من الأمور الجميلة في هذا الزمان والتي أضافت بعدا اجتماعيا مؤثرا في حياة الناس والشعوب، هو وجود وسائل التواصل الاجتماعي
من الأمور الجميلة في هذا الزمان والتي أضافت بعدا اجتماعيا مؤثرا في حياة الناس والشعوب، هو وجود وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت في مشاركة الناس بعضها البعض في اللحظات الجميلة والذكريات والمناسبات والأفراح والأتراح.
حيث إننا نرى كيف أن هذه الوسائل غدت جزءا لا يتجزأ في حياة الناس فأصبحوا من خلال هذه الوسائل يتبادلون اللحظات السعيدة والحزينة لحظة بلحظة، بل إن هذا التبادل تجاوز حدود الجغرافيا والثقافة والأديان واللغة بين الناس والشعوب، فأصبحنا نرى العديد من الأحداث ومقاطع الفيديو تتجاوز القارات والمحيطات والأزمنة لتصل إلى أقاصي الدنيا، وأصبحت تصل إلى أناس لا رابط بينهم سوى هذه الأجهزة الصغيرة التي بين يديهم.
ولا شك بأن التكنولوجيا أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة وأصبحت ثقافة إنسانية قائمة بذاتها، ولهذا السبب فإنها (أي التكنولوجيا) أصبحت محط اهتمام كبريات الشركات العالمية من ناحية استثمار وسائل التواصل الاجتماعي من الناحية الاقتصادية والتنموية ولما تحققه من أرباح خيالية هائلة قد تتجاوز ميزانيات بعض الدول أحيانا.
وهذا الأمر (أي وسائل التواصل الاجتماعي) ما توافق تماما مع اهتمام مؤسسات توجيه الرأي العام على المستويات الوطنية والعالمية، وكذلك نرى كيف أن المؤسسات المعنية بالتوعية الاجتماعية والسياسية وجميع أنواع التوعية، كيف تستثمر في مواردها المالية والبشرية رغبة منها بأفضل النتائج الإيجابية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي هذه.
وعلى النقيض تماما اجتهدت بعض خفافيش الظلام بشكل إجرامي وغير أخلاقي، فعملت على توظيف هذه التكنولوجيا بطريقة سلبية تضر بالإنسانية والبشرية، فأصبحت هذه الخفافيش تنشر الشر والدمار في كل مكان وفي كل زمان ، لا لهدف سوى تحقيق مآرب شيطانية تحقق أهدافا مرسومة من قبل غيرهم ، ولدول ومنظمات تريد الشر بالبشرية وهم لا يرعون في الناس إلاً ولا ذمة.
ولا يخفى على كل ذي لبٍّ ما تفعله خفافيش داعش وأصحاب الفكر المنحرف من نشر مفاهيم مغالطة عن ديننا الإسلامي الحنيف، وكذلك ما يقوم بترويجه ونشره أصحاب هذا الفكر المنحرف ودعاة الفتنة من الخوض في أمور شرعية وسياسية لا يملكون من معرفة هذه الأمور سوى ما كان يملك حمار عُمر بن الخطاب من المعرفة والفهم.
