تنفيذ اتفاق السلام الليبي يصطدم بـ"معادلة 7 + 2" .. والغرب يعول على داعش
أمريكا: الأمر يحتاج مناورات واتفاقات معقدة داخل ليبيا
الاتفاق المقترح للسلام في ليبيا يصطدم بمواقف 7 فصائل مسلحة وحكومتين، فيما يعول الغرب على المخاوف من خطر داعش في دعم توحيد البلاد.
فرغ المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون ومسؤولو الأمم المتحدة للتو من قمة روما التي تبحث الأزمة الليبية وهم يدعمون بثِقة اتفاقًا مقترحًا للسلام بين الفصائل المتحاربة بغرض إنهاء فوضى سمحت بانتعاش تنظيم داعش في البلاد.
ويعتزم ممثلون ليبيون عن فصائل مختلفة التوقيع يوم الأربعاء على اتفاق لتشكيل حكومة وحدة والسعي من أجل وقف لإطلاق النار. وهو اتفاق تأمل القوى الغربية أن يخلق زخمًا يجمع الطرفين العنيدين.
ولكن إذا أراد زعماء المجتمع الدولي مؤشرًا على التحديات المتعددة التي يواجهها تنفيذ الاتفاق على الأرض فما عليهم إلا أن ينظروا إلى الترتيبات الأمنية في العاصمة طرابلس.
وفي ظل عدم وجود جيش وطني حقيقي لليبيا فإن "معادلة 7 + 2" ستحدد مصير الاتفاق، حيث إن هناك 7 فصائل مسلحة متمرسة في المدينة الواقعة تحت السيطرة شبه الرسمية لوزارة الدفاع أو الداخلية. وبعض هذه الفصائل مؤيد لاتفاق الأمم المتحدة وبعضها الآخر متحالف مع زعماء سياسيين يعارضونه.
وعلى نطاق أوسع فالحكومتان الليبيتان المتصارعتان -واحدة في طرابلس والأخرى في طبرق جهة الشرق- تدعمهما تحالفات من المتمردين السابقين الذين قاتلوا جنبًا إلى جنب ضد معمر القذافي في 2011 ولكن صفوفهم الآن باتت منقسمة بطول الخطوط القبلية والإقليمية والسياسية.
وكثيرًا ما تكون ولاءاتهم لقادتهم أكثر من ولاءاتهم للدولة التي تدفع أجورًا للجانبين في محاولة لإبقاء الجميع تحت السيطرة حتى وهم يتقاتلون من أجل السيطرة على البلاد وثروتها النفطية.
وفي روما انضم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى زعماء أوروبا وشمال إفريقيا في اليومين الماضيين في التعهد بتقديم المساعدات ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار. وقال المجتمعون إنهم يأملون أن توقع الغالبية في البرلمانين على الاتفاق على أن يكون بمقدور الآخرين الانضمام إليهم في وقت لاحق. ولكن يمكن أيضًا النظر في فرض عقوبات اقتصادية وحظر السفر على من يقاومون الاتفاق.
وقال مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة: "الأبواب دائمًا مفتوحة لمن لا يزالون يعارضون الاتفاق. ولكن من يستمرون في العرقلة فينبغي مساءلتهم."
ويأمل مسؤولون غربيون -الآن- أن يؤدي الإنهاك الناتج عن الحرب والإرهاق المتزايد للاقتصاد الليبي وتراجع عوائد النفط والتعهدات الدولية بتقديم المعونة والخطر المشترك الذي يشكله داعش إلى المساعدة في حشد أكبر دعم ممكن للحكومة الجديدة.
وقال مسؤول رفيع في الخارجية الأمريكية: "قد تتخذ الأمور مسارًا خاطئًا. وقد لا يفلح الأمر .. من الممكن ألا يحدث، ولكننا نعتقد أنه سيحدث وأنه سينجح."
بنادق ومتشددون
من المتوقع أن يعبر المعتدلون من المؤتمر الوطني العام في طرابلس ومجلس النواب في الشرق عن تأييدهم للاتفاق وكذا المستقلون والقيادات المحلية. ولكن كلًّا من المجلسين لديه عدد من الأعضاء الذين قاطعوا المجلسين منذ انتخابهم. وهو ما يجعل الحصول على أغلبية أمرًا صعبًا. ويتكون كل من المجلسين من 200 عضو.
