وأخيراً تم انتخاب مجلس النواب، وبذلك اكتملت خريطة الطريق واستوفت مصرالأركان الأساسية للتحول الديمقراطى باعتبارها أساس التقدم.
وأخيراً تم انتخاب مجلس النواب، وبذلك اكتملت خريطة الطريق واستوفت مصرالأركان الأساسية للتحول الديمقراطى باعتبارها أساس التقدم. وأثبت الشعب المصرىللعالم أنه قادر على اجتياز الصعاب، فلم يكن الأمر سهلاً بإنجاز الأركان الأساسيةللتحول الى دولة مدنية حديثة أساسها المواطنة، يستوى فى ذلك الدستور الذى يحددالعلاقة بين الدولة والشعب وحقوق المواطنين وحرياتهم وانتخاب رئيس الجمهوريةوفق الدستور والقانون وبأغلبية شعبية غير مسبوقة وانتخاب السلطة التشريعية دونتدخل ادارى، وهو ما شهدت به منظمات حقوق الانسان الدولية والاقليمية ومع ذلكفإن الطريق لا يزال طويلاً لكى تصبح مصر بلداً ديمقراطياً بالفعل، فيجب ألا نتغاضىعن النواقص التى شابت تحقيق الانجازات الثلاثة خاصة ما يتعلق منها بالدستورحيث لا يزال الأمر يفتقر الى حق السلطة التشريعية الكامل فى مراقبة أداء السلطةالتنفيذية بما فى ذلك مراقبة ميزانية القوات المسلحة والتوسع فى حق القضاء العسكرىمحاكمة المدنيين.
وهناك أيضاً ما حدث فى انتخابات مجلس النواب من سيطرة المالالسياسى على العملية الانتخابية والنظام الانتخابى الذى كان له دور كبير فى فوزالقادرين مالياً بأغلبية مقاعد مجلس النواب وغياب ممثلى العمال والفلاحين الحقيقيين.
وقد حدث ذلك نتيجة لنظام انتخابى غير متوازن يقوم على انتخاب 120 نائباً بنظامالقائمة المطلقة وانتخاب 77% من النواب بالنظام الفردى فقد ترتب على ذلك اهدارأصوات ما يقرب من نصف الناخبين وغياب قيادات شعبية لها دورها فى المجتمعلأنها لا تملك القدرة المالية الكافية لخوض المنافسات الانتخابية.
وقد كان لانجازخريطة الطريق أثرّ كبيرّ فى موقف العديد من الدول مما حدث فى مصر فى يونيو2013 عندما تحرك الشعب المصرى رافضاً استمرار حكم الاخوان المسلمين الذىأوشك أن يعصف بالدولة الوطنية المصرية وانحازت القوات المسلحة الى الشعب بعزل رئيس الجمهورية وتعطيل الدستور، تمهيداً لتعديله، واعتبرت العديد من الدول هذاالحدث باعتباره انقلابا عسكريا، ولكن التطورات السياسية فى مصر أثبتت خطأ هذا التوصيف لما جرى وأنه بالفعل خطوة مهمة على طريق التطور الديمقراطى، ويمكن البناء على هذه التطورات فى علاقة مصر بالعالم الخارجى وهو ما نشهده بالفعل فىموقف الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الذى تغير كثيراً بعد اتمام خريطة الطريق.
إننا الآن فى مفترق الطرق فاما أن ننجح فى استكمال المقومات الأساسية للتحولالديمقراطى أو تنتكس العملية الديمقراطية، ونحن فى حاجة ماسة الى الوعى بأنالمسيرة الديمقراطية تحتاج الى العديد من الاجراءات لترسيخ التحول الديمقراطى، وذلكبالوعى بالمشاكل الراهنة. وفى هذا الصدد من المهم أن نتضامن جميعاً فى إنجاحالسلطة التشريعية التى لا تعتبر مكتملة الأركان وقد أدى سيطرة رأس المال على الانتخابات الى تشكيل البرلمان كما سبق أن أوضحنا من القادرين مادياً وغياب الممثلين الحقيقيين لأغلبية الشعب من عمال وفلاحين وشباب كما أدى الى فوز عدد كبير من النواب الذين ليست لهم أية خبرة برلمانية، ويمكن أن نعالج ذلك القصور منخلال بناء منظمات شعبية حقيقية وخاصة النقابات العمالية والاتحادات التعاونيةوالحركة الحقوقية لكى تتمكن الحركة الشعبية من الضغط على مجلس النواب لكىيلتفت الى قضايا العدالة الاجتماعية، واستكمال المقومات الديمقراطية، والغاء القوانينالتى تعوق العملية الديمقراطية، وهناك ضرورة ملحة للتصدى الى الاتجاه الذىي طالب بتعديل الدستور بمنح رئيس الجمهورية سلطات أكبر على حساب سلطات مجلس النواب والعمل على تفعيل الدستور بإصدار القوانين المكملة له مثل قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون التظاهر وغيرها من القوانين التى نص الدستور علىأنها تقوم بتحويل الحقوق فى الدستور الى قوانين تمكن المواطنين من ممارسة حقوقهم الديمقراطية والاسراع بإصدار قانون الحكم المحلى لما له من أهمية كبرى فى تمكينالمواطنين من ادارة المرافق العامة والمشاركة فى الحكم من خلال المجالس الشعبيةفى المحافظات والمدن والقرى.
ربما يكون لتشكيل مجلس النواب تحت سطوة رأس المال تأثير سلبى على استكمالمقومات الحل الديمقراطى ويمكن تدارك ذلك التأثير السلبى من خلال التفاعل داخل المجلس فى الشهور الأولى من ممارسته لمسئولياته حيث يمكن بالفعل من خلالمناقشة القضايا الأساسية أن تبرز قدرات النواب، ويتم استكشاف امكانية التعاون بينهملكى يقوم المجلس بواجباته.
ولا نستبعد هنا أن تتشكل هيئات برلمانية تجمع بينممثلى بعض الأحزاب والمستقلين وأن يتبلور من خلال هذه العملية كيانات تتبنى مصالح الشعب وتؤمن بالتحول الديمقراطى مما يؤدى الى مزيد من النضج فى الأداءالبرلمانى والعمل فى نفس الوقت على حل مشاكل المواطنين، ومن خلال ذلك يقوم المجلس بدوره فى مراقبة أداء السلطة التنفيذية وإصدار التشريعات اللازمة لاستكمال البنيان الديمقراطى وغيرها من الواجبات الملقاه على عاتق المجلس النيابى.
ولنتذكرتجربة مجلس الشعب 1976 الذى اضطر أنور السادات لحله حتى يتخلص من عددمحدود من النواب المعارضين كان لهم تأثير أكبر بكثير من عددهم.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة