غدامس الليبية على لائحة يونيسكو للمواقع المعرضة للخطر.. تعرف إليها
أدرجت لجنة التراث العالمي أخيراً، مدينة غدامس القديمة على قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر، بسبب الأخطار الحاليّة والمحتملة
أدرجت لجنة التراث العالمي التي اجتمعت في اسطنبول بين 10 و17 يوليو الجاري، مدينة غدامس القديمة على قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر بسبب الأخطار الحاليّة والمحتملة التي يسببها الصراع القائم في هذا البلد. وضمت القائمة أيضاً 4 مدن ليبية هي مدينة شحات الأثريّة، ومدينة لبدة الكبرى الأثريّة، ومدينة صبراتة الأثريّة، وجبال أكاكوس الصخريّة.
وتهدف قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر إلى إطلاع المجتمع الدولي على الظروف المهدِّدة باندثار الصفات التي أدت إلى إدراج موقع ما على قائمة التراث العالمي وحشد دعم المجتمع الدولي من أجل حماية هذه المواقع.
"العين" تعيد نشر تقرير خاص للزميل خالد الرفاعي عن "غدامس" وبيوتها القديمة التي تبدو كتحف فنية تحمل بين طيات جدرانها موروث ثقافي متراكم عبر السنين والتي تعتبر أحد أبرز العناصر التي جعلت المدينة تنتخب كمدينة التراث العربي لعام 2016 بعد منافسة مع مدينة صنعاء اليمينة وسوسة التونسية وسامراء العراقية والفسطاط المصرية والسلط الأردنية.
وحققت المدينة التي تقع في جنوب غرب ليبيا المرتبة الأولى في الاستفتاء الإلكتروني الذي أجراه اتحاد الإعلاميين العرب الأسبوع الماضي، وحصدت 31182 صوتًا مقابل 30504 أصوات لمدينة صنعاء، وتتسلم المدينة درع مدينة التراث العربي ضمن فعاليات "مونديال الاتحاد الدولي للإعلام العربي" المقرر إقامته في بداية 2016 في مصر.
ويهدف القائمون على هذه الجائزة إلى العمل على إبراز عراقة وأصالة الهوية العربية، وقد تشكلت لجنة خاصة لفرز الأصوات التي تأتي عبر تصويت إلكتروني.
قداموس أي الجلود هو اسم مدينة غدامس الليبية باللغة الرومانية، وقداموس هذه التي تبعد حوالي 600 كيلومتر عن العاصمة الليبية طرابلس، يسميها الطوارق بـ"أغداميس" (مناخ الإبل).
تقع المدنية التي شهدت في السنوات الأخيرة منفذًا لتهريب السلاح والهجرة غير الشرعية، في المثلث الحدودي الذي تلتقي فيه ليبيا مع الجزائر وتونس، وعلى الرغم من أنها شكلت سابقًا مركزًا لتهريب السلاح والهجرة غير شرعية بحكم موقعها، إلا أنها الآن تُعتبر من أكثر المدن الليبية أمنًا وأمانًا، بل وكانت إحدى مدن التفاوض بين الفرقاء وبرعاية الأمم المتحدة في فترات سابقة، والمدينة عينها مرشحة بقوة لاستضافة جولة أخرى من المفاوضات.
وتبعد عن الحدود الجزائرية غربًا 15 كيلومترا، فيما يبعدها عن الحدود التونسية شمالًا 9 كيلومترات فقط، وقد صُنفت مدينة غدامس كمدينة تاريخية من قبل "منظمة التربية والعلوم والثقافة اليونيسكو، واندرجت تحت مضلة المُدن المحمية من قبلها.
بيوت غدامس وتلاصقها وترابطها مع الأزقة المسقوفة هي علامتها الفارقة، الهندسة المعمارية المميزة التي بُنيت بها البيوت وارتباط ذلك بطريقة غريبة مع الأزقة والشوارع جعلتها تبدو للزائر وكأنها ممرات وأروقة.
