بدأت ببورما وتنتهي باليابان.. أوباما "رئيس الزيارات التاريخية"
كثير من التحليلات ذهبت إلى أن أوباما لم ينجز أي إنجاز سياسي ملموس، لكنه على ما يبدو يسعى لتعويض ذلك بأن يكون رئيس الزيارات التاريخية
شهور تفصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن انتهاء مهمته في البيت الأبيض، ليسلم القيادة إلى رئيس جديد في شهر يناير/كانون الثاني المقبل.
وإذا كانت كثير من التحليلات قد ذهبت إلى أن أوباما لم ينجز خلال فترتي رئاسته الأولى والثانية أي إنجاز سياسي ملموس على الصعيد الخارجي، فإنه على ما يبدو يسعى إلى تعويض ذلك بأن يكون "رئيس الزيارات التاريخية".
وكان أوباما قد استهل فترته الرئاسية الثانية بزيارة بورما، ليصبح أول رئيس أمريكي في السلطة تطأ قدمه تلك البلد الشهيرة بقمع سلطتها للمعارضين.
واستقبل أوباما في طريقه من المطار إلى حيث قصر الرئاسة، حشودًا رفعت علم أمريكا، التي كانت لفترة طويلة تشكل العدو المطلق لتلك الدولة التي لا تعرف أي شكل من أشكال الديمقراطية.
ووصفت هذه الزيارة من جانب وسائل الإعلام بأنها مكافأة على تطبيق بورما برنامجًا إصلاحيًّا يشمل الحياة السياسية والاقتصادية في البلد، وقيامها بالإفراج عن معتقلين سياسيين.
وخلال الزيارة، أعلنت الولايات المتحدة عن تعيين سفير لها ببورما، وتقديم قرض بقيمة 170 مليون دولار، إضافة إلى الإعلان عن إعادة افتتاح الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو اس ايد) بعد سنوات من تعليق عملها في بورما، بسبب القمع السياسي.
وكما قيل عن هذه الزيارة، بأنها الأولى لرئيس أمريكي، فإن الوصف نفسه استخدم أيضا في وصف زيارته لكمبوديا يوم 19 نوفمبر 2012، التي جاءت عقب بورما مباشرة.
وكان الهدف الأساسي للزيارة هو المشاركة في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، التي عقدت في مدينة بنوم بنه، لكنه استغلها للحديث مع مسئولين كمبوديين عن ملف حقوق الإنسان، وإجراء انتخابات نزيهة وحرة، والإفراج عن السجناء السياسيين.
وبعد أربعة أعوام من زيارة دولتي بورما وكمبوديا، كان أوباما على موعد مع زيارة تاريخية أخرى في دولة كوبا بأمريكا الشمالية، التي زارها في 21 مارس 2016.
وأصبح أوباما بهذه الزيارة، أول رئيس أمريكي يزور كوبا منذ الثورة الكوبية عام 1959، التي دشنت عقودًا من العداء بين البلدين، وتم الإعداد لها بعد إعادة فتح السفارات بين البلدين.
وكانت الولايات المتحدة قد جمدت علاقاتها مع كوبا منذ عقد الستينيات من القرن العشرين وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع هافانا، وفرضت حظرًا على التجارة بين البلدين عقب قيام الثورة الكوبية التي تحولت بالبلاد إلى الاشتراكية.
وخلال الزيارة وافق البيت الأبيض على تخفيف جديد للعقوبات المفروضة على هافانا، وأجازت الخزانة الأمريكية بشبكة "ستاروود" للفنادق فتح فندقين في هافانا، في سابقة فريدة منذ الثورة الكوبية عام 1959.
وحث الرئيس الأمريكي نظيره الكوبي خلال مؤتمر صحفي عقد على هامش الزيارة، على تحسين سجل بلاده الديمقراطي والحقوقي، لكن كاسترو رد بانتقاد ما أسماه بـ"ازدواج المعايير" من جانب الولايات المتحدة، مضيفا: "لا تزال بيننا خلافات جادة بينها ما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان".
وبعد شهرين من تلك الزيارة يعود أوباما إلى قارة آسيا مجددًا بزيارات تاريخية إلى دول أخرى؛ حيث يقوم -حاليا- بجولة تشمل دولتي فيتنام واليابان.
وتربط الدولتان بالولايات المتحدة تاريخًا من العداء بسبب الغزو الأمريكي لفيتنام، الذي انتهى في 17 يونيو 1975 باتحاد شمال وجنوب فيتنام، والهجوم النووي الذي شنته الولايات المتحدة ضد اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية في أغسطس 1945.
وبدأت الجولة بزيارة فيتنام اليوم الاثنين، وبهذه الزيارة يصبح أوباما الرئيس الأمريكي الثالث الذي يزور فيتنام بعد تطبيع العلاقات بين البلدين في عام 1995.
وتستمر هذه الزيارة ثلاثة أيام، وتهدف إلى تعزيز العلاقات الدفاعية والاقتصادية مع عدو سابق أصبح محورًا لإستراتيجية واشنطن "لإعادة التوازن" في آسيا.
وعقب هذه الزيارة، يبدأ أوباما الجمعة أول زيارة لرئيس أمريكي لمدينة هيروشيما التي دمرتها قنبلة ذرية أمريكية في 1945، لكنه شدد على أنه لن يعتذر خلال هذه الزيارة عن الأضرار التي خلفتها القنبلة الأمريكية.
وقال في مقابلة مع قناة "ان اتش كي" اليابانية "لن أقدم اعتذارًا، لأني أعتقد أنه من المهم الإقرار بأنه في أوج الحرب على القادة أن يتخذوا كافة أشكال القرارات".
وأضاف "أنه من دور المؤرخين طرح الأسئلة وتحليلها، لكني أعرف بحكم تولي هذا المنصب منذ سبع سنوات ونصف، أن أي قائد يتخذ قرارات صعبة جدًّا، خصوصا في زمن الحرب".