"ديوان إسماعيل صبري" في سلسلة الشعر العربي
ارتبط اسم إسماعيل صبري بحركة النهضة الشعرية التي أحيت القصيدة العربية بعد موات طويل منذ نهايات العصر العباسي ومرورا بالمملوكي والعثماني
عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، صدر أخيرا وضمن سلسلة (ديوان الشعر العربي)، "ديوان إسماعيل صبري باشا" تقديم السماح عبدالله. الديوان الذي قام بجمعه "صاحب العزة حسن رفعت بك"، لواحد من أساطين ما عرف بمدرسة الإحياء والبعث، هو إسماعيل باشا صبري صاحب الأبيات المشهورة:
[أين "صبري" من يذكر اليوم "صبري".. بعد أعوام عزلة وشهور
اسألوا الشعر فهو أعلم هلا .. أكلته الأسماك طي بحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــور]
هكذا كتب إسماعيل باشا صبري عن نفسه، وصارت حاله بعد عقود طويلة حتى أن ديوانه الذي صدر بعد رحيله بسنوات طوال لم يطبع سوى مرة واحدة فقط عام 1938 وكاد قراء الشعر ومحبوه لا يعرفون منه غير اسمه الذي دائما ما يذكر إذا ما ذكرت أسماء شعراء حركة الإحياء والبعث في تاريخ الأدب والشعر العربي.
ارتبط اسم إسماعيل باشا صبري بحركة النهضة الشعرية التي أحيت القصيدة العربية بعد فترات الموات الطويلة منذ نهايات العصر العباسي ومرورا بالمملوكي والعثماني وحتى بدايات العصر الحديث. ويضم الديوان إلى جانب القصائد الوطنية التي تمثل غالبية الديوان قصائد في أغراض أخرى من غزل ووصف وتأمل ومدح وتهنئة وغير ذلك من مختلف الأغراض الكلاسيكية.
إسماعيل باشا صبري (1854-1932)، شاعر مصري بارز من شعراء عصر النهضة، تدرج في العديد من المناصب القضائية المختلفة وتولى مناصب كبرى، ويذكر له التاريخ مواقف وطنية أبرزها اعتزاله العمل القضائي اعتراضا منه على محاكمة دنشواي.
ولد إسماعيل صبري في القاهرة في 16 فبراير 1854 لأسرة متوسطة، كان أبوه تاجرًا مشهورًا بالتقوى وحسن السمعة. أُرسل بتوجيه من علي بك مبارك إلى فرنسا في بعثة لدراسة القانون، وحصل على ليسانس في الدراسات القانونية من كلية الحقوق بمدينة إكس عام 1878، وفور عودته إلى مصر عين في السلك القضائي الذي ظل يترقى في مناصبه إلى أن بلغ درجة النائب العام عام 1895، فكان أول مصري يشغل هذا المنصب.
وعين بعد ذلك محافظًا للإسكندرية ثم وكيلًا لوزارة الحقانية (العدل) وظل يشغل هذا المنصب إلى أن اعتزل الخدمة (1907). ثم تفرغ بعد ذلك لنظم الشعر ورعاية الأدباء الشباب، ولذلك لقب باسم "شيخ الشعراء" حيث تتلمذ على يديه عدد من كبار الشعراء في مرحلة شبابهم، ومن هؤلاء أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مطران وغيرهم.
وعلى الرغم من المناصب الرسمية الرفيعة التي تولاها فقد كانت له مواقفه الوطنية الثابتة التي كانت تتعارض مع السياسة الرسمية في كثير من الأحيان ولكنه لم يكن يأبه لذلك، فكان صديقًا حميمًا للزعيم مصطفى كامل، وتبنى في شعره كل المناسبات والأحداث الوطنية، ولكنه لم يكن، وفقًا لتكوينه النفسي والسلوكي، ميالًا لانتقاد أحد؛ فكان شعره الوطني تعبيرًا حارًا عن حبه الجارف لمصر، ومشاركته لها في أفراحها وأحزانها.
وقد أجاد إسماعيل صبري، إلى جانب اللغة العربية، اللغتين التركية والفارسية، كما عكف على دواوين الشعراء القدامى ينهل منها، وكان شديد الإعجاب بصفة خاصة بشعر البحتري، وقد ورث عنه عذوبة اللغة وجمال الجرس، وتميز شعره بصفاء اللغة، ورقة التصوير وجمال الموسيقى مما لا نكاد نجد له نظيرًا في شعر أحد من معاصريه. توفي إسماعيل صبري في 21 مارس 1932. وطبع ديوانه عام 1938 بإشراف صديقه الشاعر أحمد الزين.
aXA6IDMuMTQ1LjguMiA= جزيرة ام اند امز