تداعيات هجوم نيس.. الفرنسيون المسلمون يشعرون بالخوف والعزلة
كثير من المسلمين يخشون تحميل طائفتهم المسؤولية ظلمًا عن هجوم نيس الذي أودى بحياة 84 شخصًا ويحذرون من تزايد التمييز ضدهم
في ضاحية أريان الفقيرة بمدينة نيس الفرنسية يخشى كثير من المسلمين تحميل طائفتهم المسؤولية ظلمًا عن هجوم يوم الباستيل (العيد الوطني) الذي أودى بحياة 84 شخصًا ويخشون من تزايد التمييز والانقسامات الاجتماعية نتيجة لذلك.
وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم، وأشاد بمحمد لحويج بوهلال التونسي المولد ووصفه بأنه أحد جنوده.
وقاد بوهلال الرجل شاحنة ودهس بها أناسًا تجمعوا عند ممشى على الواجهة البحرية للمدينة للاحتفال بالعيد الوطني مساء الخميس، وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن بوهلال (31 عامًا) تحول "للتشدد سريعًا".
وقال مدعي عام باريس، الإثنين، إنه لا يوجد دليل على وجود صلات مباشرة له بداعش، لكن بوهلال أبدى في الفترة الأخيرة اهتمامًا بالتنظيم الإرهابي.
وفي أريان وهي ضاحية يقطنها عدد كبير من السكان المسلمين وتقع على بعد بضعة كيلومترات من منطقة أباتوار التي كان يعيش فيها بوهلال قال إمام مسجد الفرقان إن الجماعات الراديكالية تستغل الضعفاء وحذر من التركيز على ديانة القاتل.
وقال بوبكر بكري "أن يتعرض الضعفاء للاستغلال لا يعني أن نهاجم دينهم، بل على العكس تمامًا ينبغي أن نتكاتف سويا وندافع عن البلاد."
وأضاف قائلًا "الجريمة هي جريمة" بصرف النظر عن الدين.
ترك بوهلال تونس في عام 2005. ورسمت أسرته صورة رجل عانى من "مشاكل نفسية" وكان عرضة للاكتئاب ولهياج مشوب بالعنف.
وكانت له عدة مخالفات مع القانون منها إدانته في مارس/آذار هذا العام بإلقائه لوح خشبي في حادث انفعالي مروري.
ووصف أقارب وأصدقاء بوهلال الرجل بأنه كان حتى وقت قريب يكثر من شرب الكحوليات ويدخن الماريوانا ويقيم علاقات نسائية وهو سلوك يتناقض مع حياة المسلم المتدين.
وكان العابد لوفتي، الزعيم الديني لبلدتي أنتيب وجوان لوبن، من بين الزعماء المسلمين في جنوب شرق فرنسا الذين نأوا بطائفتهم عن المهاجم.
وقال "الرجل لم يصم رمضان وهو أقل ما يمكن اعتباره بالنسبة لمسلم صالح.". ويعيش بفرنسا أكبر أقلية مسلمة في أوروبا.
وفي مؤشر على تنامي الشعور بالعزلة لدى كثير من المسلمين في أريان وغيرها من المناطق قال يونس وهو من المهاجرين المغاربة إن المجتمع المسلم يقع عليه اللوم "في كل مرة يحدث فيها أمر في فرنسا وفي أوروبا."
وقال يونس الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل وكان يجلس عند مدخل بناية سكنية مؤلفة من 8 طوابق مواجهة للمسجد الصغير في الحي "ذات مرة كانت المشكلة في التمييز العنصري والآن أصبحت في التمييز الديني."
"مجندون"
على مدار عقود ظلت نيس التي تشتهر باليخوت الراسية في مياهها الزرقاء وشوارعها التي تحفها أشجار النخيل بوابة لموجات المهاجرين الوافدين من المستعمرات الفرنسية السابقة ومنها تونس والمغرب والجزائر.
وأفرزت المدينة أيضًا أكبر مجموعة من المتشددين الفرنسيين الذي انضموا للحرب في سوريا بوجود نحو 1 من كل 10 من المدينة.
وخسر داعش الكثير من الأراضي في سوريا والعراق هذا العام ويخشى بعض المسؤولين أن تدعو أنصارها لتنفيذ هجمات على نطاق كبير.
وسواء كان لبوهلال صلة مباشرة بتنظيم داعش أم لا فإن المعلومات الخاصة به تتوافق مع ما توصلت إليه دراسة أجرتها مؤخًرا وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) عن المجندين المتشددين الأجانب.
أظهرت الدراسة أن نحو 4 من كل 5 من المجندين في داعش لهم سجلات جنائية بينما جرى تشخيص نحو 20% منهم بأنهم يعانون من مشكلات تتعلق بالصحة النفسية.
وتقدم الخبيرة النفسية برجيت جوي المشورة للشبان المسلمين الذين يشعرون بالتهميش والغضب تجاه المجتمع الفرنسي وربما يكونون عرضة لتجنيدهم على يد الجماعات الإرهابية.
وقالت جوي إن الروايات الواردة في وسائل الإعلام عن شخصية بوهلال من أقاربه وجيرانه ترسم صورة لشخص غير متزن شعر بالعزلة وكان عرضة (لحالات) من الهياج المشوب العنف.
وأضافت أنه من هذا المنطلق فإن بوهلال لا يمثل بالضرورة حالة فردية.
وقالت: "إنها صورة نراها هناك. ثم في لحظة محددة قد تتصادم عوامل مختلفة ومنها عوامل في الحياة الشخصية مما يعني أن نقطة التحول ممكنة وأن المجال مهيأ لهم للبحث عن علاج لتصفية حساباتهم.. من خلال ارتكاب عمل وحشي."
aXA6IDMuMTQyLjk4LjExMSA= جزيرة ام اند امز