بعد 5 سنوات .. كيف سيغير خروج بريطانيا العالم؟
عدد من كبار الاقتصاديين ومعلمي السياسة الخارجية والمؤرخين يتنبؤون بآثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
"كيف سيغير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العالم؟"، وماذا يعني "بريكزيت" على المدى الطويل؟ وهل يمكن تحديد الرابحين أو الخاسرين؟
تساؤلات طرحتها مجلة "بولتيكو" الأمريكية، التي استعانت بعدد من كبار الاقتصاديين ومعلمي السياسة الخارجية والمؤرخين للنظر 5 سنوات في المستقبل، وسط الكثير من المبالغة حول آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكزيت"، الذين أعرب البعض منهم عن اعتقاده بأنه علامة على غروب الشمس عن أوروبا.
وقالت المجلة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، جمعنا بعض من أفضل العقول وأكبر الأسماء في السياسة الخارجية، والتاريخ والاقتصاد ليقولوا لنا: ما هي النتائج المترتبة على تصويت "بركزيت"، خلال 5 أشهر من الآن، وبعد 5 سنوات من الآن؟
وأشارت إلى أن نتائج الاستفتاء ظهرت وتحول الأمر إلى فوضى، فالمملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سوف يتنحى، وانخفض مؤشر "داو جونز" 611 نقطة في يوم واحد، وهز القرار العالم، وأذهل حتى البريطانيين المؤيدين للمغادرة أنفسهم.
دانييل بليتكا من معهد "أمريكان إنتربرايز" الأمريكي للأبحاث السياسية قال، إن "بريكزيت يمكن أن يكون دعوة للاستيقاظ، أو أنها يمكن أن تكون 1933 (انهيار التجارة العالمية) من جديد".
بينما كان دين بيكر، المدير المشارك لمركز الأبحاث الاقتصادية والسياسة، أكثر تفاؤلًا، واعتبر أن "بريكزيت" سيعيد أوروبا "مجددًا على مسار زيادة العمالة ونمو صحي".
أما بالنسبة لتأثيره على انتخابات الرئاسة الأمريكية، فقد رأى إيان بريمر رئيس "مجموعة أوراسيا" لدراسة المخاطر السياسية، أن "بريكزيت سوف يكون له مثل هذا الأثر الكبير على السياسة الأمريكية، على غرار أثر رحلة أوباما إلى المملكة المتحدة على الاستفتاء: صفر".
من جانبه، قال ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، إنه "في غضون 5 سنوات، لن يكون هناك مملكة المتحدة"، وعلى مدى الأشهر الخمسة المقبلة، ستكون المملكة المتحدة أفقر، ومن المحتمل أن نسمع دعوات لإجراء استفتاءات في عدة دول أخرى بالاتحاد الأوروبي، وسيكون هناك رئيس وزراء جديد، على الأرجح بوريس جونسون.
وتوقع هاس أن الأسواق سوف تنتعش إلى حد كبير في أماكن أخرى، على الرغم من أن تباطؤ نمو وضعف الجنيه الإسترليني سوف يضيف إلى المشكلات الاقتصادية في اليابان وأوروبا وأبعد من ذلك، وإذا وصلت العدوى إلى الولايات المتحدة، ستعمل ضد الطموحات السياسية لهيلاري كلينتون ولصالح طموحات دونالد ترامب.
ورجح أنه في غضون 5 سنوات، لن تكون هناك مملكة متحدة، ستكون إسكتلندا مستقلة وجزء من أوروبا، ومن المحتمل أن كل أو جزء من إيرلندا الشمالية سينضم إلى إيرلندا، وعدة دول أخرى ستترك الاتحاد الأوروبي، الذي سوف يتكون من منطقة اليورو الأساسية والحلقة الخارجية من الدول التي ترتبط بعلاقات مفصلة خصيصا لبروكسل.
والإشارة إلى "العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وبريطانيا ستكون نادرة ومجوفة على نحو متزايد، بينما تتجه الولايات المتحدة للدخول في شراكة مع دول أخرى في مناطق أخرى.
أما الدكتور محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة أليانز، فقال: "إن الاتحاد الأوروبي.. يرتكز بقوة على شراكة فرنسية-ألمانية نشطة".
وأشار إلى أنه في خلال 5 أشهر من الآن، سيتحد حزب المحافظين في المملكة المتحدة وراء زعيم جديد يحل محل رئيس الوزراء كاميرون، ويعد البلاد للانتخابات العامة.
