التسوية السياسية الجديدة بلبنان تنذر بحلف ثلاثي مسيحي واصطفافات جديدة
الحكومة الجديدة تشكل العقبة التي تتوقف عليها البنود الأساسية للتسوية
سلة من الاستحقاقات والمحاور الدستورية المثارة على الساحة السياسية اللبنانية، أشبه بالمبارزة بين الفرقاء للاتفاق على اسم الرئيس الجديد
سلة من الاستحقاقات والمحاور الدستورية مثارة حاليا على الساحة السياسية اللبنانية، وهي أشبه بالمبارزة بين الفرقاء الذين وإن توافق الاصطفاف الواحد على صيغة دستورية معينة لقانون الانتخاب، يظهر نوع من النفور في الاتفاق على اسم الرئيس الذي يتم تداوله في الآونة الأخيرة، وهو النائب سليمان فرنجية.
وتمثل الحكومة الجديدة التي ستشكل بعد انتخاب الرئيس، العقبة التي تتوقف عليها كل البنود الأساسية التي تحكم حياة المواطن والتي قد تصل إلى نوع من التسوية بين فريقي 8 و14 آذار بعد أن تردد أن هذه التسوية قائمة على وصول النائب فرنجية إلى الرئاسة الأولى مقابل تولي سعد الحريري رئاسة الحكومة.
ولكن كل هذه الأمور تقف عند حد الاتصالات والمشاورات التي تدور داخل أروقة الفريقين في محاولة كل طرف إرضاء الفريق الذي يمثله، وسط مخاوف من عقبة تحالف ثلاثي مسيحي.
"كرة" 8 آذار
وقال مصدر في حزب "القوات اللبنانية" إن فريقه بأكمله في وضع الانتظار ليرى ماذا سيحدث، لأن الكرة في ملعب فريق 8 آذار والفريق الذي حاول فتح الحوار مع فرنجية.
وأضاف: "نحن بانتظار موقف المرشح من الأزمات التي نعيشها في لبنان، والتي هي سبب انقسام اللبنانيين، إضافة إلى الموقف من النظام السوري، ومن سلاح حزب الله وتدخله في سوريا".
وتابع: "عندما يعطي موقفاً واضحاً في القضايا الثلاث هذه والتي نعتبرها أساسية في الملف اللبناني، عندها نأخذ موقفاً من ترشح سليمان فرنجية إلى الرئاسة الأولى أم لا".
وعن المدة الزمنية اللازمة لوضع حد للملف الرئاسي، قال المصدر إن "الوقت مرتبط بمن يعمل مع الوزير فرنجية ومن يفاوضه وبالوزير فرنجية بحد ذاته أيضاً".
ومضى قائلا إنه "لذا عليه أن يأخذ الموقف وبقدر ما يأخذ موقفاً صريحاً من هذه القضايا بقدر ما يتم التعجيل في انتخابه، لذلك السرعة مرتبطة بالفريق الذي حرك الملف".
وعن مدى توافق الاطراف السياسية في 14 آذار مع وصول فرنجية إلى الرئاسة، قال المصدر "إذا أعلن فرنجية بأنه مع النأْي بالنفس وضد سلاح المقاومة في الداخل اللبناني وضد تدخله في سوريا، نصبح مجمعين عليه، ولكن هل الفريق الآخر (8 آذار) سينتخبه، هنا علينا أن نسأل هذا الفريق، لذا هذه الصيغة ليست واضحة بالنسبة إلينا، إلا إذا أعلن فرنجية أنه سينتقل إلى فريق 14 آذار".
وأضاف "من يريد أن يكون رئيس جمهورية في لبنان عليه أن يتحرر من القيود الإقليمية ويعلن موقفه بشكل واضح، لأننا بعد خروج الجيش السوري من لبنان نتمنى أن تكون صناعة الرئيس لبنانية بامتياز، إلا إذا قرروا أن يرهنوا هذه الصناعة إلى الدول الإقليمية أو أي طرف إقليمي عندها فإن المشكلة تكون عندهم".
الثلث المعطل
وعن التسوية التي تشمل الاتفاق على قانون انتخابي والذي جرى تكثيف الجلسات بشأنه للتسريع في الملفات العالقة، قال المصدر ذاته إن "قانون الانتخاب هو الأساس في لبنان وهو المرتكز للسياسة وإن كان لا علاقة له بصناعة الرئيس حالياً وإنما في المستقبل فإن قانون الانتخاب هو الذي ينتج كل هذه السلطات".
وقال إن "أغلب الناس يرفضون قانون الستين ونحن منهم وكنا قد عملنا على قانون انتخابي جمع كلاً من القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، ونؤيد هذا القانون".
ويرفض المصدر مسألة التسوية ما بين الرئاسة والحكومة قائلا "نحن نرفضها في 14 آذار، لأن رئيس الجمهورية يحكم لمدة ست سنوات ورئيس مجلس النواب أربع سنوات، فيما رئيس الحكومة يمكن أن يتم إسقاطه بسهولة والتاريخ اللبناني يشهد على ذلك".
وأضاف "لا نعوّل على الاتفاقات الجانبية لأن الفريق الآخر لا يحترمها، فمن يدعو لأخذ رئاسة الحكومة وإعطاء رئيس الجمهورية كمن يبيع سمكاً في البحر ويعطيك شيئاً من حسابك، رئيس الجمهورية ليس صناعة فريق لوحده وإلا يفقد وصفه ووهجه وهذا ما نرفضه بشكل كلي".
المصدر ذاته أضاف "نحن ضد الثلث المعطل بالأساس والحكم لمن يربح في الانتخابات، ففي عام 2009 كان يجب أن تحكم 14 آذار وتسقط الحكومات في مجلس النواب، إنما قصة الثلث المعطل هي بدعة لبنانية نرفضها ويجب ألا تستمر، ونحن مع الميثاق الوطني الدستوري لا أكثر ولا أقل، فالثلث المعطل يمنع الحكومة من العمل، ولا يحصل هذا في أي بلد من العالم.
ألغام ومفخخات
من جهة اخرى، فسر مصدر مقرب من حزب الله سبب اختيار اسم فرنجية للرئاسة، قائلا إن "الاستحقاق تحرك لأن الرئيس سعد الحريري أخذ مبادرة تجاه فرنجية، وهذا يشكل تطوراً كبيراً وعابراً للاصطفافين".
وقال المصدر إن "هذه الخطوة جدية حتى الآن من قبل الحريري وتحظى بغطاء سعودي ودولي، ولكن لا يمكن التعاطي معها بشكل ملموس، إلا بعد أن يصدر الحريري موقفاً رسمياً يعلن فيه ترشيحه لفرنجية لأن كل ما يقال حتى الآن ويُبنى من تحليلات يشكل تسريبات ومواقف عامة وليس مواقف رسمية".
وأضاف أن "طرح اسم فرنجية من قبل الحريري في حال تكرس في مؤتمر صحافي علني كما يقال، يتعين نقل هذا الملف لأول مرة منذ دخولنا في الفراغ الرئاسي الى مستوى عالٍ من الجدية، وسيفرض على كل القوى الداخلية ان تعيد رسم اللوحة بشكل مباشر".
المصدر ذاته اعتبر أن هناك مجموعة من الألغام او المفخخات على طريق هذا الخيار، وقال "لا يمكن أن نصل إلى ضفة النهاية، علماً أن الخيار هذا سيصل إلى نهايته السعيدة، دون نـزع هذه المفخخات عن الطريق للوصول إلى النهاية".
وأضاف أن "لعبة إخراج هذا الخيار داخلياً وتسويقه قد توازي نصف المسافة مقابل تبني الحريري والغطاء الدولي والإقليمي لهذا الخيار، لذلك نصف المسافة هو الجزء الذي شاهدناه، ونصف المسافة الثانية هو الإخراج الداخلي ونـزع العبوات من الطريق، وبالتالي المسألة مرهونة بوصولها إلى محطتها النهائية وتكامل النصفين، خاصة أن الموقف المسيحي الذي نشاهده يبدو متدحرجاً بهذا الشكل التصاعدي والموضوع ليس رسمياً".
وتابع المصدر قائلا "هناك خلاف كبير بين حزب القوات اللبنانية والدكتور سمير جعجع والرئيس سعد الحريري، وهذا الخلاف بدأ علناً، إضافة إلى الخلاف الكبير بين النائب وليد جنبلاط كأحد عرّابـي الترشيح وسمير جعجع، بحيث شاهدنا سجالاً واضحاً على "تويتر" بالأمس، واليوم مستشار جعجع هاجم الحريري والسعودية علناً".
ثلاثية القوات والكتائب وعون
وتساءل المصدر المقرب من حزب الله قائلا "ما بالك إذا شكل الموقف المسيحي ثلاثية من القوات والكتائب وعون مشابهة لحلف الـ68 من بيار الجميل وريمون اده وكميل شمعون وقتها ضد الخيار الشهابـي والمكتب الثاني".
وأضاف أنه "إذا تكرس الحلف الثلاثي واقعاً فإن المسألة لن تكون باليسر الذي يتوقعه كثيرون، ونحن بالطبع أمام اصطفافات جديدة سواء حصل الأمر أم لا، لكن لمعرفة شكل هذه الاصطفافات وأبعادها نحتاج إلى المزيد من الوقت قبل أن نحاكمها بشكل نهائي".
وتابع قائلا "حتى داخل قوى 8 آذار وبعلاقتهم مع التيار الوطني الحر هناك نوع من التمايز والتجاذب حول النظرة إلى الأمور، وهي بحاجة إلى تدقيق وقراءة، وبالتالي الخلافات العميقة التي تحصل بين الأطراف الداخليين على خلفية هذه القضية هي خلافات بين كل من قوى 8 و14 آذار وهي عابرة أيضاً للعلاقة بين الطرفين".
وعن الصيغة التي سيخرج بها القانون الانتخابـي، قال المصدر المقرب من حزب الله "المؤسف أنه حتى الآن ما نسمعه هو على قاعدة التسريب بسبب عدم وجود معلومات رسمية، فالصفقة تحصل على نوع من المحاصصة لإعادة إنتاج الطبقة السياسية الحالية وفتح مدى لها من دون لحظ رغبة الشعب اللبناني بالتغيير الحقيقي".
وأضاف أنه "من الواضح أن قانون الانتخاب يتحرك بين حدين، حد قانون الستين وحد القانون المشترك الذي طرحته القوات والاشتراكي والمستقبل، ويبدو أن السقف التفاوضي هو الذي يحكم هذه المسألة".
وأشار إلى أن حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني تحدث في خطابه الأخير عن تسوية سياسية متكاملة على طريقة الحزمة، وأوضح قائلا إن "مسألة الحزمة في طرح نصر الله هي المضمون السياسي الأهم، أي أن الملفات الاساسية هي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب والحكومة وكل المناصب المرتبطة بهذه الملفات، توضع على طاولة قبل التفاهم على عنوان بعينه يجري التفاهم عليها دفعة واحدة، وتذهب بعدها إلى التطبيق.
الحريري – فرنجية
وعن الطرح السياسي القائم على أساس فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل الحريري رئيساً للحكومة، اعتبر المصدر المقرب من حزب الله أن "خطورة الطرح أنه يحاول أن يربط المسألة بأشخاص".
وأضاف المصدر: "إنني أؤيد ما يمثله سليمان فرنجية من خيار سياسي في البلد على مدى 20 سنة وأعتبره نموذجاً للوفاء والموقف الصلب الذي لا يطعن بالظهر، لكن بما أننا نتكلم عن تسوية سياسية ذات طابع وطني، من الأفضل أن نتفق على العناوين لهذه التسوية لتسقط بعد ذلك على الأشخاص، ولكن خطورة ما يجري أنه يسقط الأشخاص على العناوين وليس العكس".
وقال "هذا لا ينفي أن ما يطرح هو فرصة حقيقية جدية تتجاوز منطق المناورة، وتعبر عن محاولة دغدغة مصالح كل الأطراف المعنيين، ولكن دون هذا الأمر عقبات جدية على الطريق، علماً بأن تجربة الرئيس ميشال سليمان عندما جرى التفاهم عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، بقي الأمر على الطاولة ليكرس واقعاً في 24 مايو/أيار2008.
وأضاف أنه "يمكن أن يبقى فرنجية الخيار الحقيقي المطروح لزمن ليس بقليل، علماً بأن البعض يحاول أن يقول بأنه إن لم يتحقق هذا الانتخاب من الآن حتى أعياد الميلاد تكون قد فقدت المبادرة حيويتها وفرص نجاحها".
واستطرد: "أنا لا أوافق على هذا الرأي، وأقول إن المنطقة بحاجة لأن يتكامل فيها عدد من المعطيات التي لها علاقة بالملف السوري تحديداً قبل أن تنضج قوة الدفع لأي خيار رئاسي حتى خواتيمه النهائية".
وتابع المصدر قائلا: "فرنجية يمثل خياراً حيوياً، ويمثل بالنسبة لي خياراً استراتيجياً ولكن حجم تمثيل عون مسيحياً بالنسبة لي حاسم في إسقاط الموضوعية على هذا الخيار، وبالتالي إذا استطعنا أن نمزج بين ما يمثله عون وما يمثله فرنجية يمكن أن يتحول هذا الخيار إلى حقيقة".
aXA6IDE4LjIyNS45NS4xMTcg جزيرة ام اند امز