كيف كانت المدارس والتعليم عند المصريين القدماء؟
المصري القديم اعتبر العلم مقياسا لحضاراته وتطوره بين الشعوب، ولذلك عكف على تعليم الصغار واهتم بتنوير عقولهم بالمواد المتوفرة وقتها
"لا شيء يعلو على الكتب، الإنسان الذي يسير وراء غيره لا يُصيب نجاحًا، ليتني أجعلك تحب الكتب، لا توجد مهنة من غير رئيس لها إلا مهنة الكاتب هو رئيس نفسه، إنّ يومًا تقضيه في المدرسة يعود عليك بالنفع"، جزء من تعاليم خيتي دواوف لابنه بيبي 1300 ق.م في مصر القديمة، يدل على مدى اهتمام الفراعنة بالعلم.
اكتشف المصري القديم قيمة التعليم وجعلها مقياسا لحضارته العظيمة، ومؤشرا لرقيه وتقدمه في الحياة بين الأمم والحضارات الأخرى، فأنشأ المدارس المختلفة والمكتبات العامة، ووضع المناهج التعليمية وطرق التعليم، بل وصنع أدوات للكتابة.
مراحل التعليم
كان التعليم في مصر القديمة يتم على 3 مراحل، أولها في العمر بين 4 إلى 10 أعوام، وتمثل مرحلة التعليم العام، أما المرحلة الثانية كانت من في الفترة بين 10 إلى 15 عاما وهي مرحلة النسخ، بينما تمثل المرحلة الثالثة التعليم العالي وهي اختيارية وكانت تشمل العديد من العلوم.
أنواع المدارس
اقتصر التعليم في البداية على تعليم الصغار في القصور الملكية وبيوت النبلاء، ثم توسع المصري القديم في إنشاء المدارس ثم الإدارات التعليمية المختصة بتعليم التجارة والإدارة والتي كان يطلق عليها "مهنية"، إضافة إلى مدارس ملحقة بالجيش لتعليم العلوم العسكرية وفنون القتال، ومدارس تابعة للمعابد لتعليم العلوم الدينية.
أطلق المصريون على المدرسة باللغة الهيروغليفية لفظ "بر - عنخ" وتعني بيت الحياة، وأحيانا يطلق عليها لفظ "عت سبا" وتعني مكان العلم، كما أطلقوا على المدرس لفظ "سباو" وتعني النجم أو المرشد أو الهادي.
وفي كل من هذه المدارس يوجد مكتبات يطلق عليها "برن سشو" وتعني بيت المخطوطات، وكانت تحتوي على برديات في كل فروع المعرفة لتكون كتبا ومراجع للدارسين، وكانت الربة الحامية لهذه المكتبات الإلهة "سشات".
المناهج التعليمية
اختلفت المناهج التعليمية تبعا للمرحلة الدراسية، ففي المرحلة الأولى يتعلم التلميذ اللغة وقواعدها وطرق كتابتها، ثم يبدأ في مرحلة لاحقة ممارستها عن طريق نسخ الكتب للتدريب على الكتابة وتعلم بعض المعلومات الجغرافية والتاريخية البسيطة، وفي المرحلة الأخيرة يتعلم الطالب التعاليم الدينية، الفنية، والمهنية، وبعض العلوم مثل الجغرافيا والحساب والطب والفلك.
وكانت إحدى المواد المقررة هي تعاليم "خيتي دواوف" لابنه "بيبي"، والتي انتشرت في مدارس الأسرة التاسعة عشر عام 130 ق.م، وكانت مكتوبة وقتها على "الاستراكات" أو "الشقافات"، ووُجدتْ كاملة في بردتي "ساليه" و"أنسطاسي" الموجودتين بالمتحف البريطاني، حيث كانت تعاليم الحكماء بمثابة كتب للمطالعة، وتم العثور على لوحة محفوظة بمتحف "تورين" من الخشب وكان التلاميذ يتعلمون منها.
طريقة التعليم
كان التلامـيذ يستخدمـون ألـواح "الأرتواز" الخشبية للكتابة بالبوص أو الأحجار أو على أوراق البردي، حيث يقوم المعلم بتصحيح الأخطاء ليتعلمها التلميذ بالمداد الأحمر ويقوم بإعادة كتابة الأخطاء ليتعلمها التلميذ الذي غالباً ما يكتب بالمداد الأسود.
ودونت إحدى البرديات ملاحظة كتبها معلم لتلميذه، وجاء بها "لقد بلغني أنك أهملتَ دراستك وأنك تتسكع في الطريق، إنّ مثلك مثل المجداف المحطم، انظر إليّ عندما كنتُ صبيًا مثلك لقد مكثتُ في المعبد ثلاثة شهور لا أخرج منه، وعندما خرجتُ تفوقتُ على زملائي في العلم فافعل ما قلت لك".
أدوات الكتابة
صنع المصري القديم العديد من أدوات الكتابة لتساعده على التعلم، من هذه الأدوات أوراق البردي التي صنعها من سيقان نبات البردي، استخدم أيضا رقائق الحجر الجيري، أو قطع الفخار المكسور التي تسمى "أوستراكا"، وهناك أيضا الألواح الخشبية، التي كان بالإمكان مسحها وتنظيفها لإعادة استخدامها، حيث تمثل سطحا جيدا للبيانات والحسابات، وكذلك النصوص الأدبية.
كما استخدم الفراعنة أقلام البوص ذات النهايات المشقوقة لتعطي خطا أدق أرفع، وهناك ايضا الدواة والمقلمة، والتي كانت تحتوي على حفرتين الأولى للحبر الأحمر ويستعمل في كتابة العناوين، والثانية للحبر الأسود ويستعمل في الكتابة العادية، وبها صندوق مستطيل لحفظ الأقلام.