ليل الضفة اقتحامات.. ونهارها مواجهات
"فرّق تسد" خطة إسرائيلية جديدة لإجهاض الانتفاضة الفلسطينية
الاحتلال الإسرائيلي يواصل مداهمته لمنازل الفلسطينيين وينفذ خطة جديدة لإجهاض الانتفاضة
بعد نهار دام من المواجهات، كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي في ساعات الليل من عمليات المداهمات التي تنفذها في الضفة الغربية والقدس، في وقت كشف فيه النقاب عن خطة إسرائيلية ترتكز على "فرق تسد" لمحاولة إجهاض الانتفاضة.
وبحلول التاسعة والنصف من صباح اليوم السبت (7.30 بتوقيت غرينيتش)، اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب باب العامود في القدس المحتلة، تخللها رشق حجارة من الشبان، وإلقاء قنابل مسيلة للدموع من تلك القوات.
في الوقت نفسه عم إضراب تجاري رام الله والبيرة وسط الضفة، صباح السبت، من المقرر أن يستمر حتى الساعة 12 ظهرًا (العاشرة بتوقيت غرينيتش)، حدادًا على أرواح الشهيدين عبد الرحمن وجيه البرغوثي 26 عامًا من بلدة عابود شمال غربي رام الله، وأنس بسام حماد، 18 عامًا من بلدة سلواد شمال غربي رام الله، اللذان استشهدا أمس خلال تنفيذ عمليتي طعن ودهس أدتا لإصابة 3 جنود إسرائيليين.
الخليل في دائرة الاستهداف
وبقيت الخليل، جنوب الضفة الغربية، في دائرة الاستهداف الإسرائيلي بعد تصدرها مشهد الشهداء والعمليات منذ انطلاق الانتفاضة مطلع أكتوبر الماضي، حيث اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، فجر اليوم بلدة بيت أمر شمال المدينة، وشنت حملة تفتيش واسعة خاصة وسط البلدة.
وقال الناشط في مجموعة "شباب ضد الاستيطان" محمد عياد لبوابة "العين"، إن قوة إسرائيلية معززة بأكثر من 10 آليات اقتحمت البلدة، وداهمت عشرات المنازل، ونفذت أعمال تفتيش واسعة في الحقول وآبار المياه والكهوف بالمنطقة.
وأشار إلى أن ضمن المنازل التي تم اقتحامها منزل عائلة الشهيد محمود خليل صبارنة الذي استشهد عام 2008، لافتًا إلى أنه تم تفتيش المنزل بواسطة الكلاب، فيما أقدمت إحدى المجندات على إجبار والدة الشهيد، المسنة صبارنة السيدة كاملة (63 عامًا) على خلع بعض من ملابسها تحت تهديد السلاح وتصويب البندقية نحو رأسها.
الليل الحزين
ومنذ انطلاق الانتفاضة قبل 66 يومًا، باتت قوات الاحتلال تستغل ساعات الليل في تصعيد عمليات الاقتحام للمدن والقرى الفلسطينية، ويتخلل ذلك مداهمة المنازل وتنفيذ اعتقالات عشوائية ضد الشبان ضمن مساعي إجهاض الانتفاضة.
ويؤكد عياد، أنه فيما تمضي ساعات النهار في المواجهات بنقاط التماس، وأحيانًا لتنفيذ العمليات ضد الجنود والمستوطنين، فإن الليل يكون مسرحًا لاعتداءات الاحتلال، خصوصًا عمليات الاقتحام بما يتخللها من انتهاكات وتنكيل واحتجاز للمواطنين في العراء.
وانسحبت قوات الاحتلال من بلدة بيت أمر بعد ما يقارب من أربع ساعات متواصلة من التفتيش والتنكيل بالمواطنين، قبل أن تعيد انتشارها إلى داخل مستوطنة كرمي تسور جنوب البلدة، بحسب عياد.
وفي السياق ذاته، اعتقلت قوات الاحتلال الطفل أحمد محمد الشراونة 13 عامًا، من بلدة دير سامت جنوب غرب الخليل بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن.
القدس .. اقتحامات وتفجير
ولم يكن الوضع أحسن حالًا في بلدة أبو ديس بالقدس المحتلة، حيث اقتحمتها قوات الاحتلال ومارست هوايتها في التنغيص على حياة المواطنين والتنكيل بهم، بحسب سكان محليين.
وقال سكان محليون، إن قوات الاحتلال اقتحمت فجرًا أحد المنازل وفجرت أبوابه ونوافذه، وقامت بحملة دهم واسعة بالمنطقة.
كما اقتحمت قوات الاحتلال ليلًا بلدة بيت دقو شمال غرب القدس المحتلة، ما تسبب باندلاع مواجهات في المكان.
