الاستيطان التدريجي.. إستراتيجية إسرائيلية لتضليل المجتمع الدولي
خبراء فلسطينيون يعدون أن اعتماد السياسة الإسرائيلية التدرج في إعلان المشاريع الاستيطانية يأتي ضمن استراتيجية التخدير وفرض الأمر الواقع
اعتبر خبراء فلسطينيون أن اعتماد السياسة الإسرائيلية التدرج في إعلان المشاريع الاستيطانية يأتي ضمن إستراتيجية التخدير وفرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي، محذرين من أن هذه المشاريع تقوض الأحلام الفلسطينية في الدولة الفلسطينية المستقلة، وتعد بمثابة جرائم حرب.
وقال الخبير المختص في شؤون الاستيطان عبدالهادي حنتش، لـ"بوابة العين"، إن عطاءات بناء الوحدات الاستيطانية تتم بالتدريج وليس جملة واحدة؛ لتلافي الإدانات الدولية؛ ولتحرير الإدارة الأمريكية من الحرج؛ جراء مواقفها الباهتة من الاستيطان من ناحية؛ ولتجاوز الغضب الفلسطيني جراء تعاظم الاستيطان على أرضهم من ناحية ثانية.
وفي أحدث إعلان إسرائيلي بهذا الصدد، أودعت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية القدس خطة لبناء 770 وحدة سكنية جديدة، من أصل 1200 وحدة سكنية يشملها المخطط، في المنطقة الواقعة بين مستوطنة "غيلو" في شمال القدس الشرقية المحتلة وبلدة بيت جالا.
وأوضح حنتش أن إسرائيل تنفذ مخططًا لبناء 64 ألف وحدة استيطانية موزعة على المستوطنات المنتشرة، في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، لافتًا إلى أن القدس أخذت الحيز الأكبر من تلك الوحدات الاستيطانية بحصة تصل إلى 15 ألف وحدة، تهدف من ورائها لمضاعفة أعداد الإسرائيليين في القدس؛ لجهة فرض واقع ديمغرافي جديد يغير من الطابع الفلسطيني العربي للمدينة إلى طابع يهودي.
ودأبت وسائل الإعلام الإسرائيلية، على نشر أنباء المناقصات لبناء الوحدات الاستيطانية، إضافة إلى ما تكشفه بين الحين والآخر منظمة السلام الإسرائيلية، والتي أظهرت المعطيات التي نشرتها تضاعف الاستيطان بشكل كبير في العامين الأخيرين، واللافت أن ذلك يجري بصمت وعلى مراحل في الكثير من الأحيان.
مخطط متكامل .. والتنفيذ تدريجي
وأكد حنتش أن إسرائيل لديها مخطط كامل للاستيطان في الضفة لكنها تنفذه وتعلن عنه بالمفرق على مراحل، مضيفًا "هناك مخطط إستراتيجي كامل مثلًا للاستيطان في القدس الجزء الأول ينتهي عام 2020 وآخر يمتد لربع قرن آخر".
وتابع "هناك نوعان من الاستيطان تعمل بهما الحكومة الإسرائيلية: الأول هو الاستيطان المعلن الذي يمر عبر الحكومة والعطاءات ليطلع عليها الجمهور، والنوع الثاني هو الاستيطان الذي يتم دون المرور عبر العطاءات في وسائل الإعلام، وإنما يتم عبر منظمات صهيونية تعمل في الاستيطان بصمت منذ عقود من خلال متنفذين في الحكومة".
وشدد على أن هذا النوع من الاستيطان أخطر من المعلن؛ لأنه يفوق المعلن بأضعاف من حيث المساحة والأرقام، فضلًا عن خطورته الإستراتيجية، فيما الاستيطان الهادئ يمر أحيانًا من أراضي فلسطيني غير مصادرة كي لا يثير أصحابها، وبعد البناء يصدر قرار المصادرة.
منهجية التضليل
بدوره، اتفق أسامة سعدي، النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، مع حنتش في وجود سياسة ومنهجية إسرائيلية تعتمد سياسة التضليل في مشاريعها الاستيطانية لذلك إما تنفذ دون إعلان، أو تعلن على مراحل، لامتصاص حالة الغضب الدولي؛ لكنها مستمرة بشكل هستيري في عملية الاستيطان.
وأشار سعدي في حديثه لـ"بوابة العين" إلى أن الاستيطان ودعمه يحظى بالدعم الرسمي على أكثر من مستوى في ظل حكومة اليمين الحالية، ومن دلائل ذلك القوانين التي نجح حزب البيت اليهودي، في تمريرها، والتي تعطي امتيازات ضريبية وتوفر المزيد من الدعم للمستوطنات، فضلًا عن إقرار خطط توسعية جديدة، وتسهيل مصادرة أراضي وممتلكات الفلسطينيين .
صمت مشجع
وحذر بأن هذا الاستيطان يضع حدًّا للدولة الفلسطينية وينهي أي تواصل جغرافي بين المنطقة وجاراتها في الضفة الغربية، وذهب إلى القول بأن من يعتقد أن الاحتلال يريد سلام مع الفلسطينيين بعد هذا البناء فهو واهم.
واتفق حنتش وسعدي على قصور دور المجتمع الدولي أمام تفشي الاستيطان، ومباركة واشنطن أو صمتها، يشجع إسرائيل لتنفيذ المزيد من الخطط الاستيطانية الذي يضع على عاتق الفلسطينيين أنفسهم عبء التصدي لمصادرة أرضهم وسياسات الأمر الواقع التي تريد إنهاء أحلامهم في دولة مستقلة مترابطة الأطراف.
جريمة حرب
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني المختص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور فهد أبو الحاج أن التهويد الاستيطاني المتسارع في القدس المحتلة يمثل جريمة حرب وفقًا لميثاق روما، موضحًا أن الحكومة الإسرائيلية اليمينة المتطرفة لا تزال تضرب بعرض الحائط الأعراف والمواثيق الدولية كافة، في مسعى منها من أجل إقامة مشروع "القدس الكبرى"، الذي يسعى للقضاء على الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة.
وقال في حوار خاص مع بوابة " العين" إن إسرائيل تسابق الزمن من أجل استكمال عملية التطهير العرقي للفلسطينيين في المدينة المقدسة، وتعمل على تعزيز الوجود الإسرائيلي هناك، وذلك على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
وأكد الدكتور أبو الحاج، وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن الهدف من المشروع الاستيطاني في القدس جذب المزيد من المستوطنين، وأحداث تغيير ديمغرافي بالمدينة المقدسة، وبالتالي فرض واقع جديد يقضي على مشروع حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وشبه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، التهويد الاستيطاني في القدس بـ" السرطان" الذي ينهش في الوجود الفلسطيني باستهداف أرضه وإنسانيته، مؤكدًا أن هذا الاستيطان يتجذر ويتضاعف بفعل الممارسات الإسرائيلية على الأرض، وهو الذي يضاعف من معاناة الفلسطينيين.
aXA6IDMuMTM4LjE4MS45MCA=
جزيرة ام اند امز