خولة الحوراني.. أول سباكة أردنية
روت لـ"العين" تجربتها في مهنة السباكة، كونها مثالا يحتذى به في استثمار الطاقات والوقت، وتحدي ثقافة العيب في المجتمعات العربية.
قررت خولة الحوراني أن تكسر تابوهات المهن، وأن تتعلم مهنة هي حكر على الرجال فقط، فالرغبة والإصرار منحاها القوة لتعلم مهنة السباكة لتكون أول أردنية تعمل في مجال صيانة التمديدات الصحية.
وبالرغم من أنها مهنة تحتاج إلى جهد جسدي عال وقدرة على مواجهة تفاصيل كثيرة، إلا أنها لم تأبه لهذه الصعوبات، واعتبرت أي عائق هو تحدٍ وحافز لشق الطريق.
"العين" التقت الحوراني لتسلط الضوء على تجربتها في مهنة السباكة كونها مثالا يحتذى به في استثمار الطاقات والوقت، وتحدي ثقافة العيب الموجودة في المجتمعات العربية كافة، لتستحق بذلك أن تكون واحدة من أبطال الحياة.
من أين أتتك فكرة الاتجاه نحو مجال السباكة والتمديدات الصحية؟
تولدت الفكرة لدي وقد تجاوزت الأربعين من عمري حين أصبح أولادي في الجامعات، وأصبح لدي متسع من الوقت، وأنا فعليا أكره الفراغ، وبحثت عن دورات جديدة، ووجدت في عام 2002 دورة لترشيد استهلاك المياه من خلال ملتقى سيدات الأعمال والمهن، والتحقت بها.
ونذرت نفسي لتوعية السيدات بشكل تطوعي من خلال الزيارة للمنازل وتوعيتهن عن أهمية ترشيد استهلاك المياه، ولكن الشرح عن قطع الترشيد يحتاج أن اكون ملمّة وعلى دراية تامة بالمشاكل، التي قد تواجهني عند تركيب هذه القطع، وبالتالي التحقت في دورة أخرى حول صيانة الأدوات الصحية المنزلية في مؤسسة التدريب المهني، ومن هنا انطلقت في مهنة السباكة.
ما أهمية أن تكون المرأة ملمة بصيانة التمديدات الصحية؟
دوما صيانة التمديدات هي همّ عند الرجال، بالرغم من أن المرأة تقضي الكثير من الوقت في المطبخ وتتعامل بشكل مباشر مع هذه التمديدات، ووجود امرأة ملمة بمجال السباكة يساعد الرجل كثيرا ويحل له مشكلة، ويوفر عليه الوقت والجهد. المرأة في منزلها يجب أن تعرف كل شيء محيط بها، وألا تعتمد على الرجل بكل امر لأن هنالك أوقاتا وظروفا لا يكون الرجل يملك بها الوقت اللازم، أو التركيز الكافي لمثل هذه الأمور التي قد يعتبرها تافهة أحيانا مقارنة بهمومه الرئيسية.
ما الصعوبات التي تواجهينها كونك سباكة؟
الصعوبات التي أواجهها هي نظرة المجتمع، خاصة الصديقات، والرفض بدون شك لهذه الوظيفة كونها وظيفة يختص بها الرجال، ولكن أعترف أن زوجي وعائلتي قدموا لي الدعم الدائم، وكون زوجي متخصصا بالهندسة الإلكتروميكانيكية فوجد الفكرة جيدة ولم يمانع أبداً، وحتى هذه اللحظة يمنحني التشجيع الدائم لأعمل في هذه المهنة.
هل مهنتك بالسباكة تلاقي رواجاً؟
في البداية كان الطلب علي من السيدات قليلا، لكن بعد فترة انتشر صيتي في إصلاح التمديدات وتنظيف الخزانات، لأستقبل شهريا ما يقابل 60 طلبا ما بين إصلاح وتنظيف، وبدأت بالانتشار بين السيدات كون الرجال يقضون أوقاتهم في العمل، ووجود سباكة من ناحية اجتماعية مريح نفسياً لربة المنزل، فأصلح لها التمديدات بكل يسر، وفي الغالب يصبح بيننا صداقة فيما بعد.
وأدعو السيدات لتعلم مهنة السباكة، فهذه المهنة من الناحية الاقتصادية مجدية، خاصة إن كانت السيدة هي المعيل الوحيد لعائلتها.
كيف ستحاولين نشر مهنة السباكة بين السيدات؟
أنطلق للمدارس الخاصة والحكومية وأعطي الفتيات محاضرات حول هذه المهنة وأهميتها، بالإضافة إلى أنني قمت بتأسيس جمعية السباكة والطاقة التعاونية، ومن خلالها يتم عقد دورات لتعليم المبادئ الأساسية للصيانة، لتعميم المهنة.
هل لديك هوايات أخرى؟
بالرغم من أن عملي في الفترة الصباحية ويمتاز بأنه مجهد ويحتاج للوقت، إلا أنني أمنح نفسي أوقاتا لممارسة هواياتي، فأنا أمارس رياضة المشي، وفي أوقات الفراغ أقوم بعرض الأزياء التراثية، خاصة أن كل ثوب يحمل حكاية، وتعلمت أيضا لغة الصم والبكم، وتواصلت مع خمس فتيات من الصم والبكم لفتني الجمال والحضور الذي يتمتعن به، وأقنعتهن بفكرة عرض الأزياء، وبالفعل تم تنظيم عرض لمصممة الأزياء الأردنية انتصار عبده، وتمت مشاركة هذه الفتيات.
ومن هواياتي أيضا ركوب الدراجات، وقطع مسافات كبيرة، فمؤخراً قطعنا مسافة 27 كيلومترا في منطقة البحر الميت والغور مع مجموعة من الأصدقاء، هواياتي لا تنتهي، وطالما بقيت على قيد الحياة سأتعلم كل شيء جديد.
ماذا تخططين للمستقبل؟
لقد كنت أول سيدة أردنية تأخذ شهادة مزاولة مهنة السباكة، والآن يوجد في الأردن ما يقارب 56 امرأة حصلن على هذه الشهادة، وهذا مؤشر يمنحني السعادة والتفاؤل بأن المهنة بدأت تنتشر، وأن عقلية المجتمع بدأت تتغير فيما يخص هذا الجانب.
حاليا أدرس التصميم الداخلي في جامعة العلوم الإسلامية، وبالنسبة لعملي في مجال السباكة سأحاول نشر وتعليم عدد كبير من السيدات من خلال جمعيتي وكسر ثقافة العيب، فالمرأة الآن أصبحت متعلمة ومنفتحة على عالم كبير وقادرة أن تميز ماذا تريد.
ما رسالتك للمرأة العربية؟
في البداية يجب أن تعرف كل امرأة ما هدفها بالحياة، وأن تبحث عن آليات لتحقيق هذا الهدف، والتعليم مهم جدا وأصبحنا في وقت يعتبر به التعليم كالهواء والماء، فالتعليم يمنح المرأة عقلية وقدرة على التفكير بشكل عميق وتمييز الصحيح من الخاطئ.
aXA6IDMuMjEuNDYuMjQg جزيرة ام اند امز