"كاروشي" يقتل اليابانيين لإفراطهم في العمل
الحكومة اليابانية تقول إن المئات من اليابانيين يسقطون قتلى على يد "كاروشي"، بينما ترفع التقديرات غير الرسمية عددهم إلى الآلاف.
في الغرب، تنشر ملايين الكتب والقصص والمقالات، التي تنصحك لتعمل بشكل أكثر إنتاجية، حتى تتمكن من قضاء وقت أكثر مع عائلتك أو فعل الأشياء التي تحبها.
لكن يبدو أن الأمر مختلف بالنسبة لليابانيين، حيث لا يُعرف مصطلح "التوازن بين العمل والحياة"، فتنتشر ظاهرة "الموت إرهاقًا" أو ما يعرف بـ"كاروشي"، التي جاءت كنتيجة حتمية لثقافة عمل مرهقة لا يمكن مناقشتها.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أشارت إلى أن المئات وربما الآلاف في اليابان يعملون حتى الموت في كل عام، وكان كيوتاكا سيريزاوا واحدًا منهم.
وفي يوليو/ تموز عام 2015، انتحر الشاب البالغ من العمر 34 عامًا بعد ساعات متواصلة من عمل جنوني في شركة لصيانة المباني السكنية، وصلت إلى 90 ساعة أسبوعيًا خلال الأسابيع الأخيرة من حياته.
وفي مقابلة مع مراسلة الصحيفة بمنزله، قال والده كيوشي سيريزاوا: "أخبرني زملاؤه أنهم كانوا مذهولين من كثرة عمله، وقالوا إنهم لم يروا أحدًا يعمل بهذا الجهد الشاق".
واليابان لديها ثقافة عمل حيث قضاء ساعات طويلة من المثابرة في العمل أو في المواقف الاجتماعية الإجبارية مع الرؤساء بعد العمل، هي القاعدة والمعيار.
وقد بدأت هذه الثقافة في الانتشار في السبعينيات، عندما كانت الأجور منخفضة نسبيًا، والموظفون يريدون مضاعفة أرباحهم، واستمرت خلال سنوات الازدهار في الثمانينيات، عندما أصبحت اليابان ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وظل الحال كما هو بعد أزمة الفقاعة العقارية في أواخر التسعينيات، عندما بدأت الشركات إعادة الهيكلة، وبات الموظفون يبقون في العمل في محاولة لضمان عدم تسريحهم.
ورغم ذلك، كان يتم إحضار العمال غير الدائمين، الذين يعملون بدون استحقاقات أو أمن وظيفي، ما جعل العمال النظاميين يكدحون بجد أكثر، وفي الوقت الراهن، لا أحد يغمض له جفن في أيام يستمر فيها العمل أكثر من 12 ساعة.
وبينما لا تتجاوز ساعات العمل الأسبوعية الأساسية 40 ساعة، لا يعمل العديد من العمال ساعات إضافية خشية أن يحصلوا على تقييم أداء سيء، وهو ما أدى إلى مفهوم "خدمة ساعات العمل الإضافية"، وكلمة "خدمة" هي المقابل في اللغة اليابانية لكلمة "مجاني".
وقد أدى هذا الجدول الزمني القاسي إلى ظاهرة "كاروشي" التي أصبحت سببًا معترفًا به للموت؛ إما جراء أزمة أو سكتة قلبية مميتة أو انتحار ناجم عن إفراط في العمل.
وتشير أرقام وزارة العمل اليابانية إلى تسجيل 189 حالة وفاة في العام الماضي بسبب "كاروشي"، على الرغم من أن الخبراء يعتقدون أن العدد الفعلي يقدر بالآلاف.