الاقتراع الرئاسي في لبنان معلق بانتظار "تسوية" القانون الانتخابي
رغم طرح 17 مقترحًا لإيجاد آلية تجرى على أساسها الانتخابات في لبنان، إلا أن لجنة دراسة القانون الانتخابي لم تصل إلى تسوية.
رغم وصول عدد الطروحات التي قدمت في سبيل إيجاد آلية تجرى على أساسها الانتخابات النيابية وصولًا إلى انتخاب الرئيس في لبنان إلى 17 طرحًا، إلا أن اجتماعات لجنة دراسة القانون الانتخابي لم تصل إلى تسوية أو حل يرضي جميع الأطراف السياسية لا سيما مع تمسك كل طرق بقانونه "المفصَّل على مقاسه".
ويبقى قانون الستين، وهو القانون المعتمد في إجراء الانتخابات في لبنان منذ العام 1960، هو آخر العلاجات التي قد تنهي سلسلة النقاشات الدائرة في أروقة مجلس النواب، ويقوم هذا القانون على تقسيم البلاد وفقًا للمناطق، على أن تقسّم العاصمة بيروت إلى 3 دوائر، ما يجعل عدد الدوائر بشكل عام 24 دائرة انتخابية.
القوانين المطروحة
قانون القوات اللبنانية هو أحد المشروعات المطروحة، وهو يمزج بين النظام الأكثري ونظام الاقتراع النسبـي، مرتكزًا على التنافس في المناطق، ولكن مع فصل قضاء "حاصبيا" عن "مرجعيون" على أساس الأكثري لاختيار 68 مقعدًا، أما الاقتراع على أساس النسبـي لاختيار المقاعد الستين الباقية فيجري على أساس المحافظات. أما قانون العماد ميشال عون فهو يسير مع النسبية وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة.
في حين أن القانون المختلط المقدم من رئيس مجلس النواب نبيه بري يمزج بين النظام الأكثري (64 مقعدًا) ونظام الاقتراع النسبـي (64 مقعدًا) مرتكزًا على التنافس في القضاء على أساس الأكثري، والاقتراع على أساس النسبـي يجري على أساس المحافظات. أما قانون الستين فهو يقسم لبنان إلى دوائر انتخابية على أساس القضاء لا المحافظة باستثناء دمج عدد من الأقضية مع بعضها: دمج 6 أقضية في ثلاث دوائر انتخابية: حاصبيا ومرجعيون والبقاع الغربي وراشيا وبعلبك والهرمل.
كما قسم القانون بيروت إلى ثلاث دوائر انتخابية.
تجدر الإشارة إلى أن كلًّا من حزبي المستقبل والتقدمي الاشتراكي من مؤيدي قانون الستين.
ويبقى موضوع الانتخابات الرئاسية معلقًا ريثما تنجلي صورة القانون الانتخابي.
وفي هذا الصدد تحدث الباحث في الشركة الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، عن القوانين الانتخابية المطروحة وقانون الانتخابات المطروح والمعتمد بشكل عام، مشيرًا إلى أن قانون الانتخابات يشكل أحد أهم المسائل الخلافية بين اللبنانيين وعند كل انتخابات كان يطرح أية صيغة هي الأنسب كقانون انتخاب؟
وقال شمس الدين، إن قانون العام 1960 المعتمد حاليًّا، كان من أكثر القوانين التي اعتمدت، فاستعمل في انتخابات الأعوام التالية: 1960، 1964، 1968 و1972 وتم اعتماده أيضًا في انتخابات 2009 بعد أن عدل توسيع الدوائر الثلاث في بيروت.
وأضاف أن الانتخابات دائمًا كانت تحصل ضمن صيغة النظام الأكثري؛ أي إذا سبقت لائحة اللائحة الأخرى بصوت واحد تأخذ كل المقاعد في الدائرة، وما يطرح اليوم هو النظام النسبـي بحيث تمثل كل جهة بالمقاعد النيابية نسبة لعدد الأصوات التي حصلت عليها، وفي هذا النظام لا يوجد إقصاء أو إبعاد لأحد على الإطلاق، بل كل لائحة تأخذ نسبة من المقاعد بحسب النسبة التي حصلت عليها، وهذا نقيض النظام الأكثري المعتمد في لبنان.
المسألة الثانية هي حجم الدوائر، فهل ستكون لبنان دائرة انتخابية واحدة أم لا؟ هذا السؤال مطروح للبحث.
وحول سؤال: "أي قانون سيبصر النور؟"، قال شمس الدين إنه من الصعب التكهن في هذا المجال، ولكن بشكل عام كل صيغة نسبية تناسب فريق 8 آذار/مارس وكل صيغة أكثرية تناسب الفريق الآخر، وبالتالي من الصعب الاتفاق على صيغة واحدة لقانون الانتخاب.
واختتم شمس الدين كلامه باستبعاده أن تحصد اللقاءات التي تحصل حاليًّا في مجلس النواب من اجتماعات اللجنة أية نتيجة؛ فالمسألة بحاجة إلى تسوية سياسية أكبر من مجلس النواب وتشمل رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة وتركيبة الحكومة وقانون الانتخاب كما حصل في الدوحة.
الاقتراحات مفتوحة
وعن المسار القانوني للقانون الانتخابـي، رأى الخبير القانوني النائب السابق، صلاح حنين، أن التصويت على القانون الانتخابـي يحتاج إلى ثلثي الحكومة حتى يكون هناك توافق حوله، فيما تصوت الحكومة في النصف زائدًا واحدًا على المواضيع كي تصبح سارية المفعول.
