الطلاق يغزو الأردن.. 22 ألف حالة بعد زواج لم يدم عامًا واحدًا
سجلت الأردن في عام واحد فقط 22070 ألف حالة طلاق لحالات زواج وقعت في نفس العام، والتي يبلغ عددها 81373 حالة.. ما الأسباب؟
يصطدم الأزواج في بداية الحياة الزوجية بانتقالهم الى حياة مغايرة عن فترة الخطوبة المليئة بالمشاعر وعدم الواقعية، وتلاحقهم التفاصيل الكثيرة الجدية التي تحتاج إلى الحوار بينهما وحسن إدارة هذه العلاقة، فالزواج علاقة مقدسة عند جميع الأديان والحفاظ عليها هو أساس استقرار البشرية، ولكن قد لا يستطيع البعض مواجهة هذه المشاكل في فترة الزواج أو الخطبة، ويشكل قرار الفرار من هذا الارتباط هو الحل بالنسبة للطرفين، ليتم اختيار قرار "الطلاق" بالرغم من خطورته ورفض المجتمع له.
أرقام حالات الطلاق في الأردن آخذة بالتزايد بحسب دائرة قاضي القضاة وملاحظة المختصين، فهل هذه النسب تعكس سوء الاختيار أم عدم مساندة الأهل للطرفين، أم أسباب أخرى أدت إلى هذه النتيجة؟.
هيا صالح وجدت أن الطلاق بعد زواجها بأشهر قليلة هو الحل الأمثل قبل أن تتفاقم الأمور ويصبح لديها أطفال مسؤولة عنهم، تقول هيا: "أبلغ من العمر 25 عامًا، وقد درست التمريض وأعمل به، وكنت متزوجة من معلم. واجهتنا العديد من المشاكل بعد الزواج، وفي فترة الخطبة لم نكن نشعر أن هنالك اختلافًا بيننا، من أهم هذه المشاكل رفضه وعدم رضاه أن أقضي بعض الأيام خارج منزلي، بالرغم أنه كان يعرف أنني ممرضة وتمر عليَّ أيام أتحمل بها مسؤولية قسم الأطفال في الفترة المسائية، لقد كان في فترة الخطبة يأتي كل مناوبة لي ويبقى للفجر قريبًا من المستشفى، وظننت أن ذلك الأمر من باب محبته لي ولكن تبين فيما بعد أنه يشك في تصرفاتي وأخلاقي".
تضيف هيا: "تناقشت معه كثيراً لكنه لم يقتنع أنه من الطبيعي أن يرسل لي زميل في الليل رسالة محتواها عن المرضى، وتمادى وبدأ يهاجم الزملاء خلال الاتصال بهم وتحذيرهم من الاتصال بي، ليصل به الأمر أن يضربني، قررت الذهاب لمنزل أهلي وإنهاء هذه العلاقة، الطلاق صعب لكنني لم أستطع تحمل هذه التصرفات".
أما نضال ياسين، الذي بلغ من العمر 36 عامًا، فيجد أن الطلاق لم يعد محرمًا كما كان بالسابق، والعامل الاساسي الذي ساهم في تغيير هذه النظرة هو المسلسلات التي تروي هذه القصص بسهولة، يقول ياسين : "اختلفت مع زوجتي ووصلنا إلى مرحلة الطلاق بعد أن قضينا سويًّا 3 سنوات ولدينا طفل، زوجتي تريد مني أن أوفر لها حياة لا أستطيع توفيرها، خاصة بعد تدهور حالتي المادية وفشل مشروع الزراعة الذي كنت أعمل به. صعوبة الحياة والديون المتراكمة، وطلبات زوجتي التي لا ترحم خلقت بيننا خلافات يومية كانت نتيجتها الطلاق للأسف، حاول الأهل مساعدتنا ولكنها لا تريد أن تقتنع أن المال يذهب ويعود، وأن الأصل بالأمور هو الإنسان وجوهره، أعتقد أن الضحية الوحيدة في حالتنا هي الطفل الذي سينشأ في حالة تفكك أسري".
الطلاق يتزايد
بينت دائرة قاضي القضاة أن حالات الطلاق آخذة بتزايد، وبحسب الإحصائية السنوية التي تم اعدادها لعام 2015، ومقارنتها بنسب السنوات السابقة في المحافظات كافة، فقد سجلت الدائرة 22070 ألف حالة طلاق لعام 2015، للزواج الذي وقع في نفس العام الذي يبلغ عدده 81373 حالة.
