هلع في المعارضة الجزائرية بعد إقرار قانون جديد للانتخاب

الحكومة الجزائرية مررت أخيرًا قانون الانتخاب الجديد رغم الرفض القوي من المعارضة التي تتهمها بتدبير عملية تزوير كبرى.
صادق البرلمان الجزائري على قانون الانتخابات الجديد، المثير للجدل، بأغلبية ضمنتها أحزاب الموالاة، في حين عبرت المعارضة عن رفضها المطلق للقانون من خلال التصويت بـ"لا" أو مقاطعة الجلسة، لاعتقادها أنه يمهد لعملية "تزوير كبرى" في الاستحقاق التشريعي المنتظر بعد عام.
بعد 4 أيام من المناقشة الحادة، تمكنت الحكومة الجزائرية من تمرير القانونين العضويين المتعلقين بالانتخابات والهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، على المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان)، في جلسة قاطعتها المجموعات البرلمانية لكل من جبهة القوى الاشتراكية وتكتل الجزائر الخضراء ونواب جبهة العدالة والتنمية.
وذكر المقاطعون في بيان لهم أن رفضهم لهذين القانونين، جاء بسبب تكريسهما لسياسة الغلق والإقصاء والمساس بالحقوق السياسية والمدنية للأفراد والأحزاب، بالإضافة إلى رفض 98 تعديلًا تقدم بها النواب (بما فيها الموالاة) مما يؤكد خضوع البرلمان للحكومة، علاوة على الالتفاف على مطلب الطبقة السياسية بإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على تنظيم الانتخابات.
وفي سياق رفض القانون، صوتت الكتلة البرلمانية لحزب العمال على هذا النص بـ"لا" بسبب رفض جل التعديلات المقترحة، خاصة المادة 73 منه والتي اعتبرتها "شرطًا تعجيزيًّا للأحزاب و تقييدًا للممارسة والتعددية السياسية".
وتشترط المادة 73 على كل حزب أراد الترشح الحصول على نسبة 4% من الأصوات في الانتخابات السابقة، وهو ما لا تتوفر عليه جل الأحزاب باستثناء الموالية للسلطة. وتسمح هذه المادة وفق أحزاب الموالاة بغربلة الساحة السياسية من "الأحزاب المجهرية التي لا تظهر سوى في المواعيد الانتخابية"، في حين اعتبرها بقية الأحزاب "اغتيالًا للمعارضة".
واتهم وزير الداخلية نور الدين بدوي، الرافضين للمادة 73 بأن "لهم نوايا أخرى، لا نريد التطرق إليها"، مثلما جاء على لسانه، مشيرًا إلى أن المعارضة تدخلت وعبرت عن انشغالاتها وطموحاتها بكل ديمقراطية، كما أن اللجنة القانونية قدمت توضيحات بهذا الخصوص.
وفور المصادقة على القانونين مساء أمس، هاجم علي بن فليس المنافس الأول للرئيس بوتفليقة في رئاسيات 2014، بشدة السلطة الحاكمة، متهمًا إياها بالسعي لإعطاء "نفس جديد للتزوير والتمديد من عمره".
وقال في بيان له إن النظام السياسي القائم، من خلال قانون الانتخابات الجديد، "يحضر الأرضية لاسترجاع بيد ما تنازل عليه باليد الأخرى في خضم حالة الارتباك القصوى التي وضعته فيها الثورات العربية في سنة 2012".
وكان الرئيس بوتفليقة قد تعهد بإجراء إصلاحات سياسية شاملة في بداية ما سمي بالربيع العربي، لكن أحزاب المعارضة تتهمه بالتراجع عن وعوده بعد زوال الخطر.
واعتبر بن فليس أن الغرض من هذا القانون هو "إعطاء الجهاز السياسي الإداري من جديد الكلمة الفصل في إعادة تشكيل المشهد السياسي الوطني والإبقاء على واجهة تعددية سياسية مغشوشة".
من جانبها، ذكرت جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض في الجزائر، أن النظام يستعمل الأغلبية البرلمانية كسلاح تدمير شامل لمبدأ الفصل بين السلطات والديمقراطية.
وقالت إن النظام من خلال هذا القانون، يريد ضرب عدة عصافير بحجر واحد، فهو يبحث عن إعادة تشكيل المشهد السياسي وفق رغبته، وضمان قاعدة مريحة للانتخابات الرئاسية المقبلة، وتعزيز الالتقاء بين المشتغلين بالسياسة ورجال الأعمال.
وبحسب ناصر حمدادوش مسؤول الإعلام في تكتل الجزائر الخضراء (ثالث قوة سياسية في البرلمان تضم أحزابًا إسلامية) فإن كل الخيارات ممكنة لمواجهة هذا القانون، بما في ذلك مقاطعة الانتخابات.
واستغرب في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، من التركيز على المادة التي تمنع الترشح على الأحزاب التي لا تحوز 4% في الانتخابات السابقة، مع أن الأخطر هو عدم وجود ضمانات أصلًا لنزاهة الانتخابات، من خلال تكريس تحكم الإدارة في الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات.
ويأتي القانون قبل نحو سنة من الانتخابات التشريعية التي سيتحدد بموجبها تركيبة البرلمان القادم، وهو برلمان ستشهد فترته انتهاء الولاية الرابعة للرئيس بوتفليقة، وتنظيم انتخابات رئاسية في 2019، لذلك يعتبر الرهان في السيطرة عليه ضروريًّا لأحزاب الموالاة لضمان التأثير في تحديد الرئيس القادم.
aXA6IDE4LjE4OS4xNDEuMTA2IA== جزيرة ام اند امز