أما فيما يتعلق بتوقعاته للقانون الذي سيفرض نفسه قيقول: "عقلي مفتوح على كل الاقتراحات، وأتمنى أن يكون هناك 108 دوائر، ولكني مع الدائرة الفردية حتى لو أصبحت 128 دائرة، علمًا أنني أُفضل أن تكون الدوائر قليلة، وكل دائرة ينتخب الناخبون فيها مرشحًا واحدًا بغض النظر عن عدد المرشحين، فالدائرة الفردية تحرر الناخبين من أي قيد وتصبح الورقة بيدهم لها أهمية، ويصبح لديهم حرية أكثر بالاختيار، إضافة إلى إمكان المحاسبة والمراقبة، وأهم شيء أنها تكسر التحالفات الكبيرة، لذا أميل إلى الدائرة الفردية".
ودعا حنين للتسريع في الاتفاق على مخرج للقانون الانتخابـي، مشيرًا إلى أنه "حان الوقت لنعمل قانون انتخاب؛ لأن القانون الانتخابـي مصمم للناس كي يكون هناك تناوب في السلطة وإعادة تشكيلها، ونترك الخيار في يد الناخب".
ويرفض حنين ما يتردد من كلام حول ربط الاتفاق على القانون الانتخابـي بتعطيل الانتخابات الرئاسية، مشيرًا إلى أن الدستور يمنع الناخب من التقيد بأي قيد أو شرط بالنسبة لناخبيه، فكيف إذا كان رئيس الجمهورية.
واختتم بالقول: "أنا مع انتخاب رئيس الجمهورية الذي يمثل جميع الأفرقاء، أما أن يقيدوا رئيس الجمهورية منذ الآن بقانون انتخاب فهذا أمر غير معقول".
القوانين الفرنسية هي الأفعل
النائب السابق مصطفى علوش يستبعد إنجاز قانون انتخابـي في المدى القريب، والسبب أن "القوى السياسية تريد قانونًا مفصلًا عليها، لذا لن يكون هناك قانون يرضي الجميع ولا حتى رئيس على المدى القريب أيضًا، فالمسألة في غاية الصعوبة إذا بقيت الارتباطات الإقليمية موجودة".
أما عن القانون الأفضل فيعتبر علوش القوانين التي تستخدم في أوروبا هي الأنسب؛ لكونها "بعيدة عن الطوائف والسلاح المتفلت وتحديدًا في فرنسا، لكن في لبنان يصعب هكذا تطبيق قوانين، فلا توجد عدالة في قانون الانتخاب أبدًا في ظل وجود قوة إقليمية تهيمن على القرار السياسي".
من جانبه، اعتبر مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، رامي الريس، أن هذا الموضوع بحاجة لتسوية؛ لأنه ملف كبير يتعلق بتكوين السلطة في لبنان، وبالتالي هو بحاجة لتفاهم بين القوى السياسية الأساسية فيما يراعي طبيعة تكوين المجتمع السياسي اللبناني ويسمح بتمثيل مختلف المكونات السياسية، لأن أي تلاعب بهذا الأمر ممكن أن يولد توترات، ولابد من أخذه في الاعتبار، وهذا لا يتحقق إلا من خلال تسوية تراعي التوازنات الوطنية.
أما القانون الأمثل بالنسبة للريس فهو القانون المختلط (أكثري ونسبـي) معتبرًا أنه قد يكون أحد المخارج، ولكن من الصعب إعطاء موقف نهائي حيال هذا الموضوع إلا بعد أن تتبلور الاتصالات السياسية.
تعبئة الوقت
الباحث وسيم بزي، مقرب من 8 آذار، رأى أن جلسات اللجنة النيابية المكلفة بوضع قانون انتخابـي "نوع من تعبئة الفراغ ومحاولة لربط النـزاع حول قانون الانتخاب، وكل طرف يحاول أن يحمي نفسه وراء صيغة من قانون الانتخاب يعتقد أنها سبيله إلى الفوز، فلا أحد يحاول أن يقارب قانون الانتخاب من خلال إصلاح البلد وإنتاج طبقة سياسية جديدة وإعادة تشكيل المؤسسات".
وأضاف بزي، أنه "لذلك بعد هذه الأزمة التي تعاني منها لبنان على مدى 10 سنوات، فأية معالجة من خلال الرئاسة دون التفاهم على قانون الانتخاب يشمل مصالح الجميع بداخله، تبقى هذه المعالجة قاصرة على نقل لبنان ولو لمرة وحيدة من استمرار توالي الأزمات إلى الدخول فعليًّا إلى الحلول الحقيقية".
وعن مبدأ النسبية المطروح في القوانين التي جرى تداولها، اعتبر بزي أن "هناك قوة متضررة من النسبية تسعى مرة أخرى لإنتاج صفقة وليس لإنتاج تسوية، وتسعى من خلال هذه الصفقة إلى إبقاء القانون الأكثري بغض النظر عن اسمه ودوائره هو السائد بالبلد".
وتابع: "أما من يسعى لتسوية، ولديه رغبة حقيقية لإصلاح النظام السياسي وتوسيع المشاركة بين القوى السياسية لتكون لأوسع شريحة من الشعب اللبناني؛ فهم يعرفون أن دخول النسبية جديًّا إلى قانون الانتخاب هو الباب الحقيقي لتوسيع أفق الشراكة ولإقناع الشعب اللبناني بأن طموحاته ورغباته مأخوذة في الاعتبار".
وأخفق مجلس النواب اللبناني، اليوم الأربعاء، وللمرة 33، في انتخاب رئيس للدولة؛ لعدم اكتمال النصاب القانوني، وأرجأ المجلس الأمر لجلسته المقبلة يوم 7 يناير لانتخاب الرئيس، لتبقى لبنان دون رئيس منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 مايو/أيار 2014.
aXA6IDE4LjIyMS4xOTIuMjQ4IA== جزيرة ام اند امز