قد يشعر المرء أنه لازال في داخل أحد البيوت؛ إذ أن مساحات كبيرة من هذه الأزقة والشوارع مسقوفة، ما يجعلها ممرات ينساب منها الهواء العليل الذي يُلطف من درجة الحرار للمارة، ويأخذ السائر بها إلى أجواء ساحرة من تناغم لوني بين ضوء الشمس المنساب والمتسرب من الأجزاء المكشوفة، وبين الهدوء الساكن المختبىء في الظلال تحت الأجزاء المسقوفة، ما يُبدع سيمفونية ضوئية ترحل عبرها أخيلة الناظر إلى عمق التاريخ لتلتقي روح من سكنوها عبر السنين وأعطوها عبقها الساحر.
يُعد البيت الغدامسي هو العنصر المهم للقيمة الثقافية والجمالية لمدينة غدامس بما يحمله من خصوصية تجعلهُ في حد ذاته تحفة فنية تحمل بين طيات جدرانها موروث ثقافي متراكم عبر السنين، فصُبغت الحوائط بزاهي الألون وتوشحت بالأدوات المعلقة والنقوش المعبرة عن روح المكان ورهافة حس وذوق ساكنيه، ولم تقف أهمية البيت الغدامسي عند هذه القيمة الجمالية فقط، بل إنه في الأساس صُمم ليعكس عبقرية هندسية بديعة؛ إذ أن البيت الغدامسي مكون من أكثر من دور، والملاحظ أن الدوري العلوي عادة ما يكون أوسع من السفلي؛ لأنه يمثل جزءا من سقف الشارع أو الزقاق المجاور له، فيما يُعتبر السطح جزء مهم من منظومة التواصل الاجتماعي بين السكان، حيث إن كل البيوت متصلة مع بعضها البعض من الأسطح، والتي تمثل البراح الحر لحركة النسوة، فاللقاءات والزيارات بين النساء تتم عبر التنقل فيما بين الأسطح.
لعبت غدامس قديمًا دورًا مهما جدا في حركة التجارة والقوافل بين الجنوب والشمال، وقد كانت محطة لكل قوافل التجارة في أفريقيا، وذلك كنتيجة للموقع الجغرافي المميز الذي تتمتع به، ولعل هذا الموقع هو الذي استمدت منه هذه المدينة عراقتها، فعلى الرغم من التباين والاختلاف فيما بين المؤرخين على تحديد بداية ونشأتها، إلا أنها استطاعت أن تجعلهم جميعًا على اتفاق بأنها تمثل مدينة ذات حضارة موغِلة في القِدم وضاربة بجذورها في أعماق التاريخ.
وتبرز الأهمية التاريخية لمدينة غدامس والقيمة الثقافية لها فيما أورده المؤرخون من سرد حول خضوعها لحكم الكثير من الإمبراطوريات التي حكمت العالم في غابر العصور سواء الرومان أو الإغريق، وغيرها من الامبراطوريات وصولاً للحضارة الإسلامية؛ إذ دخل الإسلام أول مرة لمدينة غدامس مع الفتح الإسلامي بقيادة عقبة بن نافع عام 667 ميلادي.
تميزت هذه المدينة بأحد أهم معالمها والمثمثل في عين ماء تقع في وسط المدينة كان قد وصفها ياقوت الحموي في كتابه بأنها عينًا أزلية، وتسمى "عين الفرس" فهي تمثل أحد أهم رموز المدينة وقبلة الزائر لها من جهة وهي شريان الحياة، ومصدر العيش من جهة أخرى، حيث استطاع سكان المدينة عبر سنين استثمار مياهها الاستثمار الأمثل من خلال منظومة توزيع للمياه، حافظت على جعل هذه الواحة فعلاً، كما توصف بلؤلؤة الصحراء، وكانت هي عصب استمرار الحياة بالمدينة.
aXA6IDMuMTUuMTg2Ljc4IA== جزيرة ام اند امز