"فوبيا الشراء" تسيطر على الجزائريين عشية عيد الفطر
مع نهاية شهر رمضان، تشهد الجزائر إقبالًا واسعًا على شراء وتخزين المواد الغذائية والبنزين تحسبًا لقلتها المفترضة أيام العيد
تشهد الجزائر مع نهاية كل شهر رمضان، طوابير طويلة على محطات الوقود وإقبالًا منقطع النظير على شراء وتخزين المواد الغذائية، في سلوك أصبح معتادًا للجزائريين جراء تخفوهم من ندرة هذه المواد أيام العيد، على الرغم من التطمينات التي تحرص على تقديمها السلطات العمومية.
لم تشذ نهاية رمضان لهذه السنة عن سابقاتها، فطوابير التزود بالوقود نفسها والإقبال على شراء المواد الغذائية لم تتراجع وتيرته كذلك.
ورصدت بوابة "العين" الإخبارية تلك الظاهرة في عدد من محطات البنزين في العاصمة خلال اليومين الأخيرين، وفي الأسواق الجوارية التي نفذ منها مخزون المواد الغذائية خاصة اللحوم بسرعة البرق.
سائقو السيارات يرجعون سبب إقبالهم على التزود بالبنزين، إلى مخاوفهم من حدوث انقطاع في أيام العيد الثلاثة التي تعد عطلة رسمية في الجزائر، وتشهد تنقل عشرات آلاف العاملين لتمضية العيد مع ذويهم في البلدان المختلفة، وهو ما يدفعهم إلى معاودة ملء خزان السيارات كلما انخفض ولو بشكل طفيف لتجنب أي مفاجأة غير سارة.
ولطمأنة المواطنين، عمدت المؤسسة الوطنية لتوزيع المنتجات البترولية "نفطال" إلى نشر بيان تؤكد فيه أن توزيع المنتجات البترولية سيكون مضمونًا خلال أيام عيد الفطر على المستوى الوطني، وأكدت أنه "على غرار باقي أيام السنة سيتم توفير المواد البترولية على مستوى جميع محطات البنزين ونقاط البيع "نفطال"، وذلك 24 ساعة على 24 عبر كامل التراب الوطني".
وتشهد حركة التنقل أيام العيد ارتفاعًا لافتًا، حيث تتضاعف الزيارات إلى الأقارب ومراكز التسلية والحدائق العمومية، وهو ما يولد ضغطًا إضافيًا على استهلاك الوقود في هذه الأيام، غير أن سبب الطوابير ليس في تقلص كميات الوقود في المحطات، بقدر ما هو في سلوك المستهلكين الذين يصنعون مشهدًا للندرة غير حقيقي.
نفس المشهد يتكرر مع المواد الغذائية كالحليب والحبوب بأنواعها، وهي في معظمها مواد مدعمة من الدولة، فالحصول على كميات منها يومًا قبل العيد يتطلب جهدًا عسيرًا، بسبب لجوء كثير من العائلات إلى تخزين كميات تزيد عن حاجتها خلال الأيام الأخيرة من رمضان تحسبًا لندرتها أيام العيد.
لذلك، لجأت وزارة الفلاحة إلى إعلام الجزائريين أنها اتخذت التدابير كافة لضمان توفر كامل المواد واسعة الاستهلاك.
فقد وضع الديوان الجزائرى للحبوب، مداومة لضمان مواصلة العمل، وأعلم هيئات التخزين بضرورة العمل خلال أيام العيد لتموين الوحدات الصناعية بحصتها اليومية.
أما الديوان الوطنى للحليب ومشتقاته، فقد اتخذ بدوره كل التدابير الضرورية لمواجهة أي اضطراب في توفير حليب الأكياس المدعم الذي يباع بسعر 25 دينارًا، وذلك بتزويد الملبنات العمومية والخاصة بالمادة الأولية وبالكمية الكافية.
وفي تفسيره لهذه الظاهرة، يقول عالم الاجتماع الجزائري ناصر جابي، إن سبب هذا السلوك عند المواطنين مرتبط بما عاشوه سنوات السياسة الاشتراكية التي طبقتها البلاد منذ استقلالها سنة 1962 إلى غاية بداية التسعينات، والتي كانت فيها الدولة هي التاجر الأول في البلاد الذي يضمن تموين المواطنين بكميات محددة بما يحتاجونه من مواد استهلاكية.
وأضاف جابي في حديثه لـ"بوابة العين" الإخبارية أن عدة أجيال من الجزائريين تربت على ثقافة الندرة التي تبقى متغلبة عليها حتى مع وجود الوفرة، مشيرًا إلى أن "التخلص من هذا يتطلب وقتًا حتى تتوافق سلوكاتنا مع اقتصاد السوق والوفرة التي لم نعشها لوقت طويل".
وخلص في تحليله إلى أننا "كجزائريين مازلنا تابعين لثقافة أسواق الفلاح (أسواق كانت ترعاها الدولة في الثمانينات) التي يمكن أن تظهر فيها سلعة لساعات وتختفي".
aXA6IDMuMTQ4LjExNy4yMzcg جزيرة ام اند امز