والسؤال هنا هو كم يبلغ حجم التأييد الذي يتمتع به اتفاق الأمم المتحدة على الأرض وذلك بعد أن رفضته فصائل من البرلمانين والحكومتين بوصفه غير شرعي.. بل قدمت اقتراحاتها الخاصة. ورفض رئيسا البرلمانين أيضًا الاتفاق بينما يصر أعضاء آخرون على إجراء مزيد من التعديلات عليه.
وقال موسى فرج عضو المؤتمر الوطني العام: "نحن لم نرفض مسودة الأمم المتحدة.. ولكن لدينا تحفظاتنا الخاصة بنا.. نريد إزالة الغموض عن بعض المواد في المسودة لكي نستطيع التوقيع".
ولكن محللين ما زالوا يشككون في مقدار السيطرة التي يملكها أعضاء الحكومة الجديدة على المسلحين وعلى المتشددين الذين سارعوا لاستعراض قوتهم المسلحة في الماضي بغرض التأثير على القرارات السياسية.
وقال ماتيا توالدو في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "ربما ستكون حكومة الوحدة الوطنية ضعيفة.. وستواجه صعوبات سياسية شديدة من جانب المتشددين وتحديات شبه مستحيلة على الأرض بدءًا من الأزمة الإنسانية وانهيار المالية العامة الذي يلوح في الأفق."
ومنذ عام 2011 هاجمت جماعات متمردة سابقة تدعم فصائل سياسية متنافسة وزارات في طرابلس مرارًا. وهاجمت البرلمان بل خطفت رئيس الوزراء لفترة وجيزة. وهي جميعًا أعمال تم الإقدام عليها باسم الشرعية الثورية.
واشتبكت جماعات متنافسة مسلحة بسيارات جيب مزودة بمدافع مضادة للطائرات والقذائف الصاروخية في معارك شوارع. وفي بعض الأحيان كانت المعارك لأسباب شخصية.
ولكن منذ العام الماضي يسيطر على العاصمة طرابلس فصيل يُدعى فجر ليبيا. وهو تحالف لفصائل متمردة سابقة من مدينة مصراتة الساحلية وفصائل طرابلس بما في ذلك فصائل ذات مرجعية تنحو إلى أن تكون إسلامية.
وخلق ذلك مزيجًا من ست جماعات مسلحة غير متجانسة منها من هو قريب من معارضي اتفاق الأمم المتحدة. وبعض الوحدات لها قادة يؤيدون اتفاق السلام.
وقالت فصائل مصراتة، إنها ستكون مستعدة لحماية الحكومة الجديدة. وقال متحدثون باسم فصيلين من طرابلس إنهم غير مشاركين في القرارات السياسية، ولكنهم يؤيدون الحوار.
وقال دبلوماسي غربي: "لا نعلم كيف سترد الفصائل المختلفة وما إذا كانت ستسمح بتشكيل الحكومة في طرابلس."
وحتى إذا تأسست حكومة جديدة فإن عملية إبرام وقف لإطلاق النار وتحقيق التعاون بين الفصائل المسلحة القوية بهدف بناء جيش ليبي جديد ستكون خطوة معقدة.
وبين القوى الكبرى في البلاد ما يسمى الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر وهو حليف سابق للقذافي عين رئيسًا للأركان من قِبَل حكومة الشرق. وهو الذي قاد حملة عسكرية ضد المتشددين الإسلاميين في بنغازي.
وحفتر مكروه عند فصائل مصراتة وطرابلس التي تعتبره من فلول عهد القذافي. وقال المتحدث باسمه، إن قواته لا شأن لها بالسياسة وإنها تقاتل الإرهاب فحسب.
ويسيطر إبراهيم الجضران الذي سعى في الماضي إلى مزيد من الاستقلالية لمنطقته على مينائين نفطيين وذلك باستخدام حرس المنشآت النفطية. وقال المتحدث باسمه إنه يدعم اتفاق الأمم المتحدة ويدعم حكومة الشرق.
واشتبكت قوات الجضران مع فصائل مصراتة حينما حاولت استعادة مينائي الشرق منه قبل عام. وسرى ما قال الطرفان إنها هدنة غير رسمية مع جماعات مصراتة التي ركزت على احتواء قوات تنظيم الدولة الإسلامية في سرت القريبة.
وقال مسؤولون غربيون إن الخطوة الأولى نحو الاستقرار ستكون تشكيل حكومة وحدة في طرابلس قبل الانتقال إلى بناء جيش وطني لحماية ليبيا.
وقال مسؤول الخارجية الأمريكية: "سيستغرق هذا وقتًا .. سيستلزم كثيرًا من المناورات والاتفاقات المعقدة داخل ليبيا .. ويتطلب دعمًا متواصلًا وهادئًا من خارجها".