يقول الدكتور أشرف العمري الناطق الإعلامي باسم الدائرة: أن الإحصائية السنوية أيضًا أظهرت إجمالي حالات الطلاق منسوبًا إلى إجمالي حالات الزواج خلال الأعوام 2011 إلى 2015، فإن مجموع حالات الطلاق من زواج نفس العام يبلغ بـ 221988 ألف حالة، وإجمالي حالات الزواج لهذه الأعوام يبلغ 370099 ألف حالة.
يضيف العمري: في عام 2015، وقع 8472 حالة طلاق بائن بينونة صغرى قبل الدخول، و8689 حالة بائن بينونة صغرى بعد الدخول، في حين بلغ الطلاق البائن بينونة كبرى قد بلغ 730 حالة، ليصل المجموع الكلي 22070 ألف حالة طلاق لعام 2015.
وبالعودة لعام 2012 كانت حالات الطلاق تقارب 17 ألف حالة، في حين في عام 2013 كانت تقارب 18 ألف حالة، وفي عام 2014 كانت تقارب 20 ألف حالة، وهكذا وصولًا لعام 2015، فالأعداد تتزايد لا تتناقص.
وهنالك عدة أسباب تؤدي إلى الطلاق.
عامل التكافؤ والحوار
الدكتور محمود السرحان، مدير مركز القرية الكونية للدراسات والمختص في الشؤون الاجتماعية، يجد أن ارتفاع أعداد الحالات بشكل ملحوظ ما هو إلا نتيجة لعدم التكافؤ بين الطرفين، وهذا التكافؤ يجب دراسته قبل إتمام مرحلة الخطبة ليكون هنالك قواعد سليمة يتم بناء الزواج عليها، فالزواج مشروع يجب وضع خطة له ودراسته من كل الجوانب.
يقول السرحان: "المقصود بالتكافؤ هنا ليس التطابق بل التقارب في المستوى الديني والمادي والاجتماعي والفكري والثقافي والعلمي والعمري أيضًا، كما يكون التقارب كذلك في العادات والتقاليد. ومن المهم أن يواجه الزوجان أي مشكلة تواجهما بالحوار وبالهدوء والبحث عن الحل وأن لا يتم التعامل مع المشاكل بالعصبية والاستعجال بقرار الطلاق، فهذا القرار سينتج عنه آثار سيئة لا يمكن لملمتها تصيب العائلة والأطفال، في النهاية الزواج ليس زواج بين فردين، بل هو أعمق من ذلك فهو زواج بين عائلتين، ويجب التاني في الاختيار ودراسة الموضوع من كل جوانبه".
يتابع السرحان: "من المهم أن يتم تأهيل الخطيبين وتثقيفهما قبل الانتقال إلى مرحلة الزواج، بأهم أسس نجاح الحياة الزوجية، فالزوجين في بداية الزواج يصطدما في الواقع، بعد أن يعيشا في فترة الخطبة حالة مغايرة عن الواقع، لذلك من أهم أسس الزواج الناجح أن تكون فترة الخطبة واقعية حتى لا يشعرا أن العلاقة بينهما قد تغيرت".
دراسة
وفي دراسة أعدتها دائرة الإفتاء العام أظهرت فيها أهم الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق تبين أنه جاء في المرتبة الأولى تهديد الزوج لزوجته، وفي المرتبة الثانية عدم التسامح وإظهار اللطف والمودة بين الزوجين، واحتل تدخل الأهل المرتبة الثالثة.
وجاء في المرتبة الرابعة عدم الالتزام الديني، وفي المرتبة الخامسة جاء عدم استماع كل من الزوجين للآخر، أما المرتبة السادسة جاء عدم تحمل المسؤولية تجاه البيت والأولاد، وجاءت الإمكانيات المادية لتحتل المرتبة السابعة، في المرتبة الثامنة الغيرة وعدم الثقة بين الزوجين.
وقد شملت العينة 2315 حالة طلاق لعام 2014، وتنوعت أسباب الطلاق لكن من الأسباب اللافتة وجود 57 حالة بسبب الخيانة الزوجية، و15 حالة بسبب وسائل الاتصال الحديثة "كالخلوي والإنترنت والتلفزيون". وهناك العديد من قصص الطلاق المتعددة، ومن أغربها اختلاق الزوج أمورًا بشتى الطرق والوسائل والمؤامرات من أجل الهروب من إعطاء الزوجة حقوقها الشرعية.
aXA6IDMuMTQ0LjIwLjY2IA== جزيرة ام اند امز