لقاء الإليزيه.. فرنسا تدفع نحو دولة فلسطينية كاملة السيادة
لقاء جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، في قصر الإليزيه بالعاصمة الفرنسية باريس، مع نظيره الفلسطيني محمود عباس، بحث سبل الوصول لإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة.
وجرى بحث العلاقات الثنائية وسبل دعم جهود السلام وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
إصلاحات سياسية ولجنة لتعديل الدستور
وخلال اللقاء، أكد عباس على التزام دولة فلسطين بجميع الإصلاحات السياسية والإدارية التي التزمت بها أمام المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن لجنة تعديل الدستور الفلسطيني المؤقت شارفت على الانتهاء من عملها.
وأوضح أن هذه اللجنة تعمل على وضع أسس دستورية حديثة تمهيداً للانتقال إلى مرحلة مؤسساتية مستقرة، وأن القوانين الجديدة المتعلقة بالأحزاب والانتخابات ستُلزم المرشحين بالالتزام بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الدولية.
وأكد أن هذه الخطوات تمهد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام من انتهاء الحرب، وفق رؤية وطنية شاملة تستند إلى مبدأ الدولة الواحدة والقانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد.
من جهته، أوضح ماكرون أن الانتخابات ستُجرى «بعد عام من الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة»، والتي تتضمن نزع سلاح حركة حماس.
كما أعلن الرئيسان تشكيل لجنة مشتركة لوضع دستور الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها فرنسا أخيرا.
تحذير من الضم الإسرائيلي وتوعد بالرد
وحذر الرئيس الفلسطيني من خطورة استمرار سياسات الضم والاستيطان الإسرائيلية، مؤكداً أن أي محاولة لتغيير الوضع القائم تمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي ونسفاً لجهود السلام.
وقال إن دولة فلسطين سترد على أي خطوة من هذا النوع بكل الوسائل السياسية والقانونية المتاحة، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في حماية حلّ الدولتين من الانهيار.
ومن جانبه، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن مشاريع الضمّ الإسرائيلية "الجزئية أو الكلية" أو "بحكم الأمر الواقع" عبر الاستيطان في الضفّة الغربية المحتلّة، تشكل "خطا أحمر".
وقال ماكرون إن فرنسا وشركاءها الأوروبيين سيردّون على هذه المشاريع "بقوة" إن نُفّذت.
وأضاف في مؤتمر صحفي عقب لقائه مع الرئيس الفلسطيني في قصر الإليزيه إن "عنف المستوطنين وتسارع مشاريع الاستيطان يبلغان مستويات قياسية جديدة تهدد استقرار الضفة الغربية وتشكل انتهاكات للقانون الدولي".
إشادة بالدعم الفرنسي
وأشاد عباس خلال اللقاء بالدعم الكبير الذي تقدمه فرنسا للشعب الفلسطيني، مجدداً شكره لنظيره الفرنسي على اعتراف بلاده الرسمي بدولة فلسطين، الذي وصفه بأنه خطوة شجاعة تمثل تحوّلاً تاريخياً في مسار العدالة والسلام.
وأكد الرئيس الفلسطيني أن عدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين بلغ حتى الآن 160 دولة، مشيراً إلى أن اعتراف فرنسا، إلى جانب إحدى عشرة دولة أخرى ضمن إطار المؤتمر الدولي وإعلان نيويورك، يمثل نقطة تحوّل تاريخية ورسالة أمل للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والاستقلال.
وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة
وناقش الرئيسان الجهود الدولية والإقليمية لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية وتسليم الرهائن والأسرى، واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
وأكد عباس ضرورة تولي دولة فلسطين مسؤولياتها الكاملة في قطاع غزة تمهيداً لبدء إعادة الإعمار ومنع التهجير والضم، وعودة الاستقرار الدائم، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال ونيل دولة فلسطين استقلالها وفق قرارات الشرعية الدولية.
كما شدد على ضرورة أن تكون جميع المؤسسات الفلسطينية الانتقالية في قطاع غزة تابعة للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها الحكومية، بما في ذلك المعابر، مؤكداً أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية والسيادة عليها.
الأوضاع في الضفة الغربية والقدس
وأطلع الرئيس محمود عباس نظيره الفرنسي على التصعيد الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وما يشمله من استيطان واعتداءات على الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية.
كما أشار إلى الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها دولة فلسطين جراء خنق الاقتصاد الفلسطيني واستمرار إسرائيل في احتجاز أموال المقاصة، داعياً فرنسا إلى الضغط على إسرائيل للإفراج عن الأموال الفلسطينية ووقف الاقتطاعات غير القانونية منها.
إصلاحات اجتماعية وتعليمية شاملة
وفي كلمته أمام الرئيس الفرنسي، أعلن الرئيس محمود عباس أن فلسطين ماضية في تنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية شاملة، تشمل تطوير المناهج التعليمية وفق معايير منظمة «اليونسكو» خلال عامين، وإنشاء نظام موحّد للرعاية الاجتماعية بعد إلغاء قوانين الدفعات الخاصة بعائلات الأسرى والشهداء والجرحى.
وأكد أن الهدف هو بناء دولة ديمقراطية مدنية غير مسلحة، تقوم على سيادة القانون والشفافية والتعددية وتداول السلطة.
معاداة السامية وقتل المدنيين
وجدد عباس رفضه لقتل وخطف المدنيين في أي ظرف، بما في ذلك ما قامت به حركة "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مؤكداً أن معاداة السامية تتناقض مع القيم والمبادئ الفلسطينية، وأن ثقافة الحوار والسلام هي الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار.
وفي ختام اللقاء، دعا الرئيس محمود عباس جميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك، مذكراً بأن دولة فلسطين سبقت أن اعترفت بدولة إسرائيل.
وقال الرئيس الفلسطيني في كلمته الختامية: «المستقبل في السلام لا في الحرب، والأمن الحقيقي لا يتحقق إلا بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال. طريق الحرية بات أقرب من أي وقت مضى، والاستقلال قادم لا محالة بفضل صمود شعبنا وإيمانه بعدالة قضيته».
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg
جزيرة ام اند امز