خبراء لـ"العين": تركيا تملك ورقتي ضغط لاستعادة كولن من أمريكا
هل تسلم الولايات المتحدة فتح الله كولن إلى تركيا.. بوابة "العين" حاولت البحث عن إجابة لهذا التساؤل
طالب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، السبت، الحكومة الأمريكية باعتقال أو تسليم، شريكه السابق، فتح الله كولن، الذي اتهمه بأنه "يقف وراء محاولة الانقلاب العسكري"، التي شهدتها تركيا، ليلة الجمعة.
لكن هل تسلم الولايات المتحدة فتح الله كولن إلى تركيا؟
بوابة "العين" الإخبارية حاولت البحث عن إجابة لهذا التساؤل وطرحته على عدد من الخبراء، الذين رأوا أن الأمر يخضع لأوراق الضغط التي تمتلكها أنقرة وكذلك المصالح السياسية لواشنطن.
ورقتا ضغط في يد تركيا
يرى الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن أردوغان يملك ورقتي ضغط رابحتين للضغط على أمريكا لتسليم فتح الله كولن، هما قاعدة إنجرليك واتفاقية الهجرة.
وأوضح أن قاعدة إنجرليك الجوية، التي بنيت تحت إشراف أمريكي عام 1951، تشكل إحدى أقوى نقاط الضغط على أمريكا، حيث كانت بمثابة نقطة انطلاق للعديد من الحملات العسكرية في الشرق الأوسط والعالم طوال عقود، فضلًا عن أن أمريكا تستخدمها كمركز تخزين إقليمي.
وأشار "حسين" إلى أنها القاعدة الأساسية، التي يستخدمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لقصف تنظيم "داعش" الإرهابي في كل من سوريا والعراق، لقربها من الحدود التركية السورية.
واعتقلت السلطات التركية، الأحد، قائد قاعدة إنجرليك العسكرية بكير أرجان فان، في مدينة أضنة (جنوبي تركيا)، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة.
ولفت إلى أن ثاني أوراق الضغط في يد تركيا، ليست مباشرة على أمريكا بل على الاتحاد الأوربي، حليف الولايات المتحدة الأكبر، لأن أنقرة هي المانع الرئيسي لتدفق اللاجئين الهاربين من الصراع السوري إلى أوروبا، حيث تستضيف تركيا حوالي 2.2 مليون لاجئ سوري.
ويشكل ذلك، بحسب "حسين"، ورقة ضغط إذا قررت تركيا عدم الالتزام بتعهداتها بموجب هذه الاتفاقية بمحاربة عصابات تهريب البشر ووقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا وهو الأمر الذي سيضع حليف أمريكا الرئيسي في موقف لا يحسد عليه.
المصالح السياسية قبل الاعتبارات القانونية
أما بالنسبة للبعد القانوني، فيوضح الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، بالمعهد الدولي لحقوق الإنسان في ستراسبورغ بفرنسا، أن مسائل استرداد وتسليم المجرمين الجنائيين، أي الذين ارتكبوا جرائم جنائية غير سياسية بين الدول تخضع في للنهاية للاعتبارات "السيادية السياسية"، أي المصالح العليا للبلاد التي تقررها السلطة التنفيذية وليست السلطة القضائية، حتى وإن صدر حكم قضائي بتسليم المتهم المطلوب للدولة الطالبة، ففي كل الأحوال تغلب الدول مصالحها السياسية على الاعتبارات القانونية والحقوقية.
وأشار إلى أن القانون الدولي يلزم جميع الدول بعدم تسليم اللاجئين سياسيًا إذا كانوا متهمين بارتكاب جرائم سياسية، حتى في حال إصدار مذكرة حمراء عن منظمة "إنتربول" (الشرطة الجنائية الدولية)، لتسليم المتهم حيث إن هذه المذكرة لا تفرض إلزامًا قسريًا بتسليم المطلوب، ودوما ما تغلب الدول مصالحها السياسية مع الدول طالبة التسليم.
ويري "سلامة" أن أمريكا لن تسلم كولن إلا إذا قامت تركيا بإثبات ارتكابه لجرائم جنائية، وليست جرائم سياسية داخل الإقليم التركي.
وكان أردوغان قال: "هذه الدولة عانت الكثير على أيدي عناصر حركة كولن، إذ قوضت سمعة تركيا في أوروبا والولايات المتحدة، وأوجه نداءً إلى أمريكا والرئيس باراك أوباما، عزيزي السيد الرئيس، لقد قلت لك هذا من قبل، إما أن تعتقل كولن أو سلمه للسلطات التركية، ولكنك لم تستجب لي، أناشدك مرة أخرى، بعد محاولة الانقلاب، بتسليم هذا الرجل في ولاية بنسلفانيا الأمريكية إلى تركيا، إذا كنا حقا شركاءً استراتيجيين، ستفعل ما هو ضروري".
من جانبه نفى كولن أي صلة بمحاولة الانقلاب، قائلا: "كشخص عانى تحت وطأة عدة انقلابات عسكرية خلال العقود الخمسة الماضية، من المهين أن أتهم بصلة في محاولة كهذه، وأنا أرفض هذه الاتهامات،" في البيان المنشور على موقعه الرسمي.
ومنذ عام 1999، يقيم فتح الله كولن (75 عاما)، في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، هرباً من ملاحقات القضاء التركي بسبب تهم حول أنشطة مناهضة للعلمانية.
وأسس كولن "حركة الخدمة" عام 1970، وتهدف إلى دعم الحوار بين الأديان، وتمتلك مئات المدارس حول العالم، إلى جانب أنشطة تنموية وتجارية ومؤسسات خيرية وثقافية وتنشط في جمهوريات آسيا الوسطى، كما تقيم الحركة عدة مؤتمرات سنوية في دول الاتحاد الأوروبي، وتمتلك مجموعة "سامانيولو" التي تضم 6 قنوات تلفزيونية متنوعة، إضافة إلى 3 إذاعات، وتغطي هذه المجموعة 150 دولة.