استغرق رفقي عساف ست سنوات ونصف لإنجاز فيلم «المنعطف»، الأمر الذي تركه أمام منعطفات كثيرة في أوقات مختلفة وهو ينتج عمله ويخرجه إلى النور
استغرق رفقي عساف ست سنوات ونصف لإنجاز فيلم «المنعطف»، الأمر الذي تركه أمام منعطفات كثيرة في أوقات مختلفة وهو ينتج عمله ويخرجه إلى النور. الفيلم الذي عُرض في "مهرجان دبي السينمائي" يحكي عن الفقد والحزن والحياة في الحلم.
"العين" التقت عساف وسألته عن استمرار الزخم بالقدر نفسه طيلة فترة إنجاز الفيلم أم تعرض لتقلبات الحياة؟ ويجيب المخرج الأردني "في كل لحظة كنت أشعر بالإحباط واليأس تأتيني إشارة لتأخذ الفيلم إلى مكان ما"، ويضيف "بدأ الفيلم بفكرة بسيطة عن شخص منعزل يعيش في (فان)، وهي ليست قصة حقيقية، إنما تمثلاً لحالة ذهنية كانت عندي في لحظة، حيث دفعتني فكرة العزلة والخوف من الناس لأقول هذه القصة"، إلا أن عساف يقترح لك مخرجاً لأن "الاتساع في داخلك ولا علاقة لها بالحيز الخارجي، وروحك من تقرر الضيق أو الاتساع". أما عن زمن إنجاز الفيلم فيراه المخرج مضاعفاً بسبب صعوبات مختلفة، مشيراً أنه لولا المنتجين رولا ناصر ومحمد حفظي لما أبصر الفيلم النور، خصوصاً مع ظروف الإنتاج الصعبة في بلد مثل الأردن، ومع فكرة كهذه لمخرج يحاول أن يقنع الناس بعمله الطويل الأول، إلا أنه نجح في صنع فيلم بميزانية منخفضة بلغت حوالي 300 ألف دولار رغم وجود أكثر من جهة إنتاج مساعدة، إلا أنه يعترف أن له دوراً في هذا "البطء" من خلال "ريتم حياتي الذي أحب أن يكون على مهل".
ثلاثية الأب
الفيلم يحمل أزمات جيل الآباء فهل يعتبر رفقي أن كل جيل مسؤول عن أحلام الجيل الذي سبقه؟. "في الواقع الثيمة شخصية جداً، وتتناول فعلياً الفقد الذي عانيته بسبب وفاة والدي وكان عمري 20 سنة، فيما كان في الــ 49 وتوفي فجأة، وكما أن فكرة الفقد تترك فجوة داخل روح الإنسان، لكن من خلال رحلة أبطال فيلمي كان لا بد أن تستمر وتقبل الاستمرار"، وعن استخدامه الرمزية في فيلمه يقول "أنا من جيل قرأ الماغوط وأحب عمله والرمزية المباشرة التي قدمها، لكنني مؤمن أن هذا الزمن هو ما بعد ذلك، وعلينا الذهاب إلى رمزية منمنمة أكثر بحيث تنقل الأحاسيس أكثر من نقلها بشكل مباشرة، لتسربها على مستوى اللاوعي".
ثلاثية الأب هي ما يطمح رفقي عساف لإنجازه بعد «المنعطف»، ويتوقع أن يلحق هذا الفيلم فيلمان آخران يتحدثان عن الأب، إذ سبق له أن قرأ أن الهاجس الانساني بحاجة لثلاثية سينمائية حتى تتخلص منه، إلا أنها ستكون قصصاً منفصلة ولن يكون لأي منها علاقة مباشرة، لأنه "مؤمن بالكون الواحد للمبدع، ولا تستبعد أن يمر راضي في مشهد ما".
