ثمن، إلا أن الضربات المتتالية للشركة والخسائر البشرية والمعنوية حملتها خسائر كبيرة، وهو ما يؤشر إلى اضطرار الشركة لاتخاذ تدابير للتخفيف من الأعباء المالية المتوقعة خلال العام المالي 2016 -2017.
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتخذت روسيا قرارًا بوقف رحلات الطيران إلى مصر، في أعقاب كارثة سقوط الطائرة الروسية في سيناء، ووجود أياد إرهابية وراء الحادثة، أما في مارس/ آذار الماضي، وقعت حادثة اختطاف طائرة تابعة لمصر للطيران على يد شخص مصري، خلال رحلة للطائرة من الإسكندرية إلى القاهرة، وإجبارها على التوجه إلى قبرص، قبل آخر كارثة وهي اختفاء وتحطم إيرباص 320، في رحلة العودة من باريس إلى القاهرة.
قدرت خسائر شركة مصر للطيران منذ أزمة الطائرة الروسية، وفقا لوزارة الطيران المدني بأكثر من مليار جنيه مصري، وهي ناجمة عن توقف رحلات طيران لبعض الوجهات، وانخفاض أعداد المسافرين على بعض الرحلات، بخلاف التراجع في أعداد السياح من مختلف وجهات العالم، والتي انخفضت في الربع الأول من العام الجاري 2016 بنحو 60% وفقا لوزير السياحة المصري يحيى راشد.
وتعتبر هذه الخسائر إضافة لعبء خسائر متراكمة من سنوات سابقة على مصر للطيران بلغ 11 مليار جنيه، وفق تصريحات وزير الطيران المدني شريف فتحي، في وقت يرى إمكانية تعزيز الشركة خطط التطوير والتحديث للأسطول رغم الأزمات المتتالية، ودون أن تحصل على مساعدات ودعم من الدولة.
وحتما الانحسار الذي أصاب حركة الطيران المدني المصرية خلال الشهور الأخيرة كان له تأثير على إيرادات مصر للطيران، بل يضاف إلى ذلك العبء الناجم عن ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه المصري بشكل لافت، وهو ما يتطلب خططًا على المدى القصير لعلاج السلبيات الناجمة عنه ذلك، دون أن يؤثر ذلك على تنافسية الشركة في سوق سفر مفتوح، وعلى الأقل يتيح للناقلة أن تخرج بحالة تعادل في الأرباح والخسائر.
وسعت الشركة مؤخرا إلى وسائل تحسين موارد من خلال رفع أسعار تذاكر السفر بنسبة وصلت إلى 10%، بعد الارتفاعات المتتالية في سعر الدولار الأمريكي، والذي أدى وفقا لتقديرات وزير الطيران المدني، إلى فرق بالتكاليف بنحو 17%.
وأشار تحليل إحصائيات إيرادات مصر للطيران إلى أن العملات الأجنبية وخصوصا الدولار الأمريكي تمثل مكونا في إجمالي تكاليف الخدمات بنسبة 84%، فيما تصل نسبة هذا المكون في الإيرادات لنحو 71%، ويعني ذلك أن هناك ما يعادل 13% خسائر على الشركة، وهنا يرى الوزير شريف فتحي وجود إمكانيات واسعة للمعالجة والوصول إلى نقطة التوزان هذا العام.
سجلت الشركة خلال العام المالي الماضي 2,8 مليار جنيه، وفي الربع الثاني من العام المالي الجاري سجلت خسائر بنحو 640 مليون جنيه، على خلفية أزمة سقوط الطائرة الروسية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على الرغم من تحقيق أرباح خلال الربع الأول من العام الجارى بما قيمته 800 مليون جنيه.
وتراجعت الإشغالات على الخطوط بالكامل بنسبة 8%، بعد توقف الرحلات القادمة من روسيا وإنجلترا بعد واقعة الطائرة الروسية، لتنخفض إلى 58% في الربع الثاني، مقابل 66% خلال الربع الأول من العام المالى الجارى متأثرة بتوقف 5 رحلات أسبوعيا إلى روسيا و3 إلى إنجلترا.
ومن المتوقع أن تصبح الصورة أكثر صعوبة بالنسبة لمصر للطيران بعد كارثة اختفاء وتحطم الطائرة إيرباص 320، في أثناء رحلتها القادمة من باريس إلى مطار القاهرة فجر الخميس الماضي؛ حيث تختلف التداعيات بناء على سبب الحادثة، سواء كان أسبابا فنية أم هجوما إرهابيا، وهو ما سيؤثر بدوره على القرارات المتخذة من قبل دول أخرى من فرض قيود على نشاط الشركة أو السفر عليها.
وفي الوقت الذي يبقى فيه الغموض هو سيد الموقف فيما يخص على التعرف بأسباب وقوع الحادث المفجع، إلا أن الجزء المتعلق بالخسائر والتأثيرات التجارية والتسويقية والاقتصادية على الناقلة المصرية، سيظل هو الجزء الحي الذي تتبلور تداعياته على أرض الواقع وترجمته في أرقام العائدات والإيرادات.
ومن لحظة وقوع الكارثة أضيف باب جديد إلى تداعيات حادثة سقوط الطائرة الروسية في سيناء، والتي ما زالت كائنًا حيًّا سلبيًّا تعاني منه الناقلة حتى الآن، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بنهاية له حتى اللحظة، بل أضيفت له أزمة جديدة قد يكون لها تأثير على قطاعي السفر والسياحة في مصر.
وتخطط مصر للطيران أن يصل أسطولها الجوي إلى 105 طائرات من مختلف الطرازات بحلول عام 2020، حيث تعمل على إضافة 9 طائرات جديدة ضمن خطة تطويرها، كما لديها خطة لتطوير الأسطول الخاص بالشحن من العام المقبل بالتوازي مع خطة تطوير أسطول طائرات الركاب، ليصبح في أسطول الشحن في 2020 5 طائرات من طرازات إيرباص 330 و320.
تشير كل المؤشرات إلى أن العام المالي الجاري هو أصعب السنوات التي مرت على شركة مصر للطيران، على خلفية هذه الأوضاع التي تعددت وتنوعت فيها الأزمات بين سقوط الطائرات، والتراجع في سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، والمناخ الاقتصادي العام ليس في مصر فقط، بل في دول تمثل أهم أسواق السفر والسياحة لمصر.