أشار يعلون إلى أن سوريا ستعانى ولمدة طويلة من غياب الاستقرار فى ظل غياب أى أفق لنهاية هذه المأساة
تضمنت كلمة وزير الدفاع الإسرائيلى أمام جلسات منتدى سابان السنوى للعلاقات الأمريكية ــ الإسرائيلية 2015، وهو أحد أهم برامج معهد بروكينجز المرموق بالعاصمة الأمريكية، والذى انعقد قبل أيام، تصورا إسرائيليا للمنطقة ومستقبلها. انتقد الوزير الإسرائيلى موشى يعلون الإدارة الأمريكية وهاجم استراتيجية الرئيس أوباما فى مواجهة تنظيم الدولة داعش، وحذر يعلون من استمرار وقوف واشنطن متفرجة على ما يجرى فى الشرق الأوسط من أحداث خطيرة. واتهم يعلون سياسيات إدارة أوباما بدفع الأردنيين والسعوديين للهرولة نحو الروس، وهو ما لا يسعد إسرائيل كما ذكر. ويعقد منتدى سابان مرة واحدة سنويا، وشارك فى حوارات هذا العام رئيس الوزراء الإسرائيلى ووزير دفاعه، ووزير الخارجية الأمريكى والمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون.
أشار يعلون إلى أن سوريا ستعانى ولمدة طويلة من غياب الاستقرار فى ظل غياب أى أفق لنهاية هذه المأساة. وطالب الوزير الإسرائيلى بدور أكبر لدعم المعارضة السنية لمواجهة تنظيم الدولة، وحذر من ترك فراغ هناك تملأه روسيا وإيران والشيعة، أو يملأه تنظيم الدولة المعروف باسم داعش. إلا أن أهم ما ذكره يعلون تعلق بتقسيمه الشرق العربى لثلاثة معسكرات متنافسة.
المعسكر الأول يشمل بالأساس النظام السورى الحاكم، الأحزاب الشيعية العراقية، وحزب الله اللبنانى، وإيران وروسيا. وطبقا للمسئول الإسرائيلى فهذا المعسكر شيعى بالأساس وتدعمه روسيا خدمة لمصالحها فى المنطقة. ويتحكم هذا المعسكر فى حكومتى سوريا والعراق، ويعاديه تنظيم الدولة داعش ودول سنية عربية على رأسها المملكة العربية السعودية.
ويضم المعسكر الثانى مجموعات ودولا سنية منها جماعة الإخوان المسلمين وجبهة النصرة، ودولتى تركيا وقطر. ويرى الوزير الإسرائيلى أن هذا المعسكر إسلامى إخوانى التوجه، ويمثل خطورة واسعة على مصالح الغرب، ويستغرب يعلون من دعم حلف الناتو (تركيا أحد أعضائه) لهذا المعسكر.
أما المعسكر الثالث فيرى الوزير الإسرائيلى أنه معسكر واسع معتدل وعلى الغرب أن يدعمه بقوة وينصره على المعسكرين السابقين. يشمل المعسكر المغرب والأردن ومصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت، إضافة إلى إسرائيل. ويطالب يعلون الغرب والولايات المتحدة تحديدا بدعم هذا المعسكر الثالث الذى يضمن مصالح الغرب فى الشرق الأوسط.
ولا يضم الوزير الإسرائيلى تنظيم الدولة داعش إلى أى من المعسكرات السابقة حيث إنها عدوة للجميع لرغبتها فى التأسيس لواقع جديد باستخدام أدوات وأفكار إرهابية. ولا يعتبر يعلون داعش كمجموعة إرهابية فقط، بل يراهم كفكرة، فكرة دولة الخلافة، ويعتقد أن الفكرة لن تختفى حتى بعد هزيمة تنظيم الدولة داعش والقضاء عليها. لذا ينادى الوزير الإسرائيلى بمحاربة داعش ليس فقط داخل العراق وسوريا بل فى كل أركان العالم الإسلامى. ويطالب كذلك بعدم الاقتصار على الحلول الأمنية العسكرية، بل أوصى الوزير الإسرائيلى بضرورة مخاطبة العقول والقلوب وكسب معركة الأفكار، وأقر بصعوبة هذه المعركة.
لم تخرج كلمات الوزير الإسرائيلى عن النص المتبع أخيرا من محاولات إعادة توصيف طبيعة الصراع العربى ــ الإسرائيلى. وتوجد جهود أمريكية ضخمة، يصاحبها قبول رسمى عربى واسع من عدة دول لاستبعاد الصراع بين العرب والفلسطينيين وبين إسرائيل من دائرة الصراعات الواجب التعامل معها. وبدلا من ذلك يستعيض عن ذلك بما حاول الوزير الإسرائيلى أن يشير إليه من أن مصالح وتهديدات عدة تجمع بين إسرائيل ودول عربية متعددة تجعلهم يشكلون معسكرا واحدا أمام معسكرات أخرى تشتمل على دول عربية وإسلامية شقيقة، وتتجاهل هذه المعادلات أى وجود أو أى دور للفلسطينيين. ويرتبط بذلك دفع الجهود الإسرائيلية التى لا تتوقف من أجل تحسين وضعها التفاوضى فى أى عملية سلام مستقبلية مع الفلسطينيين. وتركز هذه الجهود على القضاء على أى مصوغات قانونية دولية دعت فى السابق لانسحاب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية التى احتلتها فى حرب يونيو 1967 مما يؤدى لتثبيت الأوضاع المعوجة على الأرض، والضغط على الفلسطينيين ليقبلوا بما تقدمه لهم من فتات. ومن أهم هذه الجهود ما يتعلق بالكلمات والتلميحات والكتابات من قِبل أنصار إسرائيل للمطالبة «بإعادة كتابة قرار مجلس الأمن 242» الصادر بإجماع أصوات أعضائه مجلس الأمن 1967.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة