"عشرون عامًا قلبت موازين العالم".. عن القومي للترجمة
يقدم الكتاب صورة للعالم عشية 1989 حيث كان النظام العالمي مزدودج القطبية ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبينهما عالم ثالث
عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، صدرت حديثًا الترجمة العربية من كتاب (عشرون عامًا قلبت موازين العالم) الذي يقع في جزئين كبيرين، من تأليف الفرنسي تييري دو مونبريال، ومن ترجمة كلٍ من أمل الصبان، داليا الطوخي، منى جلال، ومها الباشا.
يقدم تييري دو مونبريال، في هذا الكتاب الجامع، صورة للعالم عشية العام 1989؛ حيث كان النظام العالمي مزدودج القطبية ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي يتأرجح بينهما عالم ثالث محكوم بالمنافسة بين البلدان المتقدمة "تقليديًا" والبلدان "الصاعدة"؛ إذ تحققت النبؤة الخاصة بصعود نمور القارة الآسيوية، ممثلة في الصين والهند واليابان وكوريا، ثم تايوان وماليزيا وإندونيسيا..
يبدأ مونبريال تحليلاته بالتأكيد على بروز ملامح ثورة جديدة في أوروبا الشرقية الوسطى، وذلك بعد 4 سنوات من وصول ميخائيل جورباتشوف إلى السلطة في الاتحاد السوفيتي عام 1985. وكان سقوط سور برلين في شهر نوفمبر من سنة 1989 إعلانا وإيذانا بتغيير وجه أوروبا، والعالم كله.
فعبر ذلك الحدث -المنعطف- قررت الشعوب أن تصنع تاريخها مباشرة بعيدا عن جميع الوسطاء؛ الأمر الذي أدى إلى "إعادة تركيب" المنطقة الممتدة من بحر البلطيق إلى البحر الأسود؛ مما أدى إلى إعادة تركيب أوروبا كلها، وكان الحدث الأهم في العام 1990 هو إعادة توحيد الأمة الألمانية بعد أن كانت مقسومة إلى شطرين طيلة فترة الحرب الباردة.
وكان عام 1992 هو عام الاضطرابات في روسيا مع محاولة الانقلاب التي استطاع بوريس يلتسين بنهايتها أن يفرض نفسه بوصفه أول رئيس لروسيا بعد انهيار الشيوعية. بالتزامن مع ذلك شهدت منطقة البلقان اضطرابات ذات طابع قومي وعرقي.
ويحدد مونبريال الحدث الأكبر خلال السنوات العشر الأخيرة بتفجيرات نيويورك وواشنطن في الولايات المتحدة يوم 11 سبتمبر 2001. لقد أصبح هناك بكل بساطة "ما قبل" هذه التفجيرات وما بعدها. وبعد أن ردد الرئيس الأمريكي جوروج دبليو بوش خطابا ينتمي إلى قانون "صدام الحضارات" و"حرب الخير ضد الشر" تبنّى مقولة "الحرب ضد الإرهاب" وكان الحدث الأكبر في العقد الأخير هو الحرب على العراق في ربيع عام 2003. ولا يتردد المؤلف في وصف الحسابات الأمريكية الخاصة بشن تلك الحرب بأنها كانت خاطئة، وأدت إلى جعل سفينة العالم بلا قبطان.
إن تيري دو مونبريال بما يمتلكه من خبرة متميزة وحنكة في مجال التحليلات السياسية والاقتصادية يقدم للقارئ عملا فريدًا، يساعده على فهم عشرين عامًا كانت بمثابة فترة انتقالية فاصلة في مستقبل البشرية، وركيزة لبناء العلاقات الدولية في مطلع القرن الحادي والعشرين.
مؤلف الكتاب، تييري دو مونبريال، خبير وباحث في الاقتصاد والعلاقات الدولية. وهو أول مدير للمركز الفرنسي للتحليلات والتوقعات التابع لوزارة الخارجية الفرنسية، وهو الرئيس المؤسس للمؤتمر العالمي للسياسات العامة.