تنعقد القمة العربية الدورية في العاصمة الموريتانية نواكشوط من 25- 26 يوليو/تموز القادم، وتأتي هذه القمة في ظل تحديات كبرى
تنعقد القمة العربية الدورية في العاصمة الموريتانية نواكشوط من 25- 26 يوليو/تموز القادم، وتأتي هذه القمة في ظل تحديات كبرى تعصف بهذه الأمة، وفي ظل صراعات متأججة في بعض الدول العربية. وكان من المقرر لهذه القمة أن تنعقد في المغرب، لكن وفي قرار مفاجئ، في فبراير/شباط الماضي، أعلن المغرب اعتذاره عن استضافتها، لأنه: «يرغب في تجنب تقديم أي انطباع خاطئ عن الوحدة والتضامن في خضم تحولات يمر بها العالم العربي». وقد شكل هذا الاعتذار تطوراً لافتاً في العلاقات البينية العربية، التي باتت تفتقد طابع المجاملة، وأصبحت بحاجة إلى إصلاح حقيقي قبل أن ينهار البيت العربي برمته.
والواقع أن هذه القمة هي الأولى التي تستضيفها موريتانيا. أما الملفات المطروحة فيها للنقاش فهي أزمات المنطقة في سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، وقضية مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن الصعب توقع حصول أي جديد في القمة المقبلة، سواء على صعيد رأب الصدع العربي، أو على صعيد معالجة الملفات الشائكة المتعلقة ببعض الدول العربية، مثل الملف السوري الذي خرج عن إطار الجامعة العربية، وأصبح بيد الدول الكبرى، كما أن الخلافات والتوترات بين بعض الدول العربية ستحول دون تحقيق الآمال المنشودة في قمة الأمل، فالحضور في هذه القمة لن يبلغ مرحلة الرضا بسبب توتر العلاقات العربية البينية، إضافة إلى الحساسيات التي قد تنعكس على حجم الحضور للقمة.
أما عن الوضع السوري فقد تم إبعاد سوريا من عضوية الجامعة، في حين أن العراق يعاني من انقسام داخلي يجعل من الصعب عليه أن يحضر، أو يلتزم بالقرارات التي يمكن أن تصدر عن هذه القمة. أما عن لبنان فإن وضعه يعد صعباً خصوصاً بعد تحفظه على قرار وزراء الداخلية العرب، في البيان الذي صدر في تونس، باعتبار «حزب الله» اللبناني منظمة إرهابية، إضافة إلى فراغ سدة الرئاسة اللبنانية من رئيس منتخب.
إن نظرة فاحصة على الجامعة العربية، تؤكد أنها تعيش في ظروف صعبة، وباتت بحاجة مُلحة إلى إصلاح حقيقي، ذلك أن منظومة العمل العربي ينبغي ألّا تبقى حبيسة لأطر ومفاهيم وهياكل لا تتغير ولا تتطور مع تغير وتطور العلاقات الدولية، بل ينبغي السعي لجعلها متساوقة مع الأحداث الجارية، ومع التغيرات في الموازين الدولية، فقد تم إنشاء الجامعة عام 1945، وفي ظل عالم كان يتشكل في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ورغم تاريخها الطويل إلا أنها لم تستطع الارتقاء بالعمل العربي إلى مرحلة التوافق الكامل، بل ظلت كل دولة تنتهج سبلاً مستقلة عن الدول الأخرى. وفي ظل التغيرات والتحولات الجارية في المنطقة والعالم اليوم، فإنه لم يعد من الممكن مقاربة ما يحدث من زاوية واحدة، بل لا بد من رؤية جديدة تتلمس التغيرات، وتضع إطاراً جديداً للعمل العربي المشترك. فمثلاً، كيف أصبحت الجامعة تنظر إلى ما يجري في سوريا، فهل مازال تقييمها لما يجري هناك هو نفسه عندما بدأت الأحداث في هذا البلد عام 2011، فهل ما جرى، منذ ذلك التاريخ، مجرد ثورة شعبية؟!
إن الصراع في سوريا لم يعد مجرد ثورة شعبية، بل اتخذ صفة الصراع الدولي بين قطبين عالميين، وقد اتضح أن المنطقة العربية باتت كلها مهددة جرّاء هذا الصراع، الذي ينذر باندلاع حرب شاملة. إن انعقاد القمة قد يكون أفضل الممكن، في ظل الظروف الراهنة، ومن هنا فمن المتوقع أن تكون نتائجها ضئيلة، لا ترقى إلى مستوى الآمال والتطلعات المعقودة عليها.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة