الأطفال السوريون في تركيا.. براءة مفقودة بحثا عن "لقمة العيش"
في تركيا، لا بد للطفل السوري من العمل لكي يستطيع العيش
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الأطفال السوريين يعيشون وضعا مزريا في تركيا، حيث يتم استغلال حاجتهم وذويهم للمال للعمل ساعات طويلة في أعمال شاقة لا تتوفر فيها أبسط الحقوق الإنسانية في بيئة العمل.
ووصفت الصحيفة في تقرير لها حالة الكثير من الأطفال الذين هربوا إلى تركيا من القتال الدائر في سوريا، مشيرة إلى أن عدد الأطفال السوريين في تركيا يتجاوز المليون طفل سوري يعملون في المصانع والمزارع بدلا من تواجدهم في المدارس لإتمام تعليمهم، وهم يمثلون جيلا سُرقت طفولته بسبب الحرب والظروف المصاحبة لها.
ويشير التقرير إلى نماذج عدة من عمالة الأطفال في تركيا، منها حالة أحمد سليمان، البالغ من العمر 9 سنوات والذي توفى والده جراء إصابته خلال القتال الدائر في سوريا، حيث عمل أحمد في أحد مصانع النسيج التركية في إسطنبول لمدة 4 سنوات كان يقضي فيها 12 ساعة عمل يوميا.
وغير من الأطفال السوريين في مثل عمره، يدفع أحمد ثمنا باهظا جراء جلب قوت عائلته، حيث تقول والدته، زينب سليمان، إنها تريد لابنها أن يعود إلى الانتظام في المدرسة نظرا لعدم معرفته القراءة والكتابة، ولا يستطيع فهم إشارات الحافلات، و"لكن لا خيار لدي سوى أن يعمل لكي نعيش".
وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن "الكثير من الأطفال الذين يأتون إلى تركيا فقدوا سنوات عديدة من التعليم بسبب الحرب، حيث كانت نسبة تعليم الأطفال في سوريا قبل الحرب 99% للمدارس الابتدائية و82% للمدارس الثانوية حسب تقارير اليونيسيف، واليوم أصبح حوالي 3 مليون طفل سوري دون تعليم، وبالنسبة لمن يعيشون في تركيا أصبحت الفجوة التعليمية أكبر وأكثر استدامة".
وفي حين أن هناك أكثر من مليون سوري وصولوا إلى أوروبا، فإن الكثير منهم، وتحديدا 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا ومن ضمنهم عائلة أحمد، قد أجبروا على البقاء في تركيا بسبب الفقر، حيث تتضاءل فرص تحسين دخلهم.
ويشير التقرير أيضا إلى الاتفاقية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، والتي نالت فيها تركيا مليارات الدولارات لوقف زحف اللاجئين إلى أوروبا وحمايتهم من الموت في البحار ولتحسين أوضاعهم، لكنها لم تحسن أوضاع السوريين في تركيا بأي شكل، حيث لا يزال الفقر متفشيا بينهم ولم تلتزم تركيا ببنود الاتفاق التي نصت على بناء مدارس للأطفال وإعطاء تصاريح عمل لذويهم، حيث أصبح المستقبل للاجئين السوريين في تركيا غير معلوم.
وبحسب التقرير، يوجد حاليا أكثر من 400 ألف طفل غير قادرين على الحضور إلى المدارس لأن معظم عائلاتهم يعيشون خارج مخيمات الإيواء، ويحاربون الأجل إيجاد فرصة عمل لتساعدهم في شراء احتياجاتهم الأساسية من طعام وكساء وإيجار وتنقل.
ويشير التقرير إلى أسباب أخرى تدفع الأطفال الى العمل في ظروف سيئة منها استغلال الكثير من أصحاب الأعمال للأطفال السوريين للعمل دون تصريح مقابل أجر زهيد جدا، وعدم قابلية إيجاد فرص عمل جيدة للكثير من العائلات السورية، وظروف الحياة القاسية وغلاء أسعار السلع الأساسية.
وتقول زينب سليمان، والدة الطفل أحمد، أنها لم تعلم بوجود تصاريح عمل خاصة بالسوريين، وأنها قد تركت عملها كعاملة غسيل أطباق في مطعم بعدما ضربها مديرها، عندما اشتكت أن راتبها الشهري، حوالي 90 دولارا، تأخر شهرا كاملا.
وبالنسبة للطفل أحمد، فإنه يقول إن راتبه الشهري، حوالي 60 دولارا، ويساهم به في تسديد جزء من الإيجار المسكن الذي يبلغ حوالي 270 دولارا في الشهر، وهو عبارة عن غرفة يعيش بها مع والدته وأخواته الثلاثة في حي تاربلاسي الفقير في إسطنبول.
ويعمل أحمد 7 أيام في الأسبوع، مغادرا بيته في الثامنة صباحا إلى مصنع النسيج الذي يعمل به، حيث يقضي أيامه في خياطة أزرار القمصان حول ضجيج مكينات الخياطة، ويعطى أحمد راحة لنصف ساعة للأكل خلال يوم عمله.
ويقول أحمد "أنا لا أمانع العمل، والمعاملة هنا ليست سيئة، لابد لي من رعاية عائلتي وهذه هي الطريقة الوحيدة لذلك".
وعند سؤاله رغبته في العودة إلى المدرسة، قال أحمد: "أعلم أهمية المدرسة، لكن بالنسبة لي فإن توفير القوت لعائلتي أهم شيء بالنسبة لي الآن".
فيديو عن الأطفال السوريين المشردين في تركيا: