2021 عام الطروحات.. 600 مليار دولار حصاد الاكتتابات الأولية حول العالم
كسرت الطروحات العامة الأولية العالمية هذا العام الرقم القياسي السابق لها، مدفوعة بأرباح التقييم المرتفع لتحصد أكثر من 600 مليار دولار.
ومع بقاء نحو ستة أسابيع على نهاية العام، استطاعت حوالي 2850 شركة إضافة إلى شركات استحواذ ذات أغراض خاصة أن تجمع أكثر من 600 مليار دولار في الاكتتابات العامة الأولية، لتتخطى تلك المسجلة في عام 2007 حينما سجلت 420.1 مليار دولار، وفقًا لما ذكرته وكالة بلومبرج.
وتصدرت شركة ريفيان (Rivian Automotive) الناشئة للشاحنات الكهربائية، المدعومة من أمازون، قائمة الشركات الأكثر جمعا للأموال خلال الطرح العام الأولى. وجمعت ريفيان ما يقرب من 12 مليار دولار في نيويورك هذا الشهر، في أكبر طرح بالولايات المتحدة منذ طرح فيسبوك عام 2012.
أما في آسيا فإن الاكتتاب العام الأولي لشركة China Telecom Corp كان هو الأكبر بقيمة 54 مليار يوان (8.4 مليار دولار) في أغسطس/آب الماضي، بينما احتل مزود الطرود البولندية (InPost SA) المرتبة الأولى في أوروبا بإدراجها 2.8 مليار يورو (3.2 مليار دولار) في أمستردام في يناير/كانون الثاني الماضي.
وجاء ارتفاع حجم ما حصدته تلك الشركات من أموال بشكل أساسي من جراء ارتفاع أسعار الأسهم القياسية، حيث أبقى دعم البنك المركزي المستثمرين على تدفق السيولة. وساعد التعافي الاقتصادي من الوباء إلى جانب إجراءات التحفيز على تعزيز أرباح الشركات.
تهدئة الوضع
ومع ذلك، لم يكن الأمر بتلك السهولة فقد أدى التدقيق التنظيمي إلى تهدئة الوضع، بعد أن وصل ذروته في وقت مبكر من هذا العام.
وتسببت الحملة الصارمة التي شنتها الصين على شركات التكنولوجيا خلال الصيف في حدوث موجات من الصدمة في الأسواق العالمية، مما أوقف الاندفاع القياسي لإدراج الشركات الصينية في الولايات المتحدة، وألقى بظلاله على سوق الاكتتاب العام في هونج كونج.
واعتبر جاريث مكارتني، أحد خبراء سوق المال أن الوقت الحالي يشهد الانتقال من سوق مثالي للاكتتابات العامة مع الكثير من السيولة والصفقات ذات الأداء الجيد إلى بيئة أكثر طبيعية، حيث يكون المستثمرون أكثر انتقائية.
مرتفعات مذهلة
يقول المحللون إن الطفرة في الطروحات ترجع إلى حزم التحفيز التي أطلقتها البنوك المركزية للحد من تداعيات الجائحة وضخت من خلالها كميات غير مسبوقة من السيولة بالأسواق المالية لتعزز من تداولات الأفراد التي أدت لارتفاعات كبيرة عقب الطروحات.
وأدت عمليات شراء الأسهم لدفع أسواق الأسهم لتحقيق قفزات عالية هذا العام، جنبًا إلى جنب مع تركيز المستثمرين على القطاعات الجاذبة، كل هذا ساهم في ارتفاع مذهل لأسهم الشركات المطروحة في الأسواق.
فشركة ريفيان، التي لم تحقق إيرادات بعد، تضاعف سعر سهمها أكثر من الضعف في جلساتها القليلة الأولى، متجاوزة لفترة وجيزة فولكس فاجن AG في القيمة السوقية، بينما ارتفعت شركة SK Bioscience الكورية بنسبة 160٪ في بدايتها.
