وتؤكد الإحصاءات الدولية وجود قرابة 800 مليون جائع في العالم لا يجدون طعاماً كافياً للتمتع بحياة صحية نشطة.
مشاهد الكتل البشرية الهائلة من المهاجرين الهاربين من إفريقيا وآسيا ومناطق الحروب في سوريا والعراق وأفغانستان وغيرها كانت هي العلامة المميزة لعام 2016. ومع استمرار حدة النزاعات وتدفق الدماء مع سوء الإدارات الحكومية وتفشي الفساد في العديد من الدول سيكون على العالم مواجهة تداعيات أشد إيلاماً لهذه المأساة في العام الجديد 2017، وتتمثل في زيادة انتشار رقعة الجوع.
وتؤكد الإحصاءات الدولية وجود قرابة 800 مليون جائع في العالم لا يجدون طعاماً كافياً للتمتع بحياة صحية نشطة. أي ما يعادل إجمالي عدد سكان الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي، وهم يشملون جميع الأعمار، من الأطفال الرضع إلى كبار السن والشبان العاطلين عن العمل، والمزارعين الذين لا يمتلكون أراضٍ زراعية.
وتضم قارة آسيا أكبر عدد من الجياع في العالم، في حين يوجد في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أعلى معدل لانتشار الجوع (بالمقارنة مع عدد السكان) حيث يعاني واحد من كل أربعة أشخاص من نقص التغذية.
وتقول منظمة الأغذية والزراعة العالمية أنه على الرغم من إحراز تقدم في الحد من نسبة الجوع المزمن في الثمانينات والنصف الأول من التسعينات، إلا أن نسبة الجوع في تزايد مطرد على مدى العقد الماضي حيث ارتفع عدد الجوعى في الفترة من 1995-1997 وفي الفترة من 2004-2006 في جميع المناطق باستثناء أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. وحتى في هذه المنطقة تراجعت جهود الحد من الجوع بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والأزمة الاقتصادية العالمية.
الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع أسعار الغذاء وحتى موجات الجفاف، ليست هي المعضلة الكبيرة في تفاقم إعداد الجائعين في العالم، فهناك الحروب التي لا تبدو لها نهاية في الأفق والتي تدور رحاها في عمق الأراضي الزراعية والمراعي الخصبة، وهناك مشكلة الإدارات الحكومية الفاسدة التي تتسبب في تراجع الإنتاجيات ومراكمة أعداد الفقراء والمعوزين في دول العالم الثالث المنكوب بالحروب الأهلية وصراعات النفوذ الخارجي وجشع ساسته المحليين وضيق مداركهم وافتقارهم للقدرات الإبداعية والخيال.
وفي كتابهما عن الجوع في العالم يقول الكاتبان جوزيف كولينز وفرانسيس مورلاييه إن «المجاعات، كوارث اجتماعية، وليست كوارث طبيعية، إنها نتيجة لأعمال الإنسان». ويشير الكاتبان إلى أنه وبما أن الجوع ينتج عن خيارات بشرية، فإن إنهاءه ممكن.
هذه خلاصة جيدة وتبدو سهلة وقريبة المنال. لكن نظرة واحدة إلى المشاهد المأساوية التي تنقلها شاشات التلفزيون عن أحداث عام 2016، ستكون كافية لإبقائنا في مربع الخوف وهزيمة أي بادرة تفاؤل في عالم تسوده الوفرة والرخاء في عام 2017.
*نقلا عن الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة