المصريون حائرون بين الجنيه "الورقي" و"المعدني" قبل شهر رمضان
قرار البنك المركزي المصري بإعادة طباعة الجنيه الورقي وطرحه في الأسواق مع بداية شهر رمضان المبارك يثير تساؤلات المصريين عن أسباب القرار
في إجراء مفاجئ، قرر البنك المركزي المصري إعادة طباعة الجنيه الورقي "البنكنوت" مرة أخرى وطرحه في الأسواق مع بداية شهر رمضان المبارك، وذلك بعد سنوات من توقف طباعة العملة الورقية فئة "جنيه، 50 قرشا، 25 قرشا"، مما أدى إلى اختفائها من الأسواق.
وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري في تصريحات له إن 500 مليون من فئة الجنيه الورقي المصري ستكون متداولة في الأسواق بداية من شهر رمضان، وموقعة باسم محافظ البنك المركزي، معللا ذلك باحتياج الأسواق للجنيه الورقي.
وأشار إلى أنه لم يتم وقف التعامل بالجنيه الورقي خلال السنوات الماضية ولكن توقف طباعته هو ما أدى إلى قلة تواجده بالأسواق، كما أكد أن الجنيه الورقي الذي يحمل توقيع الدكتور فاروق العقدة والدكتور محمد ابو العيون المحافظين السابقين يسمح بتداولهما حتى الآن.
وكان المصريون قد أوقفو التعامل بالعملات الورقية من فئة الجنيه وما دونه في تعاملاتهم اليومية فور انتشار الجنيهات المعدنية، وهو ما أعطى انطباعا لدى الكثيرين بانتهاء عصر هذه العملة حيث بدأ يتعامل البعض معها بصفتها عملات مزورة أو تراثية تعبر عن حقبة معينة من التاريخ، على خلاف قانونية التعامل بها.
خبراء مصرفيون لم يسلموا بفكرة احتياج الأسواق المصرية للعملات الورقية كدافع لمحافظ البنك المركزي لإعادة طباعتها، حيث ذهب بعضهم الى أن السبب الحقيقي وراء ذلك هو ارتفاع تكاليف سك الجنيه المعدني، مع احتياج الاقتصاد المصري حاليا إلى اتباع سياسات التوفير في التكاليف والمدفوعات خاصة مع ارتفاع الدولار المتزايد، فيما ذهب آخرون إلى أنه بالأخذ في الاعتبار طوال العمر الافتراضي للجنيه المعدني مقارنة بالورقي، فإن الجنيه المعدني يكون أقل في التكلفة، وأن اختفاء العملات المعدنية في الأسواق هو سبب العودة لطباعة المعدن معللين ذلك باستخدام العملات المعدنية في صناعات أخرى كالمفاتيح وغيرها.
ومع كثرة التفسيرات لهذه الخطوة المفاجئة للبنك المركزي المصري، تعددت التساؤلات أيضا حول أسبابها الحقيقية، وهل فعلا رصدت الحكومة المصرية حالات لسوء استخدام العملة المعدنية بدخولها في عمليات صناعات أخرى بعد صهرها، حيث قال علاء سماحة رئيس بنك بلوم مصر ومساعد وزير المالية الأسبق إنه لو صحت تلك الرؤية، فإنها تعد ملايين مهدرة تضيع على الاقتصاد المصري.
وقال سماحة لـ"بوابة العين" إن هناك حاجة الى دراسة الخطوة وقراءتها جيدا لتكوين انطباع أو وجهة نظر حول القرار بعد تحديد مسبباته ودوافعه، ولا ينفي ذلك دور الرقابة الحكومية على الجهات التي تستخدم العملات المعدنية بطرق سيئة.
ورغم عدم ورود أي معلومات لمصلحة سك العملة التابعة لوزارة المالية ببدء طباعة الجنيه الورقي أو تقليل سك المعدني -بحسب رواية محمد السبكي رئيس المصلحة – إلا أن المصريين تناقلوا الخبر بشيء من الترحاب وأبدوا استعدادا لتقبل تداول الجنيهات الورقية في التعاملات اليومية من جديد.
محمود خالد، موظف في شركة صرافة بالقاهرة، قال إنه حتى الآن لم نتعامل بالجنيهات الورقية، لكننا على أتم استعداد للتعامل بها في حال تداولها وتقبلها بالأسواق المصرفية.
وأضاف أنه بحكم تجربته كمواطن مصري فإن بداية هبوط قيمة الجنيه نظريا بدأت بتحويله إلى العملات معدنية، منذ هذا الحين اختفت عملات أخرى من فئة (5، 10، 20) قرشا حتى أصبح الجنيه في نظر الكثيرين هو أقل فكة متداولة، ومنذ هذا الحين وأقل سلعة بخسة الثمن في الأسواق المصرية تباع بجنيها بعدما كانت قيمتها 5 أو 10 قروش.
وتوقع المواطن المصري أن يقبل المصريون على التعامل بالجنيه الورقي، لكنه طالب بإجراءات حقيقية لاستعادة قيمة الجنيه أمام الدولار، معتبرا أن هذا القرار لا علاقة له بخطط الحكومة لمواجهة أزمة الدولار لكنه مجرد إجراء شكلي لا أكثر ولا أقل.
من جهته، اعتبر محمد فتحي رئيس الخزانة العامة بوزارة المالية أن النقص الملحوظ في العملة المعدنية هو السبب وراء طباعة الفئة الورقية من الجنيه، مشيرا إلى أن آلاف المصريين قررو الاحتفاظ بالعملات المعدنية المطبوع عليها صورة "قناة السويس الجديدة" وهو ما أدى إلى نقص العملات المعدنية وإحداث خلل في التداول.
ولا تزال هناك حالة من الجدل في الأوساط المصرية عن سبب إعادة الجنيه الورقي إلى الأسواق المصرفية، بغض النظر عن تقبل المصريين له ولو حتى من باب استرجاع الذكريات، لكن المعضلة تكمن في الأسباب الحقيقية وراء تلك الخطوة.