الاتفاق الذي تم الإعلان عنه بين علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي، لم يكن مفاجئاً لمن يتابع الوضع الشاذ في البلاد
الاتفاق الذي تم الإعلان عنه الخميس الماضي بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي والخاص بتشكيل مجلس سياسي أعلى لإدارة البلاد، يضم 10 أعضاء مناصفة، لم يكن مفاجئاً لمن يتابع الوضع الشاذ في البلاد، بل إن هذا الإعلان قد تأخر كثيراً، فمن المعلوم أن الانقلاب الذي جرى في سبتمبر/ أيلول من العام 2014 ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي، رغم أدائه غير المقنع في التعاطي مع الأزمة، تم باتفاق بين الحوثيين وصالح.
ربما يكون الجديد أن التحالف ظهر إلى العلن، فالأعداء الذين تقاتلوا لست سنوات، اجتمعوا ليوقعوا على اتفاق يوحد جهودهم ويعمّد انقلابهم، بعدما ظلوا طوال عامين ينكرون وجوده، حيث كان صالح يقول إن الحوثيين سلطة الأمر الواقع والسلطة في أيديهم، فيما الجميع كان يدرك أن الوحدات العسكرية الموالية له كانت في مقدمة الصفوف في عملية اجتياح المدن التي تحملها الحوثيون وحدهم، وهي اليوم في مقدمة الصفوف تقاتل ضد المملكة العربية السعودية على حدودها الجنوبية، وخبرة إطلاق الصواريخ البالستية لا يملكها إلا أفراد جيش نظامي وليس رجال قبائل.
يمتلك صالح الخبرة والدهاء، ويمتلك الحوثيون الاندفاع والرغبة في البروز كقوة سياسية فتية، وقد انتظرت خبرة صالح ودهاؤه، عامين، وربما أقل قليلاً لكبح اندفاعة الحوثيين ورغبتهم في الظهور كسلطة تتحكم في كل شيء وأعادهم إلى أرض الواقع، بعدما تأكدوا أنهم غير قادرين على حمل تبعات الانقلاب وحدهم، وبالتالي جاء الاتفاق ليؤكد أن الطرفين كانا في حاجة إلى بعضهما بعضاً، وتجسد ذلك في اتفاق الخميس الماضي، حيث حضر صالح ليشهد توقيع الاتفاق بين حزبه والحوثيين، الذين خاض ضدهم 6 حروب راح ضحيتها الآلاف من أفراد الجيش والقبائل، وبالتالي نسف الاتفاق ما عرف بـ «الإعلان الدستوري» واللجنة الثورية التي أدار الحوثيون بها الحكم طوال هذه الفترة.
وعلى العكس مما يتصوره البعض، فإن الاتفاق الجديد، قد يكون عاملاً في بروز الخلافات بين الجانبين، فصالح يريد مزيداً من الكعكة التي في أيدي خصومه، فيما يرغب الحوثيون في الحفاظ على المكاسب التي حققوها خلال الفترة الماضية، ومنها ضم أنصارهم في المؤسسات العسكرية والأمنية ومختلف مؤسسات الدولة.
من هنا فإن الاتفاق قد يكون سبباً في تصاعد الخلافات بينهما في طريقة إدارة الدولة، فصالح الذي عاد إلى الواجهة بتشارك السلطة مع الحوثيين في المناطق التي تقع خارج سلطة الشرعية، لن يقتنع بوجود شريك فاعل إلى جانبه، ويتذكر الكثيرون كيف كان صالح يردد أثناء شراكة الحزب الاشتراكي في دولة الوحدة قبل حرب 1994، أنه من غير الممكن أن يكون هناك سيفان في غمد واحد، والتاريخ اليوم يعيد نفسه، فهل يستوعب صالح الحوثيين غمداً ثانياً في سيف يعتقد أنه مالكه الوحيد؟
السؤال المطروح بعد إنجاز الاتفاق هو عن طبيعة الخطوة التي يمكن أن يقدم عليها الانقلابيون، وأي أوراق لم يلعبوها بعد؟ وهل تكون خطواتهم مدروسة لفتح أبواب للسلام أم إلى مزيد من التعقيد؟
نقلًا عن صحيفة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة