رئيسة المجلس الاتحادي أمل القبيسي تشدد على ضرورة التعاون من أجل القضاء على الإرهاب الذي يهدد الحضارة البشرية وتقدمها
أكدت الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، أن الإرهاب يشكل تهديدًا خطيرًا للحضارة البشرية وتقدمها، وقالت إنه يقع على عاتقنا جميعًا مسؤولية أخلاقية تحتم علينا القيام بأقصى الجهود لكي نمحو هذا الإرهاب وجميع أشكاله من على خارطة العالم، من أجل أن نتمكن من توفير مستقبل آمن ومشرق لأجيال المستقبل.
وأضافت القبيسي، في كلمة ألقتها بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي بعنوان "الأديان ضد الإرهاب"، والذي بدأت أعماله في العاصمة الكازاخستانية أستانا الثلاثاء، "نحن في حاجة إلى تحريك جهودنا المشتركة من أجل تحقيق تقدم ملموس وحقيقي في الحرب على الإرهاب".
وشددت القبيسي على أنه "يجب على جيلنا هذا أن يتمتع بالبصيرة والقوة الابتكارية في حربه على الإرهاب بالطريقة نفسها التي تمكنا من خلالها من ابتكار طرق جديدة في مكافحة الأمراض واختراع تقنيات ثورية غيرت عالمنا".
وأكدت القبيسي أن الوقت حان لكي نقوم بتطوير وتنفيذ إستراتيجية شاملة متعددة الأبعاد، لمواجهة الإرهاب وأن ندعمها ونتوحد في جهودنا وإرادتنا بغض النظر عن الدين أو العرق الذي ننتمي إليه.
وضم وفد المجلس الوطني الاتحادي المشارك في فعاليات المؤتمر عبدالعزيز عبدالله الزعابي النائب الثاني لرئيس المجلس، وسعيد عبدالله المطوع، وجمال محمد الحاي، وخلفان عبدالله بن يوخه، وعفراء راشد البسطي أعضاء المجلس، وحمد راشد الحبسي القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة دولة الإمارات بكازاخستان.
وافتتح فعاليات المؤتمر قاسم جومارت توقايف رئيس مجلس الشيوخ الكازاخستاني برعاية نور سلطان نزارباييف رئيس جمهورية كازاخستان، وبمشاركة سياسيين وبرلمانيين وزعماء أديان من مختلف دول العالم.
وأضافت القبيسي: "الأعمال الإرهابية ما هي إلا شكل من أشكال المرض الخطير، وعلينا أن نعالج أعراضه من خلال اتباع خطوات مباشرة والعمل على حلها، ومن أجل أن نحقق نجاحًا حقيقيًّا فإن علينا علاج المرض من جذوره".
وأشارت إلى أن "لهذا المرض العديد من الأوجه مثل الفقر، والجهل، والتعصب الأعمى، وعدم التسامح وأيضا من مسببات الإرهاب ظهور مليشيات مسلحة وكلها آتية من مصدر واحد، أو لها أصل واحد، ألا وهو التعطش للقوة والسيطرة".
وأكدت القبيسي أنه "يمكننا هزيمة هذا المرض والطريقة الوحيدة من خلال اتباع منهج أو أسلوب شامل يكون لدينا من خلاله الإرادة لحشد موارد أكبر بطريقة مستدامة من أجل القضاء على الفقر؛ لأن الفقر يولد التطرف وقد انتشرت الجماعات الإرهابية بشكل رئيسي في المناطق الأكثر فقرًا في العالم".
وتابعت: "تشير تقارير الأمم المتحدة اليوم إلى وجود أكثر من 830 مليون إنسان حول العالم ممن يندرجون تحت مسمى "الفقراء العاملون"، وهم الذين يعيشون على أقل من 2 دولار في اليوم، إضافة إلى هذا فإن الغالبية العظمى من الناس الذين يعيشون في فقر مدقع أي الذين يحصلون على أقل من 1.25 دولار أمريكي في اليوم، يتركزون في مناطق جنوب شرق آسيا ومناطق جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا.. إنها لمأساة حقيقية، ولكم أن تتخيلوا كيف يدبر هؤلاء الناس أمور حياتهم وكيف يعيشون".
