إخوان مصر بذكرى 25 يناير.. مناورات «الرمق الأخير»
تآكل رصيدهم وانكشفت أساليبهم وتراكمت مناوراتهم لدرجة باتت تتفتت على صخرة وعي شعبي مصري راسخ بمحاولاتهم اليائسة لبث الفوضى.
فمع اقتراب الذكرى الـ13 لأحداث 25 يناير/كانون الثاني 2011 بمصر، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي عبر كتائب الإخوان الإلكترونية بدعوات للتظاهر والإضراب العام، إلا أن تلك الدعوات المشبوهة قوبلت بتجاهل تام من المصريين.
وقبل أيام، أطلق الإخواني الهارب بتركيا محمود فتحي دعوة للإضراب العام في مصر، مستغلا اسم "طوفان الأقصى" (اسم هجوم حماس على إسرائيل) عبر تحويله لشعار "طوفان الأمة"، استعدادًا لإحياء الذكرى الثالثة عشرة للاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في حينه.
لكن هذه الدعوة التي روجت لها عناصر الإخوان بكثافة خلال الأيام الماضية، سرعان ما تحطمت على صخرة استقرار الواقع، ليكون مصيرها شبيها بما لاقته دعوات مماثلة في مناسبات عديدة قوبلت بتجاهل تام؛ بفضل وعي المصريين، ويقظة أجهزة الأمن.
ودأب تنظيم الإخوان بين الحين والآخر على محاولة تطويع أدواته في الخارج عبر دعوات يائسة للتظاهر والإضراب العام أطلقها التنظيم بالتزامن مع الذكرى الـ13 لأحداث 25 يناير، في محاولة هذا العام لاستغلال الحرب على غزة، والأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها دول في العالم ومنها مصر.
تلك الدعوات الإخوانية رأى فيها خبراء في شؤون حركات الإسلام السياسي، "محاولة للإيحاء لقواعد الإخوان بأنها ما زالت قائمة، ولم تنته بعد، وأن كل الضربات التي تلقتها لم تؤثر على وجودها، لكن الواقع أنها "سياسة الرمق الأخير، ولحظات الاحتضار الأخيرة".
كما أكد الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن إصرار الإخوان على دعواتهم المشبوهة للتظاهر والإضراب، بسبب "حالة يأس وإحباط" باتت تتملكهم.
حالة قالوا إنها ناجمة عن عدم امتلاكهم بدائل كون تنظيماتهم محظورة ومصنفة إرهابية من جهة، وكونهم مدانين بارتكاب عمليات إرهابية؛ لذا فلا أمل لهم في عودة من طرق طبيعية ومشروعة.
"منحرفة وشاذة"
ويقول الدكتور عمرو عبد المنعم، الخبير المصري في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن "الدعوة الإخوانية للإضراب العام في 25 يناير/كانون الثاني رصدت لها مجموعة كبيرة من قيادات مواقع التواصل الاجتماعي، والذباب الإلكتروني والألتراس (المتطرفين) الإرهابي، والذي يعمل بشكل كبير في هذه الأيام على دعم هذه الأنشطة".
ومستدركا: "لكن ورغم ذلك، فإن استجابة المجتمع لهذه الدعوات المنحرفة الشاذة لا تكاد تذكر سواء في الداخل أو في الخارج".
ولفت إلى أن "قوى التطرف والإرهاب وجماعات الإسلام السياسي المتطرفة لديها قاعدة أساسية هى محاولة النفاذ في وقت الأزمات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الصحية أو الحروب والمجاعات؛ لأنها المعبر والغطاء الذي تعمل عليه وتنشط للانطلاق نحو عمليات التجنيد والتتبع والرصد والمواجهة المسلحة وإثبات الوجود".
وبحسب الخبير، فإن "الإخوان ومعظم جماعات الإسلام السياسي يحاولون التقاط أنفاسهم بعد أن أصابها وهن وانقسامات في الداخل وضربات قوية من الخارج، وفقدت معظم قياداتها وكوادرها من الصف الأول والثاني والثالث".
ويوضح: "تأتي حرب غزة في توقيت حرج تمر به مصر، في ظل وجود أزمات اقتصادية تعاني منها على غرار دول العالم، وهذه أمور تلعب عليها وسائل الإعلام الخارجية بشكل كبير، من أجل تحقيق هدف واحد -تتعدد وسائله- وهو محاولة القضاء على استقرار الدول والشعوب".
