رياح لقاء كوهين "تقتلع" وزيرة خارجية ليبيا.. امتصاص لغضب الشارع؟
ارتدادات اللقاء بين وزيري خارجية إسرائيل إيلي كوهين، وليبيا نجلاء المنقوش، لم تهدأ في كلا البلدين، وإن كانت على أشدها في البلد الأفريقي.
ففي ليبيا، أثار اللقاء "السري" الذي جرى في روما، وأعلنت عنه تل أبيب، موجة استنكار وتنديد، على الصعيدين الرسمي والشعبي، وصلت إلى حد وقف الوزيرة عن العمل، وسط أنباء عن إقالتها.
وبحسب ما نقلته "رويترز" عن مصدر حكومي ليبي، أقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، عبدالحميد الدبيبة، وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، على خلفية لقائها مع نظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين في روما.
ولم تعلن حكومة الدبيبة، رسميا إقالة المنقوش، لكنها أوقفتها عن العمل مساء أمس، وأحالتها للتحقيق.
تنديد واسع
وفي معرض ردود الفعل الغاضبة، أدانت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي، بأشد العبارات ما قامت به المنقوش بلقائها مع وزير خارجية إسرائيل، مطالبة بتوقيع أشد العقوبات عليها.
ودعت اللجنة في بيان لها إلى "إيقاف نشاط المنقوش الذي تمثل فيه الدبلوماسية الليبية بالتجاوز لقرارات مجلس النواب ومنعها من ممارسة أية أعمال أو مهام قد تقوم من خلالها بتوريط الدولة الليبية في التزامات لا تتفق مع قيم الشعب الليبي و ثوابته الوطنية والخلافية وبالمخالفة للقوانين والتشريعات النافذة في ليبيا".
وأعربت اللجنة عن استهجانها لتصرفات حكومة الوحدة الوطنية، معتبرة أنها "تهدف لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة من أجل البقاء في السلطة من خلال تقديم التنازلات على حساب الثوابت الوطنية ومخالفة القوانين الليبية" وفقا للبيان.
إلى ذلك، أعلن المجلس البلدي في مصراتة متابعته مع مجلس الحكماء والأعيان بالبلدية لما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة حول اللقاء.
واستنكر المجلسان في بيان مشترك ما قامت به وزيرة الخارجية، وأيدا ما قام به رئيس مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطيئة من إحالتها إلى التحقيق وإيقافها عن العمل.
كما أعلن ما يعرف بـ"الاتحاد الليبي العام للشهداء" رفضه واستنكاره لما قامت به وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية.
وطالب الاتحاد في بيانه بعزل المنقوش فورا ومحاكمتها هي ومن كان داعما لها ومن شاركها في هذا العمل".
عاصفة في إسرائيل
وكما في ليبيا، أثار اللقاء، جدلا واسعا في الأوساط السياسية الإسرائيلية.
إذ تركزت موجة الغضب على الأسباب التي دفعت حكومة بنيامين نتنياهو للكشف عن اللقاء "السري" الذي عقد، الأسبوع الماضي، بين كوهين والمنقوش.
واعتبرت المعارضة الإسرائيلية أن الكشف عن اللقاء "خطأ سببه محاولة الحكومة تصدر عناوين الصحف والجدل".
دفاع الحكومة
الحكومة الإسرائيلية من جهتها، دافعت عن قرارها في الكشف عن اللقاء، مشيرة إلى أنه "تم بالاتفاق بين البلدين".
ونقلت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي، عن مصادر سياسية رفيعة في إسرائيل، قولها إن اللقاء "لم يكن صدفة كما تقول وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية، وإنما كان متفقا عليه مع الوزيرة الليبية مسبقا وتم في وزارة الخارجية الإيطالية بروما".
وأضافت المصادر "كان من المتفق عليه أن يتم الإعلان عن اللقاء، غدا الثلاثاء".
فيما تحدث مصدر رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن "الحديث يدور عن لقاء تاريخي وهام يخدم المصالح الليبية في الحصول على اعتراف من الدول الغربية".
ووفق المصدر فإنه "تم التفاهم على هذا اللقاء مع مسؤولين من ذوي المناصب الرفيعة جدا في ليبيا" دون أن يذكر أسماءهم.
ولم تنجح هذه التفسيرات في وقف هجوم المعارضة الإسرائيلية على الحكومة.
غضب المعارضة
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة يائير لابيد، أن "ما حدث مع الوزيرة الليبية هو عمل هواة يفتقر إلى المسؤولية وفشل ذريع"، مستطردا "هذا عار وطني وتعريض حياة إنسانة للخطر فقط بسبب الإسراع لتصدر العناوين".
أما وزير الدفاع السابق بيني غانتس فكتب "العلاقات الخارجية لدولة إسرائيل هي مسألة حساسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الدول العربية وبالتأكيد تلك التي لا تربطنا بها علاقات رسمية".
وتابع "عندما تفعل كل شيء من أجل العلاقات العامة والعناوين الرئيسية، دون أية مسؤولية أو تفكير، فهذا ما يحدث سواء في العلاقات الخارجية أو الأمن أو الاقتصاد أو التعليم.. حكومة (بنيامين) نتنياهو حكومة مهملة وفاشلة ويجب أن تنتهي أيامها".
إجراءات "عقابية"
ودفع نشر أخبار عن اللقاء أمس الأحد، إلى اقتحام متظاهرين، مبنى وزارة الخارجية في طرابلس، وإضرام النيران في الطرقات، مطالبين رئاسة الوزراء بإسقاط الحكومة.
في هذه الأثناء، أوقف رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، التي لا تعترف بإسرائيل وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عن العمل.
وبحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الليبية، جرى تكليف وزير الشباب، فتح الله عبد اللطيف، بتسيير العمل في وزارة الخارجية مؤقتا.
وتضمن القرار "تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة وزيرة العدل وعضوية وزير الحكم المحلى، ومدير إدارة الشؤون القانونية والشكاوي بمجلس الوزراء".
وتتمثل مهمة هذه اللجنة، في "التحقيق إداريا مع وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بشأن ما ورد في التقرير المقدم إلى رئيس مجلس الوزراء فيما يخص الإجراءات المتخذة من قبلها".
بدوره، أعلن جهاز الأمن الداخلي في ليبيا، منع المنقوش من السفر، نافيا التقارير الإعلامية التي تحدثت عن سفرها خارج البلاد بعد زوبعة اللقاء.