وقالت القبيسي: "هناك حاجة لوضع خطة شاملة تستهدف الحق في التعليم، وتدعم قيم التسامح والاحترام، فالتعليم قد يكون السلاح الأكثر فاعلية في مكافحة التفكير المتطرف وهو أقوى أسلحتنا التي يمكننا استخدامها لمكافحة الجهل والتعصب، وهذا الأمر يتضمن التعليم في المنزل، والتعليم في الصف المدرسي، والتعليم والمعلومات على الإنترنت ومن خلال الإعلام، خاصة الإعلام الاجتماعي، إضافة إلى التعليم والتنوير في مراكز العبادة في بلادنا".
وأردفت قائلة: "علينا الاستثمار في أنظمة المعرفة والتنمية الاقتصادية من أجل خلق فرص عمل وفتح باب الأمل لأجيال المستقبل"، مشيرة إلى أنه ومن المعروف أن البطالة هي أفضل صديق للمتطرفين والإرهابيين، وهي الأرض الخصبة التي يزدهرون فيها وهي المصدر الأول لقوتهم وانتشارهم؛ حيث تقدر الأمم المتحدة أن عدد العاطلين عن العمل حول العالم يتجاوز 200 مليون شخص.
وأكدت رئيسة المجلس الوطني الاتحادي أنه يمكن للقادة الدينيين لعب دور قوي جدًّا في الحرب ضد الإرهاب بفضل المكانة العالية والاحترام الذي يتمتعون به، وكذلك الأثر الهائل الذي يتركونه في نفوس الجماهير، موضحة أن الدين يمنح الناس منظومة من القيم التي تقودهم وترشدهم وهي موجودة لدى مختلف الناس حول العالم.
ونوهت القبيسي إلى أنه "على القادة الدينيين من جميع الأديان نبذ الأشخاص الذين يستخدمون الدين لتعزيز أفكارهم المتطرفة وفضحهم، فلا يمكننا أن نسمح لصوت التطرف أن يعلو فوق صوت العقل والمنطق".
وأكدت القبيسي أن "الإرهاب هو استخدام العنف بهدف الوصول للقوة والسيطرة لتحقيق غايات وأهداف وأجندات خارجية، وأن الإرهاب الجاري في منطقة الشرق الأوسط ليس له علاقة أبدا بالإسلام القائم على تعاليم الانفتاح والتعايش بسلام وتقبل الآخرين الذين ينتمون للديانات الأخرى، والإسلام يعلمنا الحب والعفو".
وأشارت إلى أنه لا يجب مقارنة الإسلام الوسطي بالإسلام المتطرف، فهناك إسلام واحد فقط ألا وهو الإسلام الوسطي المتسامح والمتقبل للآخر، منبهة إلى أن الدين الإسلامي تعرض للاختطاف من قبل هؤلاء الإرهابيين ومليشياتهم المسلحة واستخدموه في خدمة أجنداتهم الهدامة من أجل الوصول إلى السلطة والسيطرة.
وحذرت من أن بعض وسائل الإعلام تقوم أحيانا بمساعدة قضية الإرهاب بشكل غير مقصود من خلال الاعتماد على مبدأ التهويل والإثارة، أي الميل لاستخدام الإثارة والتهويل على حساب الدقة؛ حيث تقوم أحيانا بتهويل بعض الكلمات والأحداث الخاصة ببعض القادة الدينيين المحليين المضللين، وفي المقابل لا تولي هذه الوسائل اهتماما كافيا تجاه كلمات وأفعال آلاف وملايين الرجال والنساء المتدينين الوسطيين والعقلاء.
وطالبت القبيسي بنبذ ورفض أي علاقة أو رابط بين الإرهابيين والإسلام بما في ذلك أسماء هذه المنظمات الإرهابية، لأن وجود كلمة إسلام كجزء من أسماء هذه المنظمات يؤدي إلى نشوء رابط بين الإرهاب والدين في العقل الباطن لكثير من الناس وينتج عن هذا الأمر تمييز عنصري ضد المسلمين، ما يعني أن هذا الأمر يساعد الإرهابيين والمتطرفين على تحقيق مآربهم بشكل غير مباشر.
وشددت على أهمية التركيز على دور الشباب؛ لأنهم طاقة الحاضر والمستقبل، مشيرة إلى أن الشباب الذين ينخرطون في صفوف الإرهاب يعانون من رؤية مستقبلية ضبابية ولذا فهم يتطلعون لإعادة إنتاج الماضي وفق أهوائهم وما يدور في مخيلتهم.
ولفتت إلى قضية غياب تمكين المرأة، مؤكدة أن النساء يعتبرن من أكثر فئات المجتمع تأثرا بتبعات الإرهاب لأنهن أكثر عرضة للأذى الجسدي والنفسي، فالمرأة قد تخسر زوجها، أو والدها، أو أطفالها، بعضهم أو جميعهم، وقد تتعرض للاغتصاب، وقد تحمل من أحد الإرهابيين.. فالنساء هن أكثر الناس عرضة مثلهن مثل الأطفال وهن أكثر من يعاني من الإرهاب.
وأكدت القبيسي أهمية تكاتف الجهود بين البرلمانيين والقادة الدينيين والبرلمانات والحكومات من مختلف أنحاء العالم للعمل معا أو بشكل فردي من أجل تطوير تشريعات وقرارات من شأنها المساعدة على الترويج لقيم التسامح والتعايش وقبول الآخر، ودعم الحق في التعليم، وتوفير فرص أكبر للشباب.
وقالت القبيسي إن دولة الإمارات العربية المتحدة في هذه الأيام قامت باتخاذ خطوات متقدمة من أجل مكافحة المتطرفين والتفكير المتطرف، موضحة أنه ومع انغماس العالم في صراعات حول الهوية تتمتع الإمارات العربية المتحدة ببيئة تتعايش فيها 202 جنسية مختلفة، وأن قيام حكومة الإمارات بإنشاء وزارة دولة للتسامح يرجع لكون القيم جزءًا من عملية صناعة السياسة والتشريعات في البلاد.
وتابعت: "الاحترام هو أيضًا من القيم المتأصلة في مجتمعاتنا، لأن عالمًا من دون احترام هو عالم معرض للصراعات، ولقد سعينا لجعل قوانيننا متوافقة مع قيمنا وقامت الإمارات مؤخرًا بسن قانون هو الأول من نوعه في العالم العربي، يجرم كل أشكال التمييز بين الناس على أساس العرق، أو الدين، أو اللون، أو الأصل العرقي".
وأوضحت القبيسي أنه وإدراكًا من قيادة الدولة لأهمية الدور الرئيسي الذي يلعبه الشباب تم تعيين أصغر وزيرة في العالم "وزيرة دولة للشباب"، البالغة من العمر 22 عاما، وتم إنشاء مجلس الشباب من أجل منح الشباب والشابات الفرصة للمشاركة في العملية السياسية والمساعدة على تشكيل المستقبل الذي يريدون أن يكونوا جزءًا منه.
واستعرضت القبيسي جهود دولة الإمارات في مكافحة الإرهاب، مؤكدة أن الإمارات تعد جزءًا من تحالف دولي يهدف إلى مكافحة التطرف، وقامت بتأسيس مركز "هداية" وهو عبارة عن مشروع شراكة دولية يهدف إلى القضاء على التطرف، وكذلك مركز "صواب"، والذي يسعى إلى مكافحة التطرف على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تأسيس المجلس الإسلامي الذي يعمل على توحيد جهود العلماء المسلمين الرامية إلى ردع محاولات تشويه تعاليم الدين الإسلامي.
وأضافت: "نجتمع رجالا ونساء وقادة سياسيين على حد سواء وندين الإرهاب ونعتبره أمرًا غير مقبول وبغيض ترفضه جميع الأديان، ونؤكد ألا نسمح للإرهاب بتغييرنا أو تغيير قيمنا التي نعيش وفقا لها، ولا يمكننا أن نقايض الأمن بالكرامة، ولا يجب أن نسمح للإرهاب بتغيير معتقداتنا وقيمنا".
وقالت في ختام كلمتها: "دعونا نطور من خلال هذا المؤتمر المهم والمنعقد في الوقت المناسب، مجموعة من البيانات الشاملة والقابلة للتنفيذ، ودعونا نتعهد بمتابعة هذه التوصيات من خلال خلق آليات متابعة مناسبة، فالمخاطر المحدقة بنا كبيرة ونحن في حاجة لإتباع كلماتنا بأفعال على أرض الواقع، والإنسانية هي الفكرة التي علينا حمايتها والدفاع عنها في وجه الإرهاب وهي التي على المحك في هذه الحرب".
aXA6IDMuMTQ1LjEwNS4xNDkg
جزيرة ام اند امز