ترجمة الشعر مشروعة.. رغم "الخسائر"
تحتاج ترجمة الأصناف الأدبية لقواعد مختلفة وهي قواعد متباينة في صعوبتها، وقد تكون ترجمة الشعر من أصعبها.
تحتاج ترجمة الأصناف الأدبية لقواعد مختلفة وهي قواعد متباينة في صعوبتها، وقد تكون ترجمة الشعر من أصعبها، الأمر الذي يجعله "موضوع إشكالي، تواجهه معوقات وتحديات عدة"، كما لفت الشاعر نوزاد جعدان مقدم ندوة "ترجمة الشعر.. الآفاق والتطلعات" التي عقدت بيت الشعر في الشارقة.
ورغم كل رغم كل التحذيرات من صعوبة ترجمة الشعر لم يستطع المترجمون مقاومة الرغبة في ترجمة القصائد المفضلة، كما الدكتور غانم السامرائي الذي رأى أن "ترجمة الشعر متواصلة منذ قرون، ولا يبدو أنها ستتوقف، فالترجمة صيغة تقريبية عن الأصل، وبعض الترجمات مخلصة أكثر مما هي جميلة، وبعضها جميلة أكثر مما هي مخلصة للأصل، وسواء أردنا أم لا فإن ترجمة الشعر مسألة مشروعة، مثلما هي ترجمة العلوم والاقتصاد والسياسة".
السامرائي قال في الندوة التي عقدت الثلاثاء "إن الأكاديميين الذين يشتغلون في الأدب والترجمة الأدبية، يقولون إن الشعر هو أكثر الأصناف الأدبية خسارة في الترجمة، وإن الشعر لا ينفصل عن اللغة الأم، فالقصيدة العربية لا تنفصل عن سياقات اللغة العربية جسداً وتشكيلاً وصورة وصوتاً وهكذا، فالشعر مرتبط بثقافة الأمة ويصعب نقله إلى لغة أخرى دون خسارة أو ضياع لبعض ظلال المعاني، كما إن عدم الانتباه للسياق الثقافي للكلمة يوقع في عدم الضبط".
وحول التحديات والمشاكل في الترجمة اعتبر السامرائي أن "بعض الترجمات تعاني اللغة التفسيرية والحذف وتغيير زمن الفعل والصور الاستعارية وتفادي المفردات غير الشعرية والصعوبات الثقافية والتعميم بدلاً من التخصيص بالإضافة إلى أخطاء ناتجة عن فهم المفردات".
أما الدكتور شهاب غانم فذكر أن ترجمة إداورد فيتزجيرالد الساحرة لبعض رباعيات الخيام "جعلتني أقتنع منذ اطلعت عليها بإمكان ترجمة الشعر، خصوصاً إذا كان المترجم شاعراً يجيد اللغتين، وبشكل خاص اللغة التي يترجم إليها"، وأضاف غانم "اطلعت في ما بعد على رأي الجاحظ الذي يقول: (وفضيلة الشعر مقصورة على العرب، وعلى من تكلم بلسان العرب، والشعر لا يستطاع أن يترجم ولا يجوز عليه النقل، ومتى حوّل تقطع نظمه وبطل وزنه وذهب حسنه وسقط موضع التعجب منه، وصار كالكلام المنثور، والكلام المنثور المبتدأ أحسن وأوقع من المنثور الذي حوّل من موزون الشعر)، هذا كلام الجاحظ، وأنا أرى أنه متشدد فقد كان بعض الشعر المهم معروفاً عند أمم قبل العرب، ومن ذلك إلياذة هوميروس مثلاً، ولكن فعلاً معظم الشعر الموزون يترجم منثوراً، وإذا ترجم موزوناً فقد يكون أحياناً ثقيل الظل أو ثقيل الدم كما يقال، إلا إذا كان المترجم شاعراً متمكناً، وتفاعل تفاعلاً كبيراً مع النص وهضمه وترجمه شعراً في الوزن الذي ارتاح إليه الشاعر المترجم، وكان وزناً مناسباً للنص الأصلي".
aXA6IDMuMTM4LjM2LjE2OCA= جزيرة ام اند امز