"منتدى غاز المتوسط".. صدمة أردوغان الكبرى في 2020
لم يكن 2020 الذي يوشك على الانتهاء عاما عاديا بل كان استثنائيا في منع أردوغان من الاستيلاء على ثروات شرق المتوسط.
وأجمع خبراء أن الدول المطلة على شرق البحر الأبيض المتوسط نجحت خلال 2020 في اتخاذ خطوات حاسمة في الحيلولة دون تحقيق أردوغان أطماعه بالسيطرة على الغاز الطبيعي بالمنطقة.
وحققت هذه الدول إنجازات مهمة من خلال تحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية في سبتمبر/ أيلول 2020، تحظى باعتراف دولي وتهدف للدفاع عن حقوق الدول الأعضاء ضد أطماع الرئيس التركي.
ويقول الخبراء إن المكسب الآخر خلال عام 2020 المهم للغاية هو كسب تأييد الدول الكبرى لقضية حقوق الغاز الطبيعي بشرق المتوسط، وهو ما ظهر جليا للعالم في حضور الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في الاجتماع الثالث الذي عقده المنتدى -قبل تحوله لمنظمة إقليمية- في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وازداد الأمر تعقيدا في وجه أردوغان حين أعلنت الولايات المتحدة اهتمامها بالانضمام بصفة مراقب، ورغبة فرنسا بالعمل كعضو، وذلك قبل شهرين من إقرار الاتحاد الأوروبي ميثاق المنتدى في مارس/ آذار 2020.
وتأسس المنتدى ومقره القاهرة في يناير/ كانون الثاني 2019، ثم تحول في 22 سبتمبر/ أيلول 2020 إلى منظمة تعمل على تنسيق السياسات الخاصة باستغلال الغاز الطبيعي بما يحقق المصالح المشتركة لدول المنطقة
وأعضاء المنظمة حاليا هم مصر وقبرص وإسرائيل واليونان وإيطاليا والأردن.
تتويج الجهود
يقول تقرير للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن عام 2020 شهد تطورا ملموسا في اتخاذ منتدى غاز شرق المتوسط إطارا مؤسسيا فاعلًا في التفاعلات السياسية والأمنية في منطقة شرق المتوسط، ويتوج المنتدى جهوده بتوقيع اتفاقية التحول إلى منظمة إقليمية مقرها القاهرة.
وبحسب التقرير تكمن أهمية هذه الخطوة الحيوية في وضع أساس قانوني قوي، يجمع بين العديد من الدول المطلة على البحر المتوسط، وهي مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين.
وأعلن طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية المصري، أن منظمة غاز شرق المتوسط تسهم في تعزيز التعاون وتنمية حوار سياسي منظم ومنهجي بشأن الغاز الطبيعي في المنطقة بالكامل.
وأكد أن المنظمة تستهدف إنشاء سوق إقليمية للغاز وترشيد تكلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية، ودفع عجلة السلام الشامل بالمنطقة، للاستفادة من ثرواتها من الغاز، والتي تفوق 320 تريليون قدم مكعب.
وبحسب بيانات للمنظمة فإن المؤسسين يستهدفون إنشاء منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء بشأن مواردها الطبيعية، بما يتفق ومبادئ القانون الدولي، وتدعم جهودهم في الاستفادة من احتياطاتهم واستخدام البنية التحتية، وبناء بنية جديدة، بهدف تأمين احتياجاتهم من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم.
وعلق حمدي عبدالعزيز، المتحدث باسم وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، بأن وجود منظمة إقليمية تحظى بتأييد واعتراف دولي سيمكنها من تنفيذ هدفها الأساسي المتمثل في احترام حقوق الأعضاء بالكامل فى مواردهم الطبيعية وفقا للقانون الدولي.
وشدد على أن المنظمة تتمتع بالقوة الكافية في مباشرة دورها كمنصة لإقامة حوار منظم حول الغاز وصياغة استراتيجيات مشتركة لثروات شرق المتوسط.
وقف الاستفزازات التركية
من جهة أخرى، يؤكد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن الدور التنسقي بين أعضاء منظمة شرق المتوسط يسهم في الحد من الاستفزازات التركية تجاه اليونان وقبرص، والقيام بأعمال تنقيب غير مشروع في المنطقة يتحدى جميع القواعد القانونية والأعراف الدولية لاحترام سيادة وحقوق الدول.
وبحسب التقرير تكتسب المنظمة هذه القوة من الصيغة القانونية للعلاقات بين دول المنطقة في إطار عمل المنظمة لتوثيق ودعم التحالف بين الدول المشاركة، ما يطرح فرص صياغة تحالف إقليمي سياسي جديد، بإمكانه تغيير توازنات القوى السائدة في المنطقة.
تأييد دولي
وتحظى المنظمة بتعاون وتأييد دولي في ضوء عضوية 3 دول بالاتحاد الأوروبى، وهي إيطاليا وقبرص واليونان، إلى جانب الاهتمام الأمريكي والفرنسي بالأنشطة التي تقوم بها.
ويقول أسامة كمال، وزير البترول المصري الأسبق، نجحت دول شرق المتوسط خلال 2020 في اكتساب تأييد دولي قوي، يقف حائلا أمام أطماع أردوغان في ثروات الغاز الطبيعي بالمنطقة.
وأوضح أن هناك 3 قوى من الاتحاد الأوروبي بالفعل أعضاء بالمنظمة وهم إيطاليا وقبرص واليونان، إلى جانب تأييد أمريكا وفرنسا، وهو ما يمنح قوة قانونية وسياسية كبيرة لكافة تحركات المنظمة، لا سيما أن كل دولة منها ترتبط بمصالح اقتصادية مباشرة بثروات شرق المتوسط.
ويشرح كمال بأن كلا من قبرص واليونان تمتلك حقولا بالمنطقة، في حين تنقب الشركات الإيطالية والفرنسية لصالح الدول المطلة على شرق المتوسط، ما يعزز من دور الاتحاد الأوروبي في ضمان التوزيع العادل لثروات المنطقة وحماية وتأمين الحقول.
كما أكد أن هذا التأييد الدولي ينبع الصلابة القانونية لموقف دول شرق المتوسط، نظرا لأن جميع الاتفاقيات المبرمة بين الدول الأعضاء مُحصنة قانونا، استنادا إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (CNUDM) التي تضمن التنظيم العادل للحقول التي يتم اكتشافها في المناطق البحرية الاقتصادية المتداخلة.
"على سبيل المثال تعتمد الاتفاقيات الإطارية الموقعة بين مصر وقبرص واليونان على مبدأ تقسيم الثروات في المياه الإقليمة عندما تتجاوز المساحة الفاصلة بين دولة والأخرى حاجز 200 ميل، حيث يتم التقسيم مناصفة من أقرب نقطة يابسة لسواحل كل دولة" وفقا لوزير البترول الأسبق.