كتاب "الموت الأسود".. شهادات الناجيات الإيزيديات عن الحرية البيضاء
يوثق كتاب "الموت الأسود" للصحافي خضر دوملي، عشرات القصص لناجيات من قبضة داعش، بعد أن تعرضن لأنواع التعذيب والاعتداءات الوحشية.
لأن المأساة سوداء، والحزن أسود والموت أسود، ولأن المجزرة تمت بملابس سوداء أيضاً، كان لا بد أن يوثق ذلك الزمن بلون أسود.. وقد كان ذلك.. حين كتب خضر دوملي عن تلك المأساة.
يوثق كتاب "الموت الأسود" للصحافي والناشط المدني خضر دوملي، عشرات القصص لناجيات من قبضة داعش، بعد أن تعرضن لأنواع التعذيب والبيع والشراء والاعتداءات الوحشية.
كتب الدوملي وقد كانت نار الألم لم تبرد بعد، وكانت جمرتها لا تزال تحرق تلك النسوة اللواتي يقبعن تحت سطوة ذلك الموت البطيء، وبوسائل شتى، لكن تلك القصص قد رويت على لسان بعض الناجيات، نساء إيزيديات من أعمار مختلفة، يعشن حيث تعيش عوائلهن وأجدادهن، في تلك البقعة من شمال العراق.
هناك في البقعة التي اتسمت بطابع وجودهم فيه منذ أن وجدوا على أرضها وعاشوا وتوالدوا، زرعوا أرضها، وغرسوها بالحياة وبلون مختلف للعيش، ذلك هو لونهم، لون بشرة الإيزيديين، ولون ملابسهم، ولون احتفالاتهم، وأعيادهم، وطقوسهم الغريبة والمثيرة.. كل ذلك كان قبل أن يأتيهم ذلك الزمن الأسود، ويحيل تلك الحياة إلى كابوس، أبطاله يحملون الرايات السوداء، يسبون النساء ويقتلون الرجال.. نساء يعاملن كأنهن في عصر الجواري، ثم يتم بيعهن في سوق النخاسة، هكذا هو قدر بعضهن اللواتي أصبحن بطلات هذا الكتاب، فيما لا زالت العشرات غيرهن تحت الجحيم المسمى "تنظيم داعش".
يقول دوملي لـ"العين": إن "الموت الأسود يضم قصص الناجيات الإيزيديات وشهادات من فتيات كانوا في قبضة "تنظيم داعش"، وكذلك وقائع مهمة بالأرقام حول ما حصل للإيزيدية من غزوة داعش لسنجار التي تعد المركز الرئيس للإيزيدية في العراق.
وسنجار قضاء تابع لمحافظة الموصل، وهو قضاء ممتد للحدود الجنوبية لكردستان، ويبعد حوالي ( 120 كم غرب الموصل) وتم تحريره من سيطرة "داعش" في الثالث عشر من نوفمبر الماضي، وكان قد احتلها في الثالث من أغسطس من العام الماضي 2014.
وسبق للكاتب أن أخبرنا عبر بوابة "العين" أن الأنظار تتجه، بعد تحرير سنجار، إلى تحرير المختطفين الذين وقعوا في قبضة داعش أثناء سيطرتهم على المدينة في الثالث من أغسطس العام الماضي، وعددهم (3097) إيزيديا، إذ قام متشددو داعش بخطف ما يقرب من ( 5338) شخصاً بينهم نساء وأطفال، نجا منهم حتى الآن (2241 ) أغلبهم من النساء، إما عن طريق شرائهم أو تهريبهم بوسائل شتى.
يقول دوملي: إن "تأليف الكتاب جاء بعد عمل مستمر مع ملف الناجيات منذ شهر سبتمبر من العام الماضي 2014، ورأيت أنه من الضروري أن توثق بعض الجرائم التي غابت عن أنظار المتابعين، وخاصة الخطة التي وضعتها داعش لخطف الإيزيديين والتعامل معها ( خطف - سبي - بيع - جواري - عبيد ) ومن ثم ما ارتكبته وترتكبه من جرائم بحقهم، وخاصة المآسي التي تسبب بها جيران الإيزيدية، إذ يقدم الكتاب الخطة التي وضعتها داعش في عملية سبي النساء بشكل تفصيلي، ويسلط الاضواء على مجموعة جرائم ارتكبتها داعش بحق النساء، وخاصة الفتيات صغيرات السن.
ويضيف الكاتب أن "الكتاب موجه لقراء العربية ليتعرفوا على تلك الجرائم بأسلوب صحفي بعيد عن التكلف، وعلى لسان ناجيات وناجين يروون ما ارتكبه "تنظيم داعش" الذي هدف إلى إبادة الإيزيديين".
وعن سبب تسمية الكتاب بالموت الأسود، يقول دوملي: "أسميته بالموت الأسود لأن الإيزيديين تعرضوا للإبادة تحت الرايات السوداء، وعاشوا أياماً سوداء وعانوا من موت أسود، والبعض سماه في الأيام الأولى الفرمان الأسود"، ويضيف: "إحدى الفتيات التي اختطفت من قبل داعش قالت "لا أريد الموت في هذا السواد ولو مت عارية أفضل لي"، ولذلك وتيمناً بما قالته سميت الكتاب بالموت الأسود".
يقع الكتاب في (25) جزءا يتضمّن كل جزء قصة ترويها إحدى الضحايا بتفاصيلها، مع ذكر أسمائهن وأعمارهن، ويتبع الكتاب الأول، كتاب ثانٍ سيخصص بحسب الدوملي لنقل قصص الناجيات فقط.
وتعد اليزيدية أو الإيزيدية، مجموعة دينية تقيم في الشرق الأوسط، ويعيش معظم أتباعها قرب مدينة الموصل ومنطقة سنجار في العراق، وعددهم نحو 750 ألف نسمة في العراق وحده، بينما يقدر عددهم في العالم 2.5 مليون نسمة، يتواجدون أيضا في تركيا وسوريا وإيران وجورجيا وأرمينيا، وهي مجموعة تنتمي عرقيا إلى الأكراد.
اللغة الكردية هي اللغة الأم للإيزيديين، لكنهم يتحدثون العربية أيضاً، صلواتهم وأدعيتهم والطقوس والكتب الدينية كلها باللغة الكردية، وقبلتهم هي معبد ( لالش) في شمال العراق، وفيه يمارسون طقوسهم الدينية كالصلاة والأعياد وغير ذلك، وهم موحدون بالله.