ولكي نوضح الصورة بشكل أكثر تبسيطا وتيسيرا للقارئ، هو ما نلحظه اليوم من العامة والخاصة بشأن خوضهم في جميع الأمور دون أي حدود شرعية أو أمنية أو وطنية، وكأن الذي أصبح يملك مفاتيح الكتابة في جهازه الذكي أصبح حاله وكأنه يملك العالم بأسره ، وأصبح العارف بأمور الدين والدنيا ، فنراه يشرّق ويغرّب في أمور لا يملك منها قطميرها ؟؟؟
وفي هذا الزمان أصبح الكثير من الرويبضة ( وهم التافهون من الناس يتكلمون في أمر العامة ) فنراه يفتي في امور شرعية دقيقة وهو بالكاد يميّز بين الجملة الاسمية والفعلية ، وأجزم بأن العديد ممن يخوضون في هذه الأمور الحساسة لا يفرقون بين المبتدأ والخبر ، فضلا عن حروف الجزم والناسخ والمنسوخ ، غير ذلك من أمور شرعية وسياسية وإدارية دقيقة ، فنرى بعضهم أوصل نفسه لدرجة فضيلة الشيخ ، أو الأستاذية ، أو درجة الاستشارية والخبرة التخصصية ، ونرى بعضهم قد صعد المنابر فأصبح يخطب في الناس في الجُمعِ والأعياد، سواءً كان هذا الصعود حقيقة أو مجرد تصوير وتمثيل ولعب على ذقون الناس ( لدرجة أن أحد هؤلاء أصحاب الفتن نسي أن يغّير توقيت ساعة حائط المسجد) ، وسواء لبس هؤلاء المفتونين عباءاتهم أو عباءات آبائهم الذين رحلوا عن الدنيا !!! وصوّروا لأنفسهم ولغيرهم بأنهم دعاة حقّ وجهاد ورباط ، وأنهم ممن هاجروا في سبيل الله من دولهم إلى دول أخرى بحثا عن الحق والعدالة ، فارتموا في أحضان غير أحضان أهليهم ولبسوا غير لَبْس أهليهم وتخلقوا بغير أخلاق أهليهم وأتمروا بغير أوامر أهليهم ، فأصبحوا شرذمة قليلين ولأهلهم ولدولتهم غائظين ، فنراهم يهيمون في الأرض على وجوههم لا لشي سوى لأوهام باطلة رسموها في أذهان أنفسهم.
والذي يعنينا هنا، ليس دعاة الفتنة ولا أتباعهم من بني جلدتنا الذين باعوا عقولهم قبل أجسادهم لغيرهم ، فأصبحوا معاول هدم في نسيج بناء البيت المتوحد في كيان وطنهم.
ولكن الذي نعنيه هنا ويهمنا أمره هم أبناء الإمارات المخلصين لهذا الوطن الغالي، الذين يترجمون ترجمة عملية لقسم الولاء والانتماء لهذا الوطن، وعندما نقول " قسم الولاء " فإننا نعني ذلك القسم الذي رددته قلوبنا قبل ألسنتنا ، وأفئدتنا قبل جوارحنا ، هذا القسم الذي ندين لله عزوجل به ، ونأمل أن يكون حجة لنا يوم القيامة بأننا أطعنا ولاة أمرنا الشرعيين طاعة لله وامتثالا لأمر نبيه الكريم بلزوم طاعة ولاة أمرنا الشرعيين.
والذي يدعوننا لطرح هذا الأمر، هو ما أصبحنا نلاحظه أن الكل يتكلم في كل شيء متى شاء وكيفما شاء.
وهذا أمر جلل وعواقبه وخيمة ، سواء من الناحية الشرعية أو حتى من الناحية القانونية والأمنية.
والذي نراه وندين لله عزوجل به ، هو أن يترك عامة الناس وغير المتخصصين شأن الأمور الشرعية والسياسية لأهل الاختصاص ، فهم أدرى بالأمور وأسرارها ، وتبعات هذه الأمور وعواقبها ، خاصة في أوقات حدوث الفتن ، والتي أصبحت هذه الأيام تأتي كل يوم بشكل جديد ومفتن ، فأصبح العالم يعيش وكأنه يرى حديث النبي صلى الله عليه وسلم أمامه " تصبح الفتن كقطع الليل المظلمة".
وقديما قيل "إن الفتنة إذا أقبلت لا يرى آخرها إلا العلماء وإذا أدبرت عرفها العلماء والعوام".
ولعل من الأمور المندوبة والحسنة في الإمارات هي المبادرة الوطنية الشبابية " فرسان الإمارات " والتي تمتلك من الاحترافية والأداء المتميز في التعامل مع القضايا الوطنية والاجتماعية باحترافية عالية وأداء متزن، والتصدي لكل من تسوّل له نفسه المساس بأمن الإمارات وسمعتها ومرتكزاتها الوطنية.
