عادت الدبلوماسية العربية إلى الاهتمام بملف القضية الفلسطينية، مع بدء دوران المبادرة الفرنسية الخاصة بإحلال السلام في الشرق الأوسط
عادت الدبلوماسية العربية إلى الاهتمام بملف القضية الفلسطينية مجدداً، مع بدء دوران المبادرة الفرنسية الخاصة بإحلال السلام في الشرق الأوسط. وتأتي زيارة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، إلى رام الله وتكريمه من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، جزءاً من هذه العودة وإشارة إلى أن فلسطين مازالت هي القضية.
منذ الاجتماع الطارئ الذي عقدته الجامعة العربية على مستوى المندوبين الشهر الماضي بالقاهرة، زاد نشاط الدبلوماسية العربية بصورة لافتة، وكان الخطاب الذي ألقاه العربي في ذلك الاجتماع «تاريخياً»، حين هاجم بشدة سياسات الاحتلال «الإسرائيلي»، معلناً عن تحرك عربي واسع لكسب الدعم للشعب الفلسطيني والتصدي سياسياً للممارسات الصهيونية في الأراضي المحتلة. ولم تقصر الجامعة في هذا السياق، فقد جددت التذكير بالمبادرة العربية للسلام، ودعت إلى دعم المبادرة الفرنسية المعلنة لإنهاء الصراع في الأراضي المحتلة، وتعهدت بالعمل على توفير ظروف النجاح لها. ولا تخرج زيارة العربي إلى رام الله عن هذا الجهد المتواصل، رغم الإقرار بأن الصعوبات المتوقعة كبيرة جداً، لا سيما بعد النتائج الضئيلة التي توصل إليها اجتماع باريس الأخير حول احتمالات التوصل إلى سلام في فلسطين.
عوامل الصعوبة في المهمة العربية تعود إلى أن هذا التحرك المفاجئ جاء متأخراً، وفي ظرفية إقليمية ودولية تعطي الأولوية المطلقة لمكافحة الإرهاب، ومساعي حل الأزمات الجارية في سوريا وليبيا واليمن، وهي أزمات استنزفت الكثير من الجهد الدبلوماسي العربي إلى جانب المجموعة الدولية، وقد أثر ذلك كله على الحالة الفلسطينية التي تعاني ضعفاً غير مسبوق بسبب الانقسام المتواصل وتراكم التحديات أمام السلطة الوطنية. أمّا أكبر عوامل الصعوبة فيأتي من جهة كيان الاحتلال الذي لا تؤمن حكومته المتطرفة بشيء اسمه «المفاوضات»، وقد أعلنت الشهر الماضي رفضها للمبادرة الفرنسية وعدم اعترافها بنتائج اجتماع باريس، وتعمل على اتخاذ أسوأ الإجراءات التصعيدية في الضفة والقطاع والقدس، ربما لاستفزاز الفلسطينيين واستثمار بعض من ردود أفعالهم المشروعة في التملص من أي ضغوط دولية للذهاب إلى المفاوضات والبحث في إقامة حل الدولتين.
التحرك دفاعاً عن الشعب الفلسطيني، وفضح جرائم الاحتلال ومخططات الاستيطان والتهويد من أنبل ما تتصدى له الدبلوماسية العربية، فقد نسيت القضية الفلسطينية في السنوات الماضية، بعدما أصبحت الجامعة العربية فضاء للصراع والخلافات بسبب التطورات المستجدة. وظن البعض أن «الثورات» التي انفجرت في أقطار عربية ستكون ثمرتها الإيجابية في فلسطين، بينما كشفت الوقائع أن القضية الفلسطينية هي التي تدفع الثمن، وها هي أشد حكومات الصهاينة تطرفاً تعمل على فرض أمر واقع جديد. ولن يمر التحالف القائم بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان، بسلام، فهذا التحالف جاء في وقت محسوب لإحباط كل الضغوط الهادفة إلى إحياء «مفاوضات السلام»، ومن بين هذه الضغوط الجهود الدبلوماسية العربية التي ستواجه معضلة كبيرة في استكمال مهمتها التي يجب ألّا تقتصر على إطلاق الدعوات لضبط النفس أو إصدار بيانات الإدانة والشجب، مثلما كانت تفعل في سابق عهدها إزاء الاحتلال وتجاوزاته العديدة.
نقلا عن / الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة