التقشف يجنب الجزائر قروض "الأفامي"
الحكومة الجزائرية تبدو حريصة على عدم طلب قروض خارجية والاكتفاء فقط بموارد البلاد الذاتية لمواجهة أزمة انهيار أسعار البترول
تحاول الحكومة الجزائرية قدر الإمكان تجنب العودة إلى الاستدانة الخارجية لسدّ عجز ميزانيتها، وذلك بالتعويل على تقليص نفقاتها إلى أدنى حد ممكن، إلى جانب وضع خطة لتخفيض الاستيراد بنحو 30 مليار دولار، مما يجعلها قادرة على الصمود في وجه الأزمة لسنوات أخرى.
أعطى ممثل صندوق النقد الدولي في زيارته الأخيرة إلى الجزائر بصيصا من الأمل في قدرة البلاد على الاحتفاظ بتوازنها المالي من خلال مواردها الذاتية، دون التعويل على مصادر التمويل الخارجية.
وأوضح عدنان مزارعي نائب مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أمس الأربعاء، أن الجزائر ليست بحاجة حاليا لطلب قروض لدى صندوق النقد الدولي، على الرغم من اعترافه بأن الوضعية المالية والاقتصادية للجزائر "ليست سهلة" و"مشابهة تقريبا" لما تعيشه معظم الدول المصدرة للبترول.
وأضاف مزارعي خلال لقائه مع المسؤول الأول عن منتدى رجال الأعمال الجزائريين، أن "المسؤولين في الجزائر مدركون لطبيعة التحديات التي تواجهها الجزائر حاليا"، مشيرا إلى أن الهدف من زيارته للجزائر يتمثل في الاتصال بـ "الفريق الاقتصادي الجديد في الجزائر لا سيما وزير المالية ومحافظ بنك الجزائر".
وتأتي زيارة ممثل صندوق النقد الدولي إلى الجزائر في وقت أعلنت فيه الحكومة عن تبني سياسة شديدة الحذر فيما يخص الإنفاق في القطاعات العمومية وهيئات الدولة.
وظهرت تعليمة للوزير الأول عبد المالك سلال، تدعو الوزارات والمصالح العامة في الجزائر إلى استعمال 50% فقط من الميزانيات المخصصة لها في سنة 2016، في إجراء يهدف لتجنب تفاقم عجز الميزانية المتوقع مع نهاية السنة الحالية.
وبحسب وزير المالية حاجي بابا عمي فإن "هذه التعليمة تتعلق بالتسيير الحسن والتوزيع الجيد للميزانية، وهي إجراء عادي في تسيير النفقات العمومية"، مضيفا أنه "سيتم تكييف كامل المصاريف والنفقات ابتداء من سنة 2017 مع المداخيل المحققة لخزينة الدولة".
ومن جهة ثانية، باشرت الجزائر إجراءات عملية للحد من فاتورة الاستيراد التي تضخمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة حتى أنها لامست سقف 60 مليار دولار، وهو ما يلقي عبئا كبيرا على احتياطي الصرف الاستراتيجي من العملة الصعبة للبلاد الذي يقدر حاليا بـ 130 مليار دولار.
وفي هذا الصدد، قال وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، إن الجزائر تستهدف تصنيع ما يعادل 30 مليار دولار من وارداتها محليا في مجال صناعة الإسمنت والمناجم والبتروكيماويات، وكذا الصناعات الناشئة كالسيارات التي تعرف ديناميكية في الآونة الأخيرة.
وأضاف: "قانون الاستثمار الجديد سيضمن الاستغلال الأقصى والأمثل للمؤهلات الطبيعية للبلاد بغية تحقيق فائض في الإنتاج وبالتالي المرور نحو التصدير".
وكانت واردات الجزائر قد تراجعت من 58.58 مليار دولار في 2014 إلى 501.51 مليار دولار في 2015 وفق إحصائيات الجمارك.
وتتوقع الموازنة العامة للجزائر في سنة 2016 عجزا بقيمة 32 مليار دولار هو الأعلى في تاريخ الجزائر، وذلك نتيجة انعكاس انهيار أسعار النفط على مداخيل البلاد التي انخفضت بنحو 70% في سنتي 2014 و2015.
وتواجه أوساط سياسية واقتصادية في الجزائر، تلميحات الحكومة باللجوء إلى الاستدانة الخارجية، بالرفض القاطع بسبب آثار ذلك المحتملة على سيادة البلاد، خاصة أن تجربة الجزائر مع المديونية الخارجية كانت أليمة سنوات التسعينيات، حيث تم فرض سياسات أدت إلى تسريح آلاف العمال وغلق مئات المؤسسات.
ومعروف أن الجزائر قد عمدت إلى الدفع المسبق لديونها الخارجية سنة 2006، بالاعتماد على مداخيلها القياسية من عائدات البترول والغاز في تلك الفترة.