علماء: شيخ الأزهر يتصدى للعولمة بـ"عالمية الإنسانية"
علماء أزهريون قالوا لـ"العين" إن خطاب شيخ الأزهر بفرنسا دشّن "عالمية الإنسانية" لوقف العولمة التي "لا ترتقي بمصافّ الإنسان"
أجمع علماء أزهريون على أن خطاب فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب، في الملتقى الثاني للحوار بين حكماء الشرق والغرب بالعاصمة الفرنسية، يتصدى لمفهوم العولمة بـ"عالمية الإنسانية"، والتي تضمنها الإسلام في مبادئه العامة.
واعتبر العلماء الأزهريون، في أحاديث منفصلة لبوابة "العين" الخطابَ، بمثابة "رسالة تاريخية"، سيكون لها صدى كبير لدى المجتمعات الغربية، لا سيما في إعادة رسم التعامل مع المسلمين في بلادهم.
إنه "خطاب تاريخي وعميق... حمل مفهوم عالمية الإنسانية"، بتلك الكلمات وصف الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خطاب شيخ الأزهر، معتبرا أن الرسائل العظيمة التي وجهها الدكتور أحمد الطيب تحدثت بلسان الإسلام الذي هو في حقيقته رحمة للعالمين كافة.
وأضاف العالم الأزهري الذي يشغل أيضًا منصب عضو مجمع البحوث الإسلامية في تصريح خاص لبوابة "العين": رأينا كيف شرحت هذه الرسائل المبادئ العامة للإسلام والتي تعتمد على مفهوم العالمية الإنسانية، وهو ما سعى شيخ الأزهر إلى توصيله للعالم من خلال هذا اللقاء، إلى جانب توضيح صحيح الإسلام لإزالة ما فعله بعض المنتسبين للإسلام من خلال سلوكياتهم التي لا تتفق مع هذه المبادئ.
وتوقع عضو هيئة كبار العلماء أن يترتب على هذا الخطاب ما وصفه بالأثر الطيب الذي يزيل السلبيات ويستبقي الإيجابيات في تعامل الغرب مع المسلمين، لافتًا إلى أن شيخ الأزهر "بلّغ الرسالة وأتم الأمانة في مخاطبة الغرب وما على الغرب سوى استعمال عقله إعمالا طيبا ومحايدا".
ومتفقًا معه، ومتعمقًا فيما جاء بخطاب شيخ الأزهر، قال الدكتور سيف رجب قزام عميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر فرع طنطا لـ"العين": عندما يدعو شيخ الأزهر المسلمين دعاة وأئمة الغرب للانتقال من فقه الأقليات لفقه الاندماج ويقول لمسلمي الغرب إن المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية، فهو بذلك يثبت أن الإسلام دين يفتح ذراعيه للمواطنة وقبول الآخر ونبذ الأقليات والتعصب لسياسة معينة".
وتابع العالم الأزهري: هذا خطاب يخاطب العقل الغربي، ويقول للغرب إن الإرهاب ليس محصورًا عندنا فكلنا نكتوي بنار التعصب، وعدم العدالة في التعامل مع أي دين سيضر بالجميع.
وعبر سيف عن سعادته في خروج مؤسسة الأزهر بهذا الخطاب في هذا التوقيت حيث اعتبر الخطاب يأتي في توقيت بالغ الأهمية، خاصة في الوقت الذي يعاني فيه الجميع من الإرهاب.
وأضاف: فضيلة الإمام وجّه هذه الرسائل في وقت يصدر آخرون سلوكيات تجعل البعض يفهم بالخطأ أن هذا هو الإسلام، لذا لزم التوضيح والتنبيه من جانب الأزهر للعالم.
ومتحدثًا عن أهمية التوقيت أيضًا، قال دكتور محمد عبد العاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية كلية التربية جامعة الأزهر: هذا الخطاب يأتي عقب سفر الإمام لروما ولقاء تاريخي بينه وبين بابا الفاتيكان، وكونه يتحدث بهذا العمق، فسيكون لهذه الزيارة صدى أكبر مما أحدثته زيارات وخطابات سابقة.
وأضاف العالم الأزهري: الإمام الأكبر كان يتحدث باسم مؤسسة الأزهر التي تمثل أكثر من ٩٠٪ من مسلمي العالم ممن يتبعون منهج أهل السنة والجماعة، والمفردات التي تناولها في الصميم ومنتهى العمق، وتعني ثبات قدمه وأنه ليس مرتعشا وهو يتحدث للغرب.
وبحسب رئيس قسم الدراسات الإسلامية، فإن شيخ الأزهر أبلغ الغرب بطريقة غير مباشرة بأنهم السبب في الإرهاب الذي يعانون منه.. فعندما تهوّدون القدس وتكيلون بمكيالين وتهمشون المسلمين تحولون الشباب للإرهاب.
ووصف العالم خطاب شيخ الأزهر بـ "المفردات القوية والعميقة" مشيدًا بنقده للغرب في عقر دارهم، على حد قوله.
واتفق العلماء الثلاثة على أن شيخ الأزهر، آثر التحدث عن عالمية الإنسانية وليس العولمة التي وصفوها بأنها عولمة اقتصادية لا ترتقي بمصاف الإنسان.
وفي وقت سابق الثلاثاء، وجه الإمام الأكبر خطابًا، أثناء إطلاق الملتقي الثاني للحوار بين الشرق والغرب، تضمن عدة رسائل من بينها دعوته لمسلمي أوروبا إلى أن يعوا جيدا أنهم مواطنون أصلاء في مجتمعاتهم، وأن المواطنة الكاملة لا تتناقض أبدا مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية.
وطالب شيخ الأزهر بالانتقال من فقه الأقليات إلى فقه الاندماج والتعايش الإيجابي مع الآخرين، موضحًا أنه لا ينبغي أن تكون بعض القوانين الأوروبية التي تتعارض مع شريعة الإسلام حاجزا يؤدي إلى الانعزال السلبي والانسحاب من المجتمع.
ورأى شيخ الأزهر أن العولمة مثلت مرحلة جديدة على طريق الصراع العالمي ولا بد من استبدالها بـ "العالمية"، حيث أدت العولمة إلى تدمير هوية الشعوب وخصائصها التي خلقها الله عليها.
ومفسرًا العالمية، قال إنها ما عبر عنه شيوخ الأزهر في القرن الماضي من الزمالة العالمية أو التعارف كحل لانقسام العالم وتكريس الثنائيات الحادة التي تنتهج الصراع وتشعل الحروب.
وأضاف الإمام الأكبر أن عالمية الإسلام تنظر إلى العالم كله على أنه مجتمع واحد تتوزع فيه مسئولية الأمن والسلام على الجميع.
كما دعا جميع صانعي القرار والمؤثرين فيه بتحمل مسئولياتهم لصد الإرهاب العالمي وأيضا التصدي لمحاولات تهويد القدس، لافتًا إلى أن حل القضية الفلسطينية يمثل مفتاح المشكلات الكبرى التي تعيق التقاء الشرق بالغرب وتباعد ما بين الشعوب وتؤجج صراع الحضارات.
وكان الإمام الأكبر عقد الاثنين لقاء قمة هو الأول من نوعه مع البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، في العاصمة الإيطالية روما، وتم الإعلان عن استئناف الحوار بين الأزهر الشريف والفاتيكان والإعداد لمؤتمر عالمي للسلام برعاية المؤسستين الدينيتين.
aXA6IDE4LjExNi40MC4xNTEg جزيرة ام اند امز