عزلة الانفعالات
في ظل حالة حادة من العزلة كان يعيشها (راضي) بطل الفيلم، كان على أشرف برهوم الذي قدم الدور بحنكة ومتعة خالصة عبء تجسيد الانفعالات الداخلية التي عاشتها الشخصية وتقديمها في أقل قدر من الكلمات، الأمر الذي استدعى منه جهداً مضاعفاً وتطلب "دراسة لخلفية الشخصية، لأعرف هدفها في الحياة، وصراعها الأساسي وخلفية الطفولة، حيث أحاول فهم الإنسان كشخص حقيقي، واحتجت لدراسة الانعزال أكثر على استشارات عن حالات الانعزال الاجتماعي"، ويضيف برهوم "في حالة راضي كانت العزلة حادة، ووصلت لدرجة مستمرة وصارت مثل ثقب أسود يغوص فيه أكثر وأكثر، وبرأيي أفكار الإنسان مثل المصيدة وتنقل الإنسان من دوامة إلى أخرى حتى جاء، إلى أن أنقذته العلاقة مع ليلى التي كانت بمثابة مسرب للخروج"، أما أبرز التحديات التي واجهها فكانت "قلة الحوار والاعتماد على الانفعالات لإيصال الرسالة وذلك لخصوصية هذا العمل إذ لا يعتمد على الأكشن أو التطور القصصي".
المزيد من الأفلام
لم تتوقف الممثلة السورية فاتنة ليلى عن الارتجاف وهي تشاهد فيلمها السينمائي الأول، على يمينها رفقي عساف وعلى يسارها أشرف طلفاح. لم تصدق فاتنة نفسها، ولم تسترخ حتى المشهد الأخير بالأحضان بين بطلي الفيلم. فاتنة تتمتع بقسوة كبيرة في النقد وهي تخشى على نفسها من نقدها لأنه ليس من السهولة "أن أرى الفيلم بحياد. كان أمراً صعباً جداً، إلا أن ردة الفعل كانت مريحة ومسترخية فالناس استمتعت بالفيلم ولم يخرج أحد، وبقي الكثيرون لجلسة الأسئلة والأجوبة رغم أن الليل انتصف"، وتضيف الممثلة السورية "أنا أخشى قسوتي على نفسي من هذا العمل، وربما كدت أطلب من نفسي التوقف عن السينما لو كان دوري سيئاً بدرجة كبيرة، إلا أني قررت بعد انتهاء العرض أني أريد أن أمثل المزيد من الأفلام".
فاتنة أيضاً عاشت الانتظار الطويل مع رفقي وكان النص بحوزتها منذ العام 2010، وعاصرت تعديلاته وعاشتها حتى حان موعد التصوير بعد أكثر من تأجيل، كما عاشت انتظار العرض مع الانتهاء من الفيلم عام 2013 حتى خالت أنه لن يخرج للنور، إلا أنها عاشت تلك اللحظة كما دافعت عن "الحب بحرية. أصررت على حالة الحب هذه طالما أن هذا حلم، ولا بد أن نعطيها هذه الفرصة الأخيرة، والمشهد الختامي لا يمكن أن يكون إلا هكذا. الفتاة كانت منفتحة ومندفعة وكانت كثيراً حشرية، مما يكسر الصورة النمطية للبنت التي عليها دوماً أن تسكت وأن تنظر إلى الأرض كلما كلمها أحد".
تجسيد (ليلى) ابنة اليرموك القوية التي كانت تزور والدها في ورشة الميكانيك الخاصة به كان عملاً شديد الحساسية بالنسبة لفاتنة خصوصاً مع حصار اليرموك، وما قبلها عندما صار اليرموك بيتاً للسوريين النازحين وما تعرفه من صديقات كن ذوات شخصيات قوية، وهو ما تمنت أن تكون قد نجحت في إيصاله للشاشة ليكون ولو بمثابة رد جميل وإحساس بالمعاناة التي صارت هماً واحداً لدى كل السوريين والفلسطينيين على حد سواء.
aXA6IDEzLjU5LjIwNS4xODIg جزيرة ام اند امز