ويذكر عبد المنعم بحديث وزير الداخلية المصري اللواء محمود توفيق خلال الاحتفال بعيد الشرطة الـ72، والذي أكد خلاله ضرورة الانتباه واستمرار اليقظة الأمنية، والوعي المجتمعي؛ وذلك لمواجهة الدعوات المشبوهة سواء لمجموعات الإخوان في الخارج ومجموعات التنظيمات الإرهابية في بعض الدول التي سقطت فيها الحكومات وسقطت بها الجيوش.
وأمس الأربعاء، حذر توفيق من أن الإرهاب يظل خطرا قائمًا يستوجب استمرار اليقظة الأمنية في ضوء محاولات التنظيمات الإرهابية استغلال تراجع الأوضاع الأمنية بالمنطقة لإعادة التمركز وتكوين بؤر جديدة تتخذها منطلقًا للتمدد واستعادة قدراتها.
وأشار إلى أن هذه التنظيمات تنشط في استخدام استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الشباب وتدريبه افتراضيا ودفعه للقيام بأعمال عنف تستهدف مقدرات بلاده.
يأس وإحباط
بدوره، يرى الكاتب الصحفي هشام النجار، الخبير المصري في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن إصرار الإخوان على دعوات التظاهر والإضراب العام في مصر رغم فشلها المتكرر، مرده "حالة يأس وإحباط".
كما أشار إلى أنها تعود أيضا لـ"عدم امتلاك بدائل كون تنظيماتهم محظورة ومصنفة إرهابية من جهة، وكونهم مدانين بارتكاب عمليات إرهابية فلا أمل لهم في عودة من طرق طبيعية ومشروعة".
ويؤكد النجار أن "أصحاب دعوات الإضراب والتظاهر يعانون من أزمة مركبة، فهم هاربون للخارج، ومدانون أمام القضاء بارتكاب عمليات إرهابية واغتيالات، ولا حل لأزمتهم إلا بإثارة الفوضى في البلاد ومواصلة الدعوة لما يتوهمونه بشأن قيام ثورة تغير نظام الحكم".
ويشدد الكاتب الصحفي على أن التحركات الإخوانية تلك "ليس من أجل إصلاح، أو خطط تغيير واقع إلى الأفضل، بل فقط لإنقاذهم من أزمتهم وعدم معاقبتهم على جرائمهم، والشعب المصري واع جدا لهذه الحقائق".
وتطرق النجار إلى محاولات استغلال وتوظيف الحرب على غزة، قائلا: "هؤلاء (الإخوان) يحاولون استغلال أي حدث لحل أزماتهم، وهذا قصور في التفكير، ونزق في التصرف؛ لأن إشكاليات وتعقيدات أزمة غزة معروفة".
ولفت إلى أنه "بدلا من الانتصار للرواية والموقف العربي الذي يريد بإخلاص وصدق حل القضية وإنقاذ الشعب الفلسطيني وإنهاء محنته واسترداد حقوقه، تقف هذه الجماعات وتتماهى ضده".
سياسة الرمق الأخير
"نحن نعيش مرحلة ما بعد الإسلام السياسي، ودعوات الإخوان المتكررة للثورة لا جدوى منها، وتشبه لحظات الاحتضار ما قبل الأخيرة"، هذا هو تقدير الباحث المغربي في قضايا التطرف والإرهاب محمد عبد الوهاب رفيقي، الذي لم يذهب بعيدا عن رأي الخبيرين المصريين السابقين.
ويقول رفيقي، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن "دعوات الإخوان للإضراب العام أمر طبيعي؛ لأن الجماعة تريد دائما أن تبعث برسائل للرأي العام سواء المحلي أو الدولي تحمل ادعاءات واهية بأنها ما زالت قائمة، وأنها لم تنته بعد، وأن كل الضربات التي تلقتها لم تؤثر على وجودها".
وأشار إلى أن "مثل هذه الدعوات ستستمر في فترات متقطعة إلى أن تنتهي نهائيا خصوصا مع صعود أجيال جديدة لن تجد ما يغريها في هذا المشروع أو يجعلها متشبثة به".
ويؤكد "رفيقي" أن "تنظيم الإخوان يحاول إثبات وجوده بسياسة الرمق الأخير، لعل هذا التواجد الشكلي يوحي لكثير من القواعد ومن الشباب بأن الجماعة ما زالت موجودة وقائمة ويمكنها أن تعود مرة أخرى".