"الحسكة" بين مطرقة الأكراد وسندان قوات الأسد
الأكراد يتقدمون في الحسكة شمال شرقي سوريا في مواجهة قوات النظام السوري، فيما تستعد قوات المعارضة لاستعادة بلدة جرابلس من داعش
حقق المقاتلون الأكراد تقدما في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، في مواجهة قوات النظام السوري وذلك بالتزامن مع جهود روسية للتوصل الى تهدئة في هذه المدينة التي يتقاسم الطرفان السيطرة عليها.
يأتي ذلك فيما يستعد مئات من مقاتلي المعارضة لشن عملية لاستعادة بلدة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي على الحدود مع تركيا في خطوة من شأنها أن تحدّ من آمال الأكراد بتوسيع سيطرتهم في المنطقة.
وبعد هدوء ساد بعد ظهر السبت، تجددت المعارك العنيفة ليلا بين وحدات حماية الشعب الكردية من جهة وقوات النظام السوري والمقاتلين الموالين لها من جهة ثانية في مدينة الحسكة.
وقال مصدر كردي ميداني إن المقاتلين الأكراد تمكنوا من التقدم في حيي النشوة الشرقية وغويران جنوب المدينة.
وشاهد صحفي المتعاون مع فرانس برس عناصر من قوات الدفاع الوطني التي تقاتل إلى جانب الجيش السوري تتراجع باتجاه شمال حي النشوة الشرقية الذي بات شبه خال من المدنيين.
وأفاد التلفزيون السوري الرسمي من جهته عن "اشتباكات عنيفة يخوضها الجيش وقوات الدفاع الشعبي في محاور عدة من المدينة".
وتزامنا مع الاشتباكات ليلا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تحليق طائرات حربية سورية في أجواء المدينة دون شن غارات، بعد يومين على تحذير واشنطن لدمشق من شن غارات تعرض سلامة مستشاريها العسكريين العاملين مع الأكراد على الأرض للخطر.
ويسيطر الأكراد على ثلثي مدينة الحسكة، فيما تسيطر قوات النظام السوري على المتبقي منها.
وتدور منذ يوم الأربعاء معارك بين الطرفين بدأت باشتباكات بين قوات الأمن الداخلي الكردية "الأسايش" وقوات الدفاع الوطني، لتتدخل لاحقا كل من وحدات حماية الشعب الكردية والجيش السوري فيها.
وتصاعدت حدة المعارك مع شن الطائرات السورية الخميس والجمعة غارات على مواقع للأكراد في الحسكة للمرة الأولى منذ بدء النزاع في سوريا قبل أكثر من 5 سنوات.
وهي المرة الأولى أيضا التي تتدخل فيها واشنطن لحماية مستشاريها من الطائرات السورية عبر إرسال مقاتلات.
وساطة روسية
وأوقعت المعارك في الحسكة منذ الأربعاء ما لا يقل عن 43 قتيلا بينهم 27 مدنيا ضمنهم 11 طفلا، كما دفعت الآلاف من سكان المدينة في المناطق تحت سيطرة الأكراد وتلك تحت سيطرة قوات النظام إلى النزوح، وفق المرصد.
وتأتي التطورات السبت مع "استمرار الوساطة الروسية بين الطرفين" للتوصل إلى تهدئة، بحسب ما أكد مصدر حكومي لفرانس برس.
وكان المصدر قد أفاد فرانس برس السبت عن اجتماعات منفصلة عقدها عسكريون روس مع الطرفين.
وأفاد موقع "المصدر" الإخباري المقرب من الحكومة السورية من جهته عن "فشل المفاوضات" بين الطرفين.
وذكر مصدر عسكري أن الأكراد طالبوا بسحب قوات الدفاع الوطني بالكامل من الحسكة، الأمر الذي رفضته الحكومة السورية وطرحت سحب السلاح من بعض العناصر فقط مقابل سحب سلاح قوات الأسايش.
وفور فشل المفاوضات، تجددت المعارك في المدينة.
وأعلنت وحدات حماية الشعب في بيان السبت نيتها حماية مدينة الحسكة من قوات النظام.
وكان الجيش السوري اتهم بدوره الأربعاء من وصفهم بـ"الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني"، الذي يخوض تمردا ضد أنقرة، بالاستمرار "في ارتكاب جرائمهم بهدف السيطرة على مدينة الحسكة".
وتدعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية، إذ تعتبرها القوة الأكثر فعالية في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
وتشكل الوحدات حاليا العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية التي تحظى بدعم جوي من التحالف الدولي وتمكنت من طرد الإرهابيين من مناطق عدة.
قتلى في حلب
على جبهة أخرى في شمال سوريا، قتل 38 شخصا، بينهم 28 مدنيا و10 مقاتلين على الأقل، في قصف جوي روسي وسوري استهدف، مساء السبت، مدينة حلب وريفها الغربي والجنوبي، وفق حصيلة للمرصد السوري.
وسجلت بلدة أورم الكبرى ومحيطها في ريف حلب الغربي الحصيلة الأكبر إذ وثق المرصد مقتل 13 مدنيا وعشرة مقاتلين على الأقل. وسقط الآخرون في بلدة كفرجوم (غرب) وكفر حلب (جنوب) واحياء مدينة حلب الشرقية.
ويتركز تواجد الفصائل المقاتلة في محافظة حلب بشكل كبير في ريفها الغربي، فضلا عن مناطق متفرقة في الريف الجنوبي وأقصى الريف الشمالي.
وتركز القصف الجوي في محيط مدينة حلب طوال الليل أيضا على مناطق الاشتباكات المستمرة في جنوب غرب المدينة، حيث تدور منذ 3 أسابيع معارك عنيفة إذ يحاول الجيش السوري والمسلحون الموالون استعادة مواقع خسروها لصالح فصائل مقاتلة وإرهابية.
استعادة بلدة حدودية
من جهة أخرى، قال قيادي في المعارضة السورية، الأحد، إن مئات من مقاتلي المعارضة يستعدون لشن عملية لاستعادة بلدة من قبضة تنظيم داعش على الحدود مع تركيا في خطوة من شأنها أن تحدّ من آمال الأكراد بتوسيع سيطرتهم في المنطقة.
وقال القيادي -الذي طلب عدم نشر اسمه- إن من المتوقع أن يشن مقاتلو المعارضة -الذين ينتمون لجماعات تدعمها تركيا تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر- هجوما على جرابلس من داخل تركيا في غضون أيام.
وتقع جرابلس على الضفة الغربية لنهر الفرات وهي آخر بلدة مهمة يسيطر عليها داعش على حدود سوريا مع تركيا. وتقع على بعد 54 كيلومترا إلى الشرق من الراعي وهي بلدة حدودية انتزعت نفس جماعات المعارضة السيطرة عليها مؤخرا من قبضة داعش.
وعندما تسيطر جماعات المعارضة على جرابلس فإنها ستحول دون هجوم على البلدة من جانب قوات سوريا الديمقراطية وهو تحالف تغلب عليه الفصائل الكردية نجح في استعادة مدينة منبج من أيدي تنظيم داعش. وتقع المدينة على بعد 30 كيلومترا إلى الجنوب.
aXA6IDEzLjU5LjkyLjI0NyA= جزيرة ام اند امز