كاميرون.. العصامي الوجيه الذي أطاح به زلزال أوروبي
إنجازات كاميرون لن تنجح في جعل البريطانيين ينسون أنه قادهم إلى سيناريو الخروج من الاتحاد الأوروبي
قبل نحو 3 أسابيع لم يكن يتوقع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أنه سيقود بلاده إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، في خطوة وصفها قادة التكتل الأوروبي بأنها "طلاق غير ودي".
هذا الانفصال الذي اضطر كاميرون إلى إعلان استقالته من منصبه، جاء بعد أن صوت البريطانيون في 23 يونيو/حزيران الماضي في استفتاء شعبي بنسبة 52% مقابل 48% لصالح "بريكزيت" الذي كان بمثابة زلزال ضرب أوروبا وما زالت تعاني من هزاته الارتدادية.
ومهما كانت إنجازات كاميرون كزعيم سياسي خلال سنوات ست قضاها في السلطة، فلن تنجح في جعل البريطانيين ينسون أنه قادهم إلى هذا السيناريو الذي لم يتخيله هو نفسه، لينتهي به المطاف خارج "داوننج ستريت".
كاميرون (49 عاما)، قاد حزب "المحافظين" نحو 11 عاما، وأعاده إلى السلطة بعد أن كان على شفا التفكك نتيجة الانقسام السياسي طيلة أكثر من عقد تحت قيادة زعماء سابقين.
وكاميرون ذو خلفية ثرية، ولد في 9 أكتوبر/تشرين الأول عام 1966، ينحدر أسلافه من نسل وليم الرابع، ما يجعله قريبا عن بعد للملكة.
ودرس كاميرون في إيتون، إحدى أغلى المدارس الخاصة في بريطانيا، قبل أن يلتحق بجامعة أوكسفورد لدراسة الفلسفة والسياسة والاقتصاد، فكانت وجاهته مصدرًا للضغينة لدى البعض في حزبه، ممن يفضلون القادة العصاميين أمثال تاتشر وميجور.
غير أن مرونته وقدرته على تعديل مواقفه لتناسب الأزمنة المختلفة، أهلته للتحالف مع خصومه السياسيين، وقد وصف نفسه في ديسمبر/كانون الأول 2005، قائلا: "أنا رجل عملي وبراغماتي، أعرف أين أريد الوصول، ولكنني لا ألتزم أيديولوجيا بمنهج واحد محدد".
وقال أيضا في أغسطس/آب 2008، "سأكون مصلحًا اجتماعًا جذريًّا كما كانت تاتشر مصلحة اقتصادية".
وفي عام 1996 تزوج كاميرون من سامنثا، ابنة السير ريجنالد شيفيلد، البارون الثامن، وأنجب منها 3 أطفال، هم نانسي وآرثر وفلورانس، التي ولدت بعد فترة قصيرة من انتقال العائلة إلى داوننج ستريت.
وترشح كاميرون أول مرة لعضوية البرلمان في عام 1997 عن دائرة ستافورد، لكنه خسر في الانتخابات، ثم عاد وترشح عام 2001 عن دائرة ويتني، واستطاع الفوز.
وتدرج بسرعة في المناصب البرلمانية ليصبح رئيسًا لتنسيق السياسات خلال الحملة الانتخابية لعام 2005، وتصدر كاميرون النائب آنذاك عن دائرة ويتني المشهد السياسي باعتباره سياسيا محافظا، شابا، حديث التوجه ليبرالي الذهن مهتما بالشأن الاجتماعي.
وانتخب كاميرون قبل نهاية عام 2005 رئيسًا لحزب المحافظين خلفًا لمايكل هوارد، وأصبح بحكم ذلك زعيمًا للمعارضة إلى أن استطاع أن يحقق فوزًا بالانتخابات وأن يتولى رئاسة الحكومة عام 2010.
وفي 11 مايو/أيار 2010، أصبح أول رئيس وزراء يقود حكومة ائتلافية منذ حكومة ونستون تشرشل أثناء الحرب العالمية الثانية، كما أنه زعيم حزب المحافظين، وهو يُمثل ويتني في برلمان المملكة المتحدة.
وفي سن الثالثة والأربعين، بات كاميرون أصغر رئيس وزراء منذ روبرت بانكس جينكينسون، وإيرل ليفربول الثاني في عام 1812، وكان أصغر بستة أشهر من توني بلير عند دخوله داوننج ستريت في عام 1997.
وبحلول صباح الأربعاء، سيصبح كاميرون رئيس وزراء سابق لبريطانيا، بعدما يقدم استقالته للملكة إليزابيث الثانية، لتخلفه تيريزا ماي التي خلفته أيضا في زعامة حزب المحافظين.
aXA6IDMuMTUuMTQ1LjUwIA== جزيرة ام اند امز