ورجح أن المناقشات مع أوروبا حول نوع من "اتفاق الشراكة" يحل محل عضوية بريطانيا الكاملة في الاتحاد الأوروبي، ستمضي لكن ببطء؛ لأن العديد من الدول الأوروبية تواجه حركاتها الخاصة المناهضة للمؤسسة.
وتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي عمومًا، ويزداد تقلب الأسواق المالية ويسود الإقرار بأن البنوك المركزية أصبحت أقل فعالية بكثير في تماسك كل شيء، ويأمل المتفائلون أن هذا سيكون بمثابة نداء صحوة ليقظة للسياسيين الغربيين لتقبل عواقب مسؤوليات حكمهم الاقتصادي في نهاية المطاف، ويخشى المتشائمون سقوط غير منضبط في حالة ركود واضطراب المالي.
وتنبأ أنه في 5 سنوات، ستسترد المملكة المتحدة عافيتها الاقتصادية والمالية، وتمضي قدمًا، وفي الوقت نفسه، سيغادر عدد قليل من الدول الأخرى الاتحاد الأوروبي الذي هو الآن أيسر إدارة وتناغم، ويرتكز بقوة على شراكة فرنسية-ألمانية نشطة، وعلى هذا النحو، فإن اتحاد أوروبي أصغر حجمًا وأكثر التزامًا قادر على متابعة أفضل لـ"اتحاد أوثق من أي وقت مضى".
جون ماكلولين، الباحث في مركز ميريل للدراسات الإستراتيجية في مدرسة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، والقائم بأعمال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في عام 2004 قال، إن "روسيا سوف تشعر بالارتياح لتشتت غربها".
وخلال 5 أشهر من الآن بريطانيا والاتحاد الأوروبي ستظل تعاني من أجل تحديد ما يعنيه كل هذا، وفي أوروبا، ستراقب دول مثل بولندا وجمهورية التشيك والمجر وربما هولندا، لمعرفة ما إذا كان البريطانيون يمكنهم فعل هذا، وإذا كان الضرر يمكن التحكم فيه، من المرجح أن تزداد الضغوط لاتخاذ مسار مماثل في 3 دول على الأقل.
وإذا حذت عدة دول أخرى بالاتحاد الأوروبي حذو بريطانيا، في غضون 5 سنوات أو قبل ذلك، ستكون تجربة التكامل الأوروبي التي يبلغ عمرها 60 عامًا والمصممة لكبح الصراعات التاريخية في خطر.
ورجح أن ألمانيا، التي هي بالفعل أكبر وأكثر قوة تأثيرًا في القارة ستستعد للهيمنة على الاتجاهات الاقتصادية والسياسية، وروسيا سوف تشعر بالارتياح لتشتت هذا الجزء إلى الغرب منها، وستشعر بنزيد من الإغراء للاصطدام بنقاط ضعف الناتو إن لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل.
أما السفير دينيس روس، زميل ومستشار في معهد واشنطن، فتوقع أنه في غضون 5 سنوات، سيكون الاتحاد الأوروبي أقل من قوة عالمية، وسوف تكون "العلاقة الخاصة" أقوى.
واعتبر روس الذي شغل منصب مستشار السياسة الخارجية للرئيسين جورج دبليو بوش وبيل كلينتون، أن النتائج المترتبة على التصويت ليس من الصعب التنبؤ بها، فخلال الأشهر القليلة المقبلة، سيعاني الاقتصاد البريطاني من الركود، وربما تفكر إسكتلندا في الاستفتاء مجددًا على الاستقلال، ويمكن أن تشاركها إيرلندا الشمالية وويلز.
بينما رأى ستيفن سيستانوفيتش، أستاذ الدبلوماسية الدولية في مدرسة الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، والزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية أن أحد الأسباب التي تصعب تحديد الفائزين والخاسرين هو أن التكهنات كانت اقتصادية للغاية، فعندما تواجه قوة رئيسية في الاقتصاد العالمي اضطرابًا من هذا النوع الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي، هل يمكن للآخرين الاستفادة؟
وأشار إلى أن روسيا تعاني حالة ركود منذ سنتين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن أكبر أسواقها، وهي أوروبا، تشتري أقل من أكبر صادراتها، أي الطاقة، فهل ستتحسن إذا تباطأ هذا السوق أكثر؟ بالتأكيد لا، ونفسه الأمر بالنسبة للصين، الخاسرون في كل مكان.
aXA6IDMuMTM4LjEyMS43OSA= جزيرة ام اند امز