"التحضر" ضمن 4 أسباب لانتشار الأمراض حول العالم
الفيروسات والبكتريا يمكنهما الانتشار حول العالم الآن بفعالية أكبر مما مضى، فتصيب الأطباء والنظم الصحية والأجهزة المناعية للبشر فجأة
خلال العقد الماضي، أعلنت منظمة الصحة العالمية الطوارئ الصحية 4 مرات، اثنتان منهما خلال العامين الماضيين بسبب وباء "إيبولا" في غرب إفريقيا، وظهور "زيكا" الذي انتشر عن طريق الأمريكيتين.
وهناك عدة مسببات لموجات تفشي الأمراض القاتلة، منها أن الفيروسات والبكتريا والفطريات يمكنها الانتشار حول العالم الآن بفعالية وسرعة أكبر مما كان يحدث في الماضي، وعندما تظهر فجأة في أماكن جديدة تصيب الأطباء والنظم الصحية والأجهزة المناعية للبشر على حين غرة.
إليك 4 أسباب رئيسية، يرى موقع "فوكس" الأمريكي أنها تقف وراء انتشار الفيروسات وغيرها من الأوبئة حول العالم:
1- كثرة السفر والتجارة والتواصل
عاش البشر طوال الفترات الممتدة للتاريخ في فرق مختلفة صغيرة كانت معزولة نسبيًا عن بعضها البعض، ولم يظهر هذا التواصل الواسع بين البشر والنباتات والحيوانات من كلا العالمين القديم والحديث إلا في الآونة الأخيرة نسبيًا، حسب ما كتبه باحثون في ورقة بحثية عن النقل العالمي وانتشار الأمراض المعدية.
كما ساعد انتشار الإبحار في القرن الـ14 على انتشار الطاعون المميت حول العالم من خلال حمل الفئران على القوارب.
ثم أدت تجارة العبيد في القرنين السادس عشر والسابع عشر إلى نقل "الزاعجة المصرية" إلى الأمريكيتين من غرب إفريقيا، وهي البعوضة المسئولة الآن عن انتشار فيروسات مثل زيكا، والحمى الصفراء، وحمى الضنك.
وأدى السفر الجوي إلى تغيير كل هذا، فيقول دوان جوبلر أخصائي الأمراض المعدية، إنه أصبح يوجد الآن هذه المواصلة الحديثة أو العولمة التي تنقل الحيوانات والبشر السلع، ومسببات الأمراض حول العالم.
عندما ينتشر إحدى مسببات المرض في مكان جديد، يكون السكان أكثر عرضة بيولوجيًا للإصابة بهذا المرض؛ لأن أجهزتهم المناعية ربما لم تتعرض له من قبل ولا تمتلك أي خبرة في كيفية صده.
2- التحضر.. كارثة إنسانية ناشئة
يميل البشر الآن للعيش في بيئات حضارية ذات كثافة سكانية عالية، فهناك أكثر من نصف سكان العالم في المدن الآن، وتصبح كل دولة تقريبًا على الأرض الآن أكثر تحضرًا، حتى أن باحثي الصحة العالمية وصفوا هذه الظاهرة بأنها "كارثة إنسانية ناشئة".
ويرجع هذا الأمر إلى أن أغلب البشر لا يعيشون في مدن نظيفة نسبيًا، فوفقًا لجوبلر أغلب المدن ليست مخططة ويعيش عشرات الملايين من البشر الآن في ظروف مزدحمة وغير صحية.
تُعد المدن أرضًا خصبة لانتشار الأمراض، فنجد أن بعوض "الزاعجة المصرية" يزدهر بجوار البشر، وأوضح جوبلر في ورقة بحثية، إنها بعوضة تعيش في المناطق الحضرية المستأنسة بدرجة كبيرة وتفضل العيش مع البشر في منازلهم والتغذي عليهم ووضع بيضها في حاويات اصطناعية يصنعها البشر.
في كل مرة يتفاعل فيها البشر مع الحيوانات هناك فرصة أن تتخطى إحدى مسببات المرض الأنواع وتصيب البشر بالأمراض، وفي وقتنا الحالي حوالي ثلاثة أرباع الأمراض المعدية النائية تنتشر إلى البشر عبر الحيوانات، وهو تهديد صحي جاء مع زيادة الزراعة.
3- انتشار الفقر = تفشي أسوأ
عندما تهاجم الفيروسات الجديدة الأنظمة الصحية الفقيرة أو الضعيفة يصبح لديها فرصة أكبر في الازدهار وقتل البشر.
يُعد وباء "إيبولا" في 2014 و2015 مثالًا على ذلك، فكل أمريكي أصيب بالفيروس القاتل أثناء تلك الفترة تمكن من النجاة، وفي المقابل لم يكن الحال هكذا لأولئك الذين أصيبوا بالفيروس في غرب إفريقيا، حيث توفي 11 ألف منهم.
كان هذا الفرق البارز في النتائج بين المنطقتين يتعلق بتوفر الأموال وإمكانية الحصول على الرعاية الطبية، فيمكن لمرضى "إيبولا" البقاء على قيد الحياة من خلال اتخاذ تدابير صحية مجربة وحقيقية مثل المضادات الحيوية إلى جانب الحصول على الرعاية في المشفى 24 ساعة.
وبينما كان هذا الأمر ممكنًا في المعاهد الوطنية للصحة في مدينة بيثيسدا بولاية ماريلاند الأمريكية، لم يكن كذلك في العديد من الأماكن التي هاجمها "إيبولا"، مثل جوكيدو وغينيا.
ومن ثم، بسبب الفقر والأنظمة الصحية الضعيفة حتى مع وجود التكنولوجيا التي يمكنها إيقاف انتشار المرض لا نتمكن من استخدامها.
يقول عليّ خان مؤلف كتاب "الوباء التالي The Next Pandemic"، إن العوامل السياسية والاجتماعية تلعب دورًا يحدد ما إذا كان هناك حالة أو حالتين أم لا؟ وما إذا كان هناك اندلاع أو وباء أم لا؟ موضحًا أنه قد لا يمكن منع إصابة الحالة أو الحالتين ولكن بالتأكيد يمكن منع حدوث الوباء.
4- الاحتباس الحراري يغذي اندلاع الأمراض
يقول خبراء إنه عند التفكير في الصحة نحتاج إلى التفكير في أهمية العوامل البيئية مثل الاحتباس الحراري، التي تتساوى مع أهمية سلوكياتنا الشخصية أو ربما تزيد عنها أيضًا بعض الأوقات.
في تقرير صدر يونيو/حزيران 2015، جمعت مجلة "ذا لانسيت" الطبية أبرز خبراء العالم في الصحة البيئية، وقالوا إن آثار التغيير المناخي لسكان العالم البالغ عددهم 9 مليارات شخص تهدد بتقويض مكاسب النصف قرن الماضي في التطوير والصحة العالمة، ومن بينها انتشار ناقلات الأمراض.
على سبيل المثال، ينتشر زيكا وحمى الضنك وداء شيكونجونيا من خلال بعوض "الزاعجة المصرية"، ويظن باحثون أن أحد أسباب وصول هذا البعوض مؤخرًا إلى أماكن جديدة وأشخاص أكثر هو التغيير المناخي، فالبعوض يزدهر في البيئات الحارة والرطبة.
على الرغم من ذلك، إلا أن هناك جانبًا إيجابيًّا في هذه الكارثة، لقد وجد الباحثون الذين تحدثوا عن زيادة اندلاع الأمراض المعدية، أنه بينما تزداد أعداد الاندلاع عالميًا إلا أن أعداد حالات اندلاع الأمراض للفرد آخذة في الانخفاض على مر الزمن بالفعل.
aXA6IDE4LjIyMS4xOTIuMjQ4IA== جزيرة ام اند امز