في هذه الأثناء، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن النيران اشتعلت في أحراش مستوطنة "غيفون هاداشا" المقامة على أراضي المواطنين في قرية الجيب شمال غربي القدس المحتلة بعد تعرضها لهجوم بالزجاجات الحارقة.
إغلاق مدخل عابود
كما أغلقت قوات الاحتلال المدخل الأساسي قرية عابود غرب بالسواتر التربية.
وقال رئيس مجلس القرية يوسف حبيب مسعد، لبوابة "العين"، إن قوات الاحتلال وضعت سواتر رملية على مدخل القرية لتغلق الشارع بشكل تام، فيما تتأهل القرية لتشييع الشهيد عبد الرحمن البرغوثي (27 عاما) الذي استشهد برصاص قوات الاحتلال على مدخل القرية إثر تنفيذه عملية فدائية أدت لإصابة أحد الجنود الإسرائيليين، يوم أمس.
وأكد مسعد أن جرافة إسرائيلية مدعومة بقوة من جيش الاحتلال قامت بأعمال التجريف على المدخل الشرقي ووضعت ساترًا ترابيًّا على الشارع الواصل إلى مدينة رام الله، ومنعت أهالي القرية من التنقل.
وأشار إلى أن إغلاق الطريق يعزل القرية عن باقي القرى في الناحيتين الجنوبية والغربية، ما يضطر بالأهالي لسلوك طرق التفافية طويلة ووعرة للوصول لأعمال وقضاء حاجاتهم.
حصاد الجمعة
هذه التطورات، جاءت بعد يوم دام من المواجهات، حصد معه أربعة شهداء فلسطينيين، أحدهم طفل، قضوا أثناء تنفيذ 3 عمليات دهس وطعن تسببت بإصابة 4 جنود إسرائيليين بجروح.
ووفقًا لوزارة الصحة، والهلال الأحمر الفلسطيني، فقد سجل إصابة 361 فلسطينيًّا بالضفة يوم أمس منها 7 بالرصاص الحي و64 بالمطاط و286 غاز و4 حروق، بينما سجل إصابة 42 بقطاع غزة، منها 10 بخان يونسو11 شرقي مخيم البريج بالوسطىو14 شرقي حي الشجاعية بغزة و7 شمال القطاع.
خطة فرق تسد
في هذه الأثناء، كشف الإعلام الإسرائيلي عن خطة يعتمدها الاحتلال لمحاولة إجهاض الانتفاضة تقوم على قاعدة "فرق تسد".
وأورد تقرير لموقع "NRG"، التابع لمؤسسة معاريف الإعلامية الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي بتعليمات من رئيس أركانه غادي آيزنكوت، يعمل في الضفة الغربية على تطبيق سياسة "فرق تسد" من خلال معاقبة المناطق التي يخرج منها منفذو الهجمات، وتحسين ظروف المناطق الأخرى بالسماح لهم بالتحرك بحرية وحتى منح بعض سكانها تصاريح عمل في إسرائيل.
وبيّن التقرير أن آيزنكوت يطبق ذات النظرية التي عمل بها إبان شغله لمنصب قائد الجيش بالضفة الغربية في المرحلة التي أعقبت اجتياح الضفة عام 2002، حيث انتهج سياسة خلق نموذج معاقبة مناطق بأسرها بسبب العمليات وتحسين ظروف أخرى كمكافأة على هدوئها.
وأضاف أن تلك الخطة نفذت إبان عملية "السور الواقي" بالضفة؛ بخلق واقع من التمييز بين المناطق من خلال تنفيذ عقوبات بأساليب مختلفة يحاول من خلالها رسائل للفلسطينيين بأن مزيدًا من الهجمات يعني مزيدًا من التضييق، في المقابل فإن انعدام الهجمات يعني تسهيلات كبيرة.
ووفقًا للموقع، فإن تلك الخطة نجحت خلال عام واحد بالقضاء على الهجمات الفلسطينية بنسبة كبيرة جدًّا. فيما يرى مصدر أمني إسرائيلي أن هذه الخطة لها مزايا وعيوب كما غيرها من الخطط، خاصةً في حال انتشار الجيش بسهولة في المناطق الفلسطينية، ما يجعلهم هدفا لمنفذي العمليات بقدر أسهل من السابق.
وبين التقرير أن ثمن تركيز الجيش الإسرائيلي جهوده على منطقة الخليل بشكل كبير كان هروب المنفذين إلى المناطق الجانبية، وبالتالي مهاجمة محاور تجمع مستوطنات "غوش عتصيون" القريب في حين تركزت العمليات الفلسطينية خلال الشهرين الماضيين على 12 منطقة بعينها.
ويقول المصدر، إن عمليات هدم منازل الفلسطينيين خيار غير فعال، وإن المطلوب هدم المنازل فور تنفيذ الهجمات وبشكل كامل وليس جزئي.
aXA6IDE4LjIyMS41OS4xMjEg
جزيرة ام اند امز