وأدت هذه المكاسب الضخمة إلى إثارة المخاوف من حدوث فقاعة.
إلا أنه من غير المتوقع أن يشهد عام 2022 نفس وتيرة الطروحات، مع بدء البنوك المركزية في تقليص حزم التحفيز.
وعن هذا تقول سوزانا ستريتر، كبيرة المحللين في شركة معنية بأسواق المال أنه مع تقليص برامج التحفيز النقدي، وإذا تباطأ النمو العالمي بشكل حاد، فقد تتجه الأسواق نحو التصحيح"، مؤكدة أن الشركات المبالغة في تقدير سعر سهمها "ستشعر بالألم أسرع بكثير من غيرها."
نموذجا للهبوط
وتعد شركة كوايشو تكنولوجي (Kuaishou Technology)، منافسة TikTok، نموذجا لهذا الهبوط في عام 2021، حيث انخفض سعر سهمها بنسبة 16٪ عن سعر إدراجها رغم أن سعر سهمها تضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف في بداية طرحه.
وتكرر نموذج شركة كوايشوا حيث انخفضت العديد من أسهم الاكتتاب العام الأولي، وانخفضت أسهم الشركة الأم لمزود المدفوعات الرقمية الهندي Paytm الأسبوع الماضي بنسبة 27٪، كما تراجعت أسهم شركة Deliveroo Plc الناشئة في المملكة المتحدة بنسبة 26٪.
كما شهد النصف الثاني من العام الحالي على وجه الخصوص، تزايد في أسماء الشركات التي ألغت خططها للطرح العام الأولى، بما في ذلك شركة العقارات للرعاية الصحية Icade Sante SAS في فرنسا، وشركة البرمجيات Allvue Systems Holdings Inc. في الولايات المتحدة، وشركة Novotech Health في هونغ كونغ.
في حين اختار البعض تأجيل خطط الاكتتاب العام الأولي لعام 2022، إلا أن تلك الشركات تواجه تراكم المخاطر تجاه أسواق خاصة في ظل ارتفاع التضخم الذي قد يؤدي إلى تشديد السياسات النقدية.
ويتوقع العديد من الخبراء أن تقوم العديد من البنوك المركزية حول العالم برفع أسعار الفائدة الأمر الذي قد يؤدي لإعاقة النمو الاقتصادي وإبطاء زخم الأرباح.
شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة
ورغم ما ساهمت به شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة أو ما تعرف بشركات الشيكات على بياض في مجمل ما حصدته الاكتتابات الأولية، إلا أن النظرة المستقبلية لتلك الشركات قد أصبحت غامضة. ومع أنها وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق مع جنيها لنحو 159 مليار دولار هذا العام، لكنها تباطأت بشكل كبير منذ ابريل الماضي.
يأتي هذا في الوقت الذي يشدد المنظمون في الولايات المتحدة، على ضرورة مراقبة ممارسات تلك الشركات،ووضع قواعد أكثر صرامة خاصة بها.
وشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة هي نوع من الشركات ليس لديها أي أنشطة تشغيلية، ولكن تم تشكيلها بشكل صارم لزيادة رأس المال من خلال طرح عام أولي بغرض الاستحواذ على شركة قائمة وتُعرف أيضًا باسم "شركات الشيك على بياض" والتي تختلف كليا عن طريقة الاكتتاب العام الأولي التقليدي الذي كان على مدار سنوات طويلة مرتبطا بشركات كبيرة وعالية التصنيف وبرأس مال استثماري يقدر بملايين الدولارات.
ورغم أن هذه الشركات كانت موجودة منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي فإنها أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر شهرة وانتشاراً، لترتفع نسبتها من مجمل الاكتتابات العامة في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين بصورة قوية، حيث اجتذبت شركات التأمين والمستثمرين من الأسماء الكبيرة.
aXA6IDMuMTI4LjIyNi4xMjgg جزيرة ام اند امز