قبل ربُع قرن قرر عامر أبو سرحان أن يستل سكينه لينفذ عملية ضد جنود الاحتلال في القدس ردًّا على سلسلة جرائم أودت بحياة العشرات.
قبل رُبع قرن، قرر عامر أبو سرحان أن يستل سكينه لينفذ عملية ضد جنود الاحتلال الإسرائيليين والمستوطنين في القدس المحتلة ردًّا على سلسلة جرائم أودت بحياة عشرات الفلسطينيين.
المشهد قبل 25 عامًا يتكرر اليوم بتفاصيله، فحينئذٍ ارتكب مستوطن في 25/5/1990، مجزرة بحق عمال فلسطينيين في منطقة عيون قارة داخل إسرائيل أسفرت عن استشهاد سبعة عمال وإصابة العشرات.
وفي 8/10/1990 كان المشهد في المسجد الأقصى مماثلًا لما يحدث اليوم، إذ قامت منظمة "أمناء جبل الهيكل" الصهيونية، بوضع حجر الأساس لما يسمى (الهيكل الثالث (في ساحة المسجد الأقصى، وهنا تصدى لهم آلاف المقدسيين داخل ساحات المسجد، فتدخل على الفور جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في ساحات المسجد بالرصاص الحي مما أدى إلى استشهاد 21 فلسطينيًّا، وإصابة150 بجروح.
هنا أقسم الشاب عامر أبو سرحان ابن التاسعة عشر عامًا يومها، أن ينتقم لدماء الفلسطينيين .. فاستل سكينًا طويلًا وتوجَّه إلى القدس حيث ينتشر جنود الاحتلال والمستوطنين بشكل كبير، وقرر أن يكون الرد في المدينة عمق المدينة المكتوية بنيران الاحتلال.
تقدم عامر نحو مجموعة من الجنود والمستوطنين شاهرًا سكينه، ولم يدر في خلد هؤلاء أن الشاب الأسمر المقبل عليهم يريد الاقتصاص منهم "فطعن ضابط ومجندة إسرائيلية وأصاب مستوطن آخر .. هنا تقدم مستوطنه صوبه وأطلقه عليه عدة رصاصات" أصابتني واحدة لكنني لحقت به وطعنته طعنات فارق الحياة على إثرها".
ويصف عامر، حالة الذعر التي أصابت تجمعًا كبيرًا للمستوطنين "كان نحو 200 مستوطن في المكان عندما شرعت في طعن الجنود والمستوطنين، في لحظات رأيتهم كلهم يفرون أمامي من الخوف"، وبعد عمليته توالت العمليات من الشبان الفلسطينيين.
ما أن توقفت عمليات "الطعن بالسكاكين" مع خفوت الانتفاضة الفلسطينية، حتى عادت وبقوة مع اندلاع انتفاضة القدس بداية شهر أكتوبر الماضي، فسجلت 67 عملية طعن من بين نحو 170 عملية تنوعت بين إطلاق النار، والدهس والطعن، وتفجير عبوات ناسفة، وفق إحصائيات فلسطينية وإسرائيلية. وهي العمليات التي كان حصيلتها مقتل 22 إسرائيليًّا، وإصابة نحو 300 آخرين بجراح.
وتلقى عمليات الطعن بالسكين تأييدًا واسعًا بين الفلسطينيين، فحسب نتائج استطلاع مركز الدارسات المسيحية التي أعلن عنها يوم أمس الإثنين، فإن 67% يؤيدون استخدام السكين في المواجهات الراهنة مع الاحتلال الإسرائيلي.
ما بعد الجروح
لا تقف عمليات الطعن عند الجروح التي تخلفها في أجساد المستوطنين والجنود فحسب، لكنها تصيبهم بأمراض نفسية لا تجدي معها العلاجات أمام استمرار تلك العمليات وعجز المؤسسة الأمنية العسكرية الإسرائيلية عن وقفها.
ووفق تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، فإن عدة مصابين من المستوطنين، يخشون النوم ليلًا، بينما فضل آخرون ارتداء سترة واقية حال خرجوا من منازلهم.
ونقلت الصحيفة عن مستوطن أصيب بعملية طعن قرب مستوطنة "كريات أربع" بالخليل في أكتوبر الماضي، قوله إنه يقوم بكل ما بوسعه لحماية نفسه وأنه لا يريد الموت ولا يرغب بملاقاة سيناريو مشابه، ولهذا الغرض قرر "مئير فابلوفسكي" (25 عامًا) ارتداء سترة واقية خارج البيت.
ويرى عامر أن للسكين "تأثيرًا أقوى من السلاح الرشاش أو القنابل" وذلك لأن السلاح بمختلف أنواعه يمكن اكتشافه قبل استخدامه، بينما السكين بإمكان مخطط العملية أن يخفيه داخل ملابسه ولا ينتبه له أحد قبل تنفيذ الطعن.
واعتقل بعد إصابته بعدة رصاصات من جنود الاحتلال، وحكم بالسجن ثلاث مؤبدات وعشرين سنة أخرى، قبل أن يفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل عام 2011.
ويقول عامر: إن "السكين هو سلاح العاجز عن امتلاك السلاح الناري"، لكنه يشير إلى أن "السلاح العاجز" وضع المؤسسة الأمنية والعسكرية الاسرائيلية في موقف العاجز عن التصدي لها، ووقف امتداد تداعياتها النفسية بين الإسرائيليين.
وحسب وصف القناة العاشرة الإسرائيلية، فإن عمليات المقاومة الفلسطينية، باتت "أكثر دقة وإيلامًا"، وأضافت القناة في تقرير لها، "أن ما يحدث في الضفة والقدس بات أمرًا روتينيًّا تعيشه إسرائيل"، لكن ما يميِّز الأشهر الثلاثة الماضية ويُخرجها عن إطار الروتين العام، هو موجة عمليات الطعن التي بدأت في القدس وتمدّدت لتصل شمالًا وجنوبًا.
ونقلت القناة عن عوفر مارين، نائب مدير مستشفى "شعاري تسيدك" الإسرائيلي بالقدس المحتلة، بأن الحالات التي تصل إلى المستشفى بفعل تعرّضها لعمليات طعن، تؤكّد أن منفذي العمليات "يعون ما يريدون ويدركون كيف يصلون إلى منطقة شرايين الرقبة التي لا يتمتع الجنود بأي حماية حولها".
aXA6IDE4LjExNi45MC4xNjEg
جزيرة ام اند امز