الفوضى تسيطر على جلسات البرلمان الجزائري وتراشق لفظي بين النواب
نواب جزائريون يتبادلون كلمات حادة وأحيانًا نابية تحت قبة البرلمان في مشهد صار يتكرر ويولد للجزائريين مشاعر الأسى والسخرية
تكتلت 4 مجموعات برلمانية، تمثل كبرى أحزاب المعارضة الجزائرية، للتنديد بما اعتبرته "هجمة شرسة" تستهدف العمل البرلماني، وذلك إثر سلسلة أحداث أخيرة شهدتها قبة البرلمان، أبرزها معاقبة نائب وشتمه بعد انتقاده وزيرًا، وكذلك إقرار قوانين مصيرية في وقت قصير.
وقالت المجموعات البرلمانية، أنها قررت التنسيق فيما بينها والتجند لمواجهة هذا الظرف الذي يمر به المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان)، مشيرة إلى أنها ستعقد مؤتمرًا صحفيًّا غدًا لإطلاع الرأي العام بخطورة ما يجري واتخاذ المواقف المناسبة حياله.
وحذرت المجموعات البرلمانية، في بيان لها، من خطورة الوضع بعد تمرير ترسانة من مشاريع القوانين بالغة الأهمية، والتي تقرر مصير البلاد والمسار الديمقراطي في وقت غير مناسب، وكذلك التراجع الرهيب في الحقوق الأساسية والحريات السياسية والمدنية للأفراد والأحزاب ومحاولات الإقصاء الإعلامي والسياسي التي تتضمن حزمة هذه القوانين، بالإضافة إلى الممارسات والانتهاكات التي تطال عمل النواب وتمس بسيادة السلطة التشريعية، على حد قولها.
وبحسب النائب ناصر حمدادوش، مسؤول الإعلام في المجموعة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء الموقعة على البيان، فإن ثمة استنكارًا شديدًا لدى المعارضة للعبثية في برمجة دراسة ومناقشة قوانين الجمهورية، وحصرها في فترة زمنية قصيرة جدًا بسبب قرب انتهاء الدورة الربيعية للبرلمان شهر يوليو/تموز المقبل.
وأوضح النائب في حمدادوش لـ"بوابة العين" الإخبارية أنه "من غير المعقول أن تبرمج ترسانة من القوانين الهامة والمصيرية في هذه الظروف الرمضانية غير المساعدة على ذلك، حيث لوحظ غياب شبه تام للنواب في مناقشتها، وهو ما يضر بمصداقية المؤسسة التشريعية، ويثبت عليها تهمة أنها غرفة تسجيل لقواني الحكومة فقط".
ويتعلق الأمر -وفق النائب- بالقانون المنظم للعلاقة بين البرلمان والحكومة، وقانون الانتخابات، وقانون الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، إضافة إلى تعديلات القانون الأساسي للمستخدمين العسكريين، والقانون الأساسي لضباط الاحتياط، والمصادقة على قانون محافظي البيع بالمزايدة، وقانون الاستثمار.
وتضم المجموعات البرلمانية الموقعة، كلا تكتل الجزائر الخضراء وهي مجموعة أحزب إسلامية، وجبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال وجبهة العدالة والتنمية، بالإضافة إلى أحزاب أخرى ليس لها النصاب في تشكيل مجموعة برلمانية مثل حزب الكرامة، وهي في مجموعها تضم حوالي 100 نائب.
كما يأتي موقف المجموعات البرلمانية المحسوبة على المعارضة، غداة منع النائب ميسوم الطاهر من الكلام من قبل رئيس البرلمان، عقب تدخله المثير للجدل ضد وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، أثناء عرض مشروع قانون الاستثمار، حينما وصفه بأن وزير "ابن حركي"، وهي تعني في العرف الجزائري ابن عميل للاستعمار الفرنسي.
وقوبل تدخل النائب ميسوم الطاهر بهجوم مضاد شديد اللهجة من النواب أنصار الوزير وصلت إلى سبه بألفاظ نابية، لكن المفارقة كانت في معاقبة الأول بحرمانه من الكلام لـ6 جلسات متتالية لما اعتبر إهانته المتتالية للوزراء وإطارات الدولة، بينما ترك من شتموا النائب ميسوم دون معاقبة.
هذه الواقعة التي لم يتجرعها نواب المعارضة، عادت لتولد ملاسنات أخرى اليوم تحت قبة البرلمان، فبمجرد أن تدخل النائب لخضر بن خلاف عن جبهة العدالة والتنمية، مستنكرًا إقصاء زميله من الكلام لـ6 جلسات، حتى انفجر في وجهه نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، واصفًا إياه بـ"المعوق"، فما كان من الأول إلا الرد بحدة أيضًا، فعاد الثاني لتهديده بعد الانتهاء من تدخله.
وليست هذه المرة الأولى التي تتحول فيها جلسات البرلمان الجزائري إلى حلبة "سباب"، ففي نهاية العام الماضي خلال مناقشة قانون المالية، انفلت الوضع كليًّا من يد رئيس الجلسة وتحول المشهد إلى فوضى عارمة وصلت، فضلًا عن الشتائم المتبادلة بين المعارضة والموالاة إلى حد العراك بالأيادي.
ويتعامل الجزائريون مع هذه المشاهد بكثير من الأسى والسخرية مثلما يظهر من تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعتبر كثير منهم الحالة التي وصل إليها البرلمان، دليلًا على تراجع أداء المؤسسة التشريعية وتحولها إلى مجرد غرفة تسجيل للقوانين الصادرة عن الحكومة، دون أي لمسة إضافية من هذه المؤسسة السيادية التي يفترض أنها تمثل الشعب.
ويخشى مراقبون من أن استمرار النواب في تصدير هذه الصورة السلبية عن البرلمان، سيؤدي إلى عزوف شعبي عن الانتخابات التشريعية المقررة في ربيع العام المقبل، خاصة مع دعوات المقاطعة التي بدأت أصوات في المعارضة تنادي إليها، بسبب عدم تقديم السلطات لضمانات النزاهة الكافية.
aXA6IDMuMTQ0LjI1Mi41OCA= جزيرة ام اند امز