معرض جدة للكتاب: أحداث إشكالية ومعارض تشكيلية.. والرواية تتصدر المشهد
شهد معرض جدة الدولي للكتاب أكثر من 440 دار نشر من حوالي 25 دولة،عددا من الأحداث الساخنة التي تابعها الجمهوربمزيد من الاهتمام والترقب
في الدورة الجديدة من فعاليات معرض جدة الدولي للكتاب، الذي افتتحه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، الجمعة، والمقام على مساحة كلية تقدر بـ 50 ألف متر، ويستمر لمدة 11 يوما، ويتضمن أكثر من 440 دار نشر من حوالي 25 دولة خليجية وعربية وعالمية، شهد عددا من الأحداث الساخنة التي تابعها الجمهور الثقافي العربي بمزيد من الاهتمام والترقب.
أبرز هذه الأحداث التي شهدها المعرض في الأيام الماضية، وأثارت اهتماما واسعا، واقعة طرد بعض المتشددين من أمسية شعرية ضمن فعاليات المعرض، ربما كانت المرة الأولى التي يتولى فيها جمهور الزائرين فضلا عن مسؤولي إدارة الندوة التصدي لبعض المتشددين الذين حاولوا التدخل لمنع الأمسية وصرف الجمهور عن الحضور.
الأمسية كانت عن الدراما الشعرية المسرحية بعنوان «نعم يرضينا» المقامة على هامش فعاليات معرض جدة للكتاب، وكانت تتقاطع مع إلقاء الشاعرة أشجان هندي لقصيدتها "الخاتمة". بعض المغردين والمعلقين على الواقعة، رأوا أنها بمثابة "نعم" أخرى لإعطاء المرأة الصوت الانتخابي، ولو ظهر هذا ضئيلاً في بعض المدن والمحافظات بالمملكة، واعتبروا أن رفض الوصاية بوابة لحرية الإنسان الذي يجب أن يكون مهموماً ثقافياً، قرار أثبت جمهور معرض جدة للكتاب، أنه كان حاسماً في الأمسية الشعرية تحت شعار "أطلع برا"!
على جانب آخر، وفي ثاني أيام معرض جدة الدولي للكتاب، قامت إدارة المعرض بإغلاق جناح المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات "دون إبداء الأسباب"، بحسب بيان مقتضب للدار نشرته على صفحتها الرسمية على "فيسبوك". وكان المركز العربي، بحسب البيان، قد استوفى جميع الإجراءات القانونية والرسمية اللازمة للمشاركة في هذا المعرض، وحصل على موافقات الجهات المشرفة على تنظيمه. علما بأن المركز العربي أحد أهم مراكز الأبحاث في العالم العربي والمنطقة عموما، ويصدر خمس دوريات علمية محكمة، كما أصدر حتى الآن أكثر من ١٥٠ كتابا منها كتب مرجعية في مجالها الأكاديمي. ومنشورات المركز هي ذات طبيعة أكاديمية وتتضمن دراسات في الفكر والعلوم السياسية وترجمات لأبحاث جديدة في العلوم الاجتماعية، بجودة عالية في التأليف والترجمة والتحرير.
ويبدو أن فعاليات المعرض قد اجتذبت "تود هولمستروم" القنصل الأمريكي العام بجدة الذي أثنى على معرض جدة الدولي للكتاب، وصرح بأن المعرض يمثل "فرصة رائعة للاحتفاء بالقراءة باعتبارها جزءاً أساسياً من الحياة"، مضيفا خلال زيارته للمعرض: "يسعدني هذا الكمّ الكبير من الزوار لحدث عالمي تحتضنه المملكة في مدينة جدة مما يدلل على ذائقة السعوديين الثقافية ناهيك على أنه يشهد تواجداً كبيراً من مختلف الجنسيات والأعمار والشرائح الاجتماعية". وأضاف: "أنا متشوّق للاطلاع على الثروة الأدبية التي يحتضنها معرض جدة الدولي للكتاب لاسيما المجموعة الواسعة من كتب وقصص الأطفال والكتب العلمية وكتب التاريخ والروايات، التي تمثل أهمية قصوى لبلد مثل المملكة التي تولي رعاية خاصة بالعلم والمعرفة، حيث إن هذه التظاهرة شهدت مشاركة كبيرة من مختلف دور النشر العالمية".
وخلال فعاليات معرض جدة الدولي للكتاب، مساء الأحد، نظمت ورشة عمل في الفن التشكيلي، قدمها الفنان التشكيلي إبراهيم الخبراني، وذلك ضمن البرنامج الثقافي لفعاليات المعرض بقاعة الندوات بمقر المعرض بأرض الفعاليات بأبحر الجنوبية، بحضور كبير من الفنانين التشكيليين والمهتمين بالشؤون الثقافية المختلفة. وتحدث الخبراني خلال الورشة عن تجربته في هذا المجال الفني، معتبرا هذه الورشة التي يتم تقديمها أمام جمهور معرض جدة الدولي للكتاب فكرة مبسطة لبعض التكنيكات الخاصة بالإكريلك والذي يعد مدرسة في الفن التشكيلي.
وقال إن وجود مثل هذه الورش مهم لدى المتذوقين من الأدباء والمفكرين وهواة القراءة، وهذا ما حرص عليه المنظمون لهذه التظاهرة الثقافية الفنيّة، وتطلع الخبراني لوجود معارض خاصة تحتوي على كتب الفن التشكيلي على هامش المعارض واللقاءات الفنية في جميع مجالات الفن والنقد الفني كما هو سائد في المجتمعات الحاضنة للفن والفنانين، معتبرا أن الفن التشكيلي فلك الثقافة ومحورها.
كما قدم الفنان التشكيلي محمد الرباط ورشة أخرى في نفس المجال تحدث فيها عن مشاركته في المعرض، قائلاً: تواجدي في مناسبة كبيرة ومحفل ثقافي يستقطب الكثير من رواد الثقافة والفنون هو فخر ووسام اعتزاز أتشرف به، وهذه الورشة دور بسيط في تقديم الجديد والممتع في مجال الفن التشكيلي بأسلوب شيق وممتع لجموع من محبي هذا الفن الأصيل. كما تناول في الورشة تقنية السحب أو الخدش على مسطح لوني مع توضيح وشرح آلية وأدوات التقنية وبعض الخامات التي تم توظيفها على هذا العمل.
في السياق، شكلت كتب الروايات العربية والعالمية عنصر جذب كبير لمرتادي معرض جدة الدولي للكتاب عبر 500 عنوان روائي منتشرة بين أروقة وأجنحة المعرض المختلفة بنوعيها القصيرة والطويلة، فيما تصدر العنصر النسائي الإقبال على اقتناء هذا النوع من الكتب، ومنها الروايات السعودية التي حازت جوائز عالمية، كما حظيت الروايات العالمية بمتابعة من زوار المعرض وخاصة التي تم تحويل نصوصها إلى أفلام سينمائية.
من جهتها، أوضحت الروائية سحر الرهيدي أن جودة الراوية بالنسبة للعنصر النسائي تكمن في عمومها إلى حبكتها الفنية ورؤيتها الرومانسية لتسلسل الأحداث مما يعطي الرواية بشكل عام سوقًا رائجة بين الجمهور، إلا أنها حذّرت في الوقت نفسه من ضرورة الاختيار الدقيق، والتحوّط من ترجمات بعض الروايات العالمية التي تملأها بعض الأخطاء اللغوية التي تؤثر على صياغة الرواية.
فيما نوّه الأديب إبراهيم الجريفان إلى أن المعرض يهتم بكافة المراحل وذلك بتنمية الثقافة والاطلاع لدى الجميع، فهناك الكتب التي تلامس احتياجات الطفل ومنها ما يحاكي اهتمامات المرأة، عادًّا المعرض فرصة قيّمة تجتمع فيها دار النشر المحلية والعربية والعالمية في ساحة واحدة للتنافس فيما بينها لعرض ما لديها من كتب تستقطب من خلالها الزوار وتستحوذ على ذائقتهم.
وأضاف الجريفان أن الزائر للمعرض يتجول في أروقته ويستفيد من وقته باختيار أفضل الكتب التي تلامس اهتماماته وتلبي تطلعاته في سبيل تطوير الذات وتنمية الفكر، إلى جانب ما يقام من الورش للفنون التشكيلية والأمسيات الشعرية وتجارب بعض رواد الأدب والثقافة في المملكة العربية السعودية.
من ناحية أخرى، شاركت هيئة حقوق الإنسان بجناح خاص في معرض جدة الدولي للكتاب، وذلك في إطار برامجها الفاعلة لنشر ثقافة حقوق الإنسان، وأكد مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة إبراهيم بن منيع النحياني أن الهيئة وبتوجيه من الرئيس الدكتور بندر العيبان ونائبه الدكتور ناصر الشهراني حريصة على المشاركة في عدد من الفعاليات الثقافية ومنها معرض جدة الدولي للكتاب، حيث وزّعت في نطاق مشاركتها في هذا الحدث عددًا من مطبوعات الهيئة على زوار المعرض باختلاف شرائحهم.
وأضاف أن المطبوعات التي تم توزيعها تنوعت بين الكتيّبات والمطويّات للزائرين إلى جانب تقديم الاستشارات القانونية والاجتماعية والنفسية بمشاركة عدد من المختصين بهذه الجوانب من الهيئة فضلًا عن تسليط الضوء على بعض الأنظمة والقوانين المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأوضح النحياني أن جناح الهيئة بالمعرض حوى شاشة عرض لإطلاع الضيوف على الأفلام الوثائقية التي أنتجتها الهيئة لنشر ثقافة حقوق الإنسان، والتي سبق أن نشرت عبر وسائل الإعلام وحققت أهدافها ورسالتها في خدمة المجتمع على أكمل وجه.
aXA6IDUyLjE1LjE4NS4xNDcg جزيرة ام اند امز