يلدريم.. قطار أردوغان إلى النظام الرئاسي
علي يلدريم الذي سيعلن رسميًّا اليوم رئاسته لحزب العدالة والتنمية هل يكون ذراع تكنوقراطية نحو حلم أردوغان بالنظام الرئاسي؟
أصبح اسم بن علي يلدريم الأكثر تداولًا في وسائل الإعلام التركية والعالمية، بعد إعلان حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ يومين عن رئيسه الجديد وهو وزير النقل والشؤون البحرية والاتصالات يلدريم.
تذهب أغلب التحليلات والقراءات لسيرة الرجل الذاتية وتاريخه داخل الحزب إلى أنه الذراع التكنوقراطية نحو تحقيق الحلم الأردوغاني بتكريس السلطة عبر نظام رئاسي يزيد صلاحيات رجب طيب أردوغان.
اليوم الأحد 22 مايو/آيار يتم رسميًّا انتخاب يلدريم خلال المؤتمر العام للحزب، وهو إجراء شكلي، يصبح بموجبه يلدريم رئيس الحزب، يقوم بعدها بتشكيل مجلس الوزراء الجديد، خلفًا لأحمد داوود أوغلو الرجل الثاني داخل الحزب، والذي استقال من رئاسة الوزراء وأعلن عدم ترشحه لرئاسة الحزب، بعد أن خرجت خلافاته مع أردوغان حول طريقة إدارة الحزب للعلن.
كيف صعد اسم يلدريم سريعًا؟ وما هي مؤهلاته لتولي رئاسة الحزب الحاكم وتشكيل الحكومة؟
تكنوقراط وليس سياسي
ربما يكون صلته القوية مع الرئيس أردوغان التي يصفها البعض بـ"الصداقة" هي أولى مؤهلات يلدريم السياسية في مرحلة يحتاج فيها أردوغان إلى عدم وجود مناكفات سياسية داخل الحزب، سعيًا للوصل لهدفه بتطبيق نظام رئاسي يوسع صلاحياته عبر استفتاء شعبي، حيث لا يمتلك الأغلبية الكافية داخل البرلمان التركي لإقرار هذا النظام.
الجانب الأهم في شخصية بن علي يلدريم هو كفاءته البيروقراطية التي تفوق حضوره السياسية، وهو عين ما يحتاجه أردوغان خلال المرحلة القادمة، خاصة في حال إقرار النظام الرئاسي الذي سيأتي بالطبع على حساب الصلاحيات السياسية لرئيس الوزراء، الذي سيكون أقرب لسكرتير الرئيس لإدارة دولاب العمل الحكومي.
يلدريم الذي وُلِد في بلدة رفاهية بمحافظة أرزنجان شرق الأناضول في عام 1955، وتخرج كمهندس بحري، من الوجوه المعروفة داخل العدالة والتنمية، وفاز في ثلاث ولايات انتخابية متتالية في الحزب كان آخرها في عام 2014، ليعينه أردوغان مستشارًا له وكأنه يعد الرجل لما هو أكبر.
ظهور يلدريم السياسي بعد عمله لسنوات في مختلف شركات النقل العام، كان عام 2001 عبر حزب العدالة والتنمية ليشغل بعدها منصب وزير النقل منذ تولي أردوغان رئاسة الحكومة عام 2002 وحتى عام 2013، لحقق من خلال هذا المنصب نجاحات ضمنت له صيتًا على مستوى الأداء الحكومي الجيد.
نجح المهندس البحري يلدريم في استكمال مشروع مرمراي وهو خط المترو الرابط بين الجانب الآسيوي والجانب الأوروبي لمدينة إسطنبول، والذي يعبر تحت مياه البوسفور، الذي افتتح رسميًا في أكتوبر/تشرين الأول 2013، كما ظهر كمخطط ناجح للمشاريع الكبرى، بما في ذلك الطرق السريعة الجديدة، والقطارات فائقة السرعة، والأنفاق والمطارات والجسور، حتى بات يعرف بالوزير الذي يتحدى الصعاب.
رئيس حكومة الظل
لم يصادف نجاح يلدريم في العمل الحكومي نجاحًا مماثلًا على المستوى السياسي، حيث خسر معركة الانتخابات البلدية، في أحد معاقل الحزب الجمهوري بمدينة إزمير، بعد أن خرج من الحكومة عام 2013، لكن أردوغان لم يسمح لصديقه بالرحيل وأعلن تعيين يلدريم مستشارًا خاصًا له، حتى أطلقت عليه الصحف التركية حينها لقب "رئيس حكومة الظل"، لأن يلدريم يدير 13 مستشارًا يحكمون السياسة الداخلية والخارجية لتركيا.
في عام 2015، دخل يلدريم مجلس الوزراء مجددًا كوزير للنقل والشؤون البحرية والاتصالات، وتنبأت وسائل إعلام تركية خاصة المعارضة بأن يلدريم يتم تجهيزه لخلافة داوود اوغلو فيلسوف العدالة والتنمية بعد وصلت خلافات الأخير مع أردوغان خلال الشهور الأخيرة إلى مرحلة الفراق.
البعض اعتبر أن خلافات أردوغان وداوود أوغلو كانت بسبب أن الأخير داوود أوغلو لم يعد مطيعًا بما يكفي لأردوغان، وربما أصبح عقبة امام التحول نحو الحلم الأردوغاني بنظام رئاسي واسع الصلاحيات لا ينازعه فيه رئيس حكومة.
الساحة إذن باتت مهيأة لرجل أردوغان الذي صنعه على عينه بعد أن استراح من إزعاج داود أوغلو، صاحب الآراء الخاصة بشأن القضايا السياسية التركية وإدارة الحزب، والذي يحظى بشعبية خاصة في أوساط النخبة داخل الحزب.
فيلدريم بخلاف سلفه في رئاسة الحزب والحكومة (بعد إعلان الحزب رسميًّا اليوم) هو رجل تكنوقراطي، ليس لديه الكاريزما أو الخبرة السياسية التي تؤهله لإثارة الجدل في أي قضايا سياسية، وعلى ذلك فهو الشخص المثالي للعمل مع الرئيس الطامح لنظام لا ينازعه أحد في سلطاته في حال إقراره عبر استفتاء شعبي.
الخلافات بين الرئيس ورئيس الوزراء السابق، ستصبح من الماضي مع رئيس الوزراء الجديد، فقد يصبح رئيس الوزراء والحزب والدولة شيئًا واحدًا في عهد أردوغان، وهو ما بدا في بعض كلمات المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر تشيليك، بعد أن أعلن يوم 19 مايو/آيار يلدريم رئيسًا للحزب الجديد حين قال: "ليس هناك ملليمتر واحد من الخلاف بين رئيسنا وأعضاء حزب العدالة والتنمية".