فلهم منا كل الشكر والتقدير على جهودهم الوطنية المخلصة بإذن الله.
ولا شك بأن الأحداث الأخيرة التي يمر بها العالم هذه الأيام من ظهور داعش وغيرها من طوائف التكفير وحوادث الهرج والمرج والاقتتال في كل مكان والانقلابات هنا وهناك ، وفتن الجرأة والتطاول على الحكام وولاة الأمر وكذلك فتنة التطاول على العلماء ، كل هذه الأمور جعلت عوام الناس في حالة عدم اتزان وعدم ثقة في أي جهة كانت ، الأمر الذي نتج عنه ضعف الإيمان لدى البعض أو التشكيك في الآخرين لدى البعض الآخر.
والذي نريد قوله في هذا المقال هو كلام موجه لأهل الإمارات خاصة ، ولمن أراد العظة والفائدة من غيرهم ... نحن في الإمارات بخير ولله الحمد والمنّة ، ولقد حفظ الله بلادنا من هذه الفتن التي تمر بالعالم ، فعلينا شكر الله عزوجل على هذه النعمة وعلينا مضاعفة الشكر أضعافا مضاعفة وعلينا إخراج صدقات الشكر أن سلمنا الله من هذه الفتن وأن يديم علينا هذه النعمة وألا يغرننا أهل الفتن والفجور ودعاة الفتنة والظلام.
ومن صور شكرنا لله عزوجل هو ضرورة التفاتنا حول ولاة أمورنا الشرعيين وهم حكامنا الكرام.
ومن صور الشكر هو أن ندعو لولاة أمرنا بالهداية والصلاح والتوفيق والسداد، وأن ندعو لهم سرًّ وجهراً ، ليلاً ونهاراً.
ومن صور شكرنا لله هو أن نحب بلدنا الإمارات دون قيد أو شرط ، سواءٍ أُعطينا أو لم نُعطَ ، فالولاء والانتماء لا علاقة له بالمنع أو العطاء.
ومن صور شكرنا لله هو أن نبتعد عن مواضع الفتنة والتي تثير الضغائن والفتن ، والذي نعتقده أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون مرتعاً خصباً لذلك إن لم نحسن التعامل الذكي مع ذلك.
ولنتذكر حديث سيد البشر "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصْب دماً حراما " وقد تكون وسائل التواصل الاجتماعي سببا في قتل الناس ( القتل الإلكتروني إن شئتم تسميته ) إذا تم استخدامها بشكل تحريضي ، وهنا نذكر الجميع بقول الشاعر
ما من كاتب إلا سيفنى .... ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء ...يسرك في القيامة أن تراه
ولعلنا أن ننهي هذه المقالة بأسلوب خطابي شعبي أكثر بساطة
فنقول وبالله التوفيق..
صدقوني يا شباب ، مب لازم كل واحد فينا يتكلم في أي شي ، هاي السطور اللي تكتبها ، رب العالمين بيحاسبك عليها يوم القيامة ، ومب كل موضوع لازم تفتي فيه ، نعتقد أنك تسكت عن شي تعرفه ، احسن من أنك ترمس في شي ما تعرفه .... هاي نصيحة محب لكم ومحب لأهل بلده ...
هاي بلادنا وما لنا غيرها ، لازم نكون متكاتفين ويا حكومتنا باللي تشوفه مناسب ، بعض الأحيان كلامنا وتغريدتنا يمكن تسوي مشاكل حق عمارنا وحق غيرنا ، فالأحسن إن الواحد ما يفتي في الشي اللي ما يعرفه ....
أنا خلّصت رمستي وأتمنى أن الرسالة تكون وصلت ...
ويزاكم الله خير ... وهذا كان " كلام شعبي ....إلى شعبي .."
حفظ الله شعبي ... الإمارات ... وحكام شعبي ... وأرض شعبي .... وشعوب العالم أجمعين .... اللهم آمين ...
طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير
نقلا عن مدونة الدكتور إبراهيم الدبل
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة