هل حصلت المرأة في مصر القديمة على الخلع؟
نموذج المرأة في مصر القديمة لا يزال مصدر إلهام تتعلم منه سيدات العصر الحاضر، فهل كانت تحصل على الطلاق أو الخلع وحقوقها؟
" إن نموذج المرأة في مصر القديمة لا يزال مصدر إلهام تتعلم منه سيدات العصر الحاضر، فقد كانت المرأة في مصر القديمة تتمتع من النفوذ وتقرير المصير بما لم يتمتع به غيرها في شعوب العالم القديم، بل حتى في العديد من الأماكن اليوم "، وفقًا لتقرير صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وضعت الحضارة المصرية القديمة التشريعات والقوانين التي تنظم حقوق وواجبات المرأة ليس فقط في الزواج، وإنما شملت أيضًا حالة الانفصال والطلاق، وما يترتب عليهم من حقوق اقتصادية للمرأة، أو تعويض مادي مناسب.
كان الزواج في مصر القديمة يمثل رباطًا مقدسًا يجمع بين المرأة والرجل فقد قدس المصري القديم الزواج، وحفظ للمرأة المصرية جميع حقوقها الزوجية، تقول البروفيسور "جانيت جونسون" من جامعة شيكاغو "إن عقود الزواج في مصر القديمة، كانت تصب في مصلحة المرأة وتضمن لها حقوقها حال وقوع الزواج إثر ضغوط من عائلتها، أو أي ظروف أخرى".
وللحد من الطلاق ومن الآثار المترتبة عليه من انهيار للأسرة فقد فرض شروط كثيرة لعملية الطلاق، ويقول د. نشأت الزهري في بحثه -الطلاق في مصر القديمة- "لم يكتفِ الزوج في مصر القديمة بتطليق زوجته شفاهه بقوله لقد هجرتك بصفتك زوجة، بل كان يسلمها وثيقة طلاق مكتوبة تؤكد حريتها وانتهاء العلاقة الزوجية بينهما وتمكنها من الزواج بآخر إذا أرادت".
كان الشهود يوقّعون على وثيقة الطلاق كما توقع وثيقة الزواج غير أنهم كانوا في وثيقة الطلاق 4 شهود بينما في عقد الزواج كانوا 16 شاهدًا، وكانت صيغة الطلاق كالآتي: "لقد هجرتك كزوجة لي، وإنني أفارقك، وليس لي مطلب على الإطلاق، كما أبلغك أنه يحل لكِ أن تتخذي لنفسك زوجًا آخر متى شئتِ".
ولضمان حقوق المرأة في حالة الطلاق كانت عقود الزواج تنص على تعويض مادي مناسب للمرأة، ففي إحدى البرديات المحفوظة في المتحف البريطاني يوجد عقد زواج يرجع إلى عام 172 ق.م، بين الكاهن "باجوش" وزوجته "تتي أمحتب" يتعهد فيه الزوج بدفع تعويض كبير في غضون 30 يومًا في حالة الطلاق.
يضيف "الزهري" أن الزوجة كانت تستحق تعويضًا من المال عند طلاقها علاوة على المهر، بدأ التعويض في العصر الفرعوني بضعف قيمة المهر، وبلغ في العصر البطلمي 5 أضعاف، ويصل إلى 10 أضعاف في الحد الأقصى، وهذا التعويض الكبير إنما كان أسلوبًا لجعل الطلاق صعبًا".
ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن قسم الدراسات الشرقية بجامعة "شيكاغو" كشف عن بردية عمرها نحو 2500 عام، كتبت بـ"الديموطيقية" وهى أحد الخطوط المصرية القديمة، تنص الوثيقة على حصول المرأة على تعويض حال فشل الزواج، حيث تحصل حال الانفصال على 30 قطعة فضة و36 شوالًا من الحبوب كل عام لبقية حياتها، مما يضمن توفير جميع احتياجاتها.
لم يهمل المصري القديم شعور المرأة التي لا تطيق الحياة مع زوج يؤذيها، ويعاملها معاملة لا تليق بها فأعطاها حق إنهاء الحياة الزوجية، وقد فرق المشرع المصري بين حالات الطلاق التي تجبر عليها المرأة، وبين الحالات التى تطلب المرأة فيها الطلاق، أو الانفصال برغبتها عن زوجها، وهو ما يسمى حديثًا "الخلع"، ففي هذه الحالة عليها أن ترد له نصف قيمة المهر الذي تسلمته، وتتنازل عن حقها في عائد أملاك زوجها.
هكذا أحس المصري بآلام المرأة قبل أن تتألم، ففي الوقت الذي قدّس فيه رباط الزواج، أعطى للمرأة جميع حقوقها في حال الطلاق، واعترف بحقها في الانفصال عن زوجها برغبتها، مما جعلها أعلى مكانة من مثيلاتها في معظم الحضارات القديمة.