80 ألف خادمة أجنبية بالأردن يواجهن العنف الجسدي والجنسي واللفظي
أعلن مركز تمكين لحقوق الانسان أن 23% منهن تعرضن لاعتداء جسدي وجنسي، و39% تعرضن للإهانة والإساءة اللفظية، و71% تعرضن لاحتجاز جواز السفر.
ذكرت دراسة، نشرها مركز تمكين لحقوق الإنسان، أن غالبية عاملات المنازل في الأردن يتعرضن لانتهاكات كبيرة وممنهجة، بسبب اختلاف ثقافتهن عن ثقافة الشعب الأردني، فيعبّر الكفيل عن هذا الاختلاف بعنف لفظي أو جسدي بعدما تنقطع سبل التواصل بين الطرفين.
تروي العاملة البنغالية "أنبت" قصتها في احدى المنازل، فتقول: "عندما جئت إلى الأردن، جئت لأحقق حلمي في بناء منزل لي ولعائلتي، استقبلني الكفيل في المطار، ومن ثم تعرفت على عائلته المكونة من خمسة أطفال، وزوجة تعمل وتعود متأخرة، في حين أن الكفيل يعمل من المنزل ويستيقظ صباحا ويبدأ عمله من المكتب الموجود داخل غرفته، في إحدى المرات ذهبت لأنظف المكتب، ولم يكن به، المكتب كله تحف مكتوب عليها آيات قرآنية، وبدأت بإعادتها بعد التنظيف، وعندما عاد بدأ بالصراخ عليّ وتكسير المكان، وحرمني من راتب ذلك الشهر".
وتضيف "أنبت": "لم أفهم عليه لأن لغتي ليست عربية، ولكن أوضحت لي طفلته سبب عصبيته، أنني عندما نظفت التحف، قلبت بعضاً منها لتصبح الآيات القرآنية مقلوبة، من تلك اللحظة أصبحت أتجنبه وتولّد لديّ شعور بالكُرْه تجاهه، كان من الممكن أن يراعي أنني لا أستطيع فهم اللغة العربية. أصبح عندما يراني ينهرني لأي سبب كان، ولكني اضطررت أن أبقى لديهم سنتين حتى يصبح لديّ منزل".
الحرمان من الزواج
تقول العاملة الفلبينية "سيتي": "إن كفيلي حرمني من الزواج، لأنه لا يجد بديلاً لي يساعد عائلته وأمه المريضة، فقد أخبرته أنني تعرفت على شاب من خلال الإنترنت وأود أن أسافر لأتزوج، ومن وقتها لم يمنحني جواز السفر، ومنع عني الإنترنت، وحدد لي اتصالا واحدا أسبوعياً مع أهلي من خلال هاتفه".
وتعترف "سيتي" أنها شعرت بالكآبة، وأصبحت ترفض مساعدة الجدة المريضة، كونها لم تكتب في بنود العقد، تقول "سيتي": "عرف كفيلي أنني أتحداه ولا أريد العمل، وبدأ في ضربي، ولكن لم يهمني الأمر، لأنني أريد سرقة جواز السفر، الذي وجدته داخل خزانة الزوجة، أخذته وطلبت من صديقتي أن تنسق لي السفر، وهربت في يوم ذهابهم إلى العقبة وكنت وحيدة مع الجدة، لماذا يضربني ويحرمني من الزواج، هذه الأمور ليست من شأنه".
التوعية مهمة
مدير مكتب ميار لاستقدام العاملات، يوسف هنداوي، يبين أن العنف اللفظي أو الجسدي يأتي نتيجة موقف حدث بين الطرفين، وقال إن العاملة يجب أن يكون لديها وعي في حال تعرضها للعنف بأشكاله، بأن تقدم شكوى للجهات المعنية، وينبغي أن تقدم لها هذه التوعية قبل قدومها إلى الأردن، كما أن على السفارة والمكتب الذي تعمل لصالحه أن يعملا على توضيح الأمور لها، فمثلا إذا تم ضربها أو الصراخ بها أو تم حرمانها من أمور كثيرة أو لم يمنحها الكفيل راتبها، تكون قادرة على الشكوى وأخذ حقها.
ويضيف هنداوي: "لدينا في الأردن ما يقارب 50 ألف عاملة من دول مختلفة، ويوجد ما يقارب 30 ألف عاملة غير مسجلة، وهذه الفئة لا يمكن تجاهلها بالمجتمع، فالدولة الأردنية تقدم لها حقوقها بالكامل، وفي السفارة أيضا محامون يدافعون عنهن إن تعرضت للعنف بأنواعه، وفي حال هروب العاملة من المنزل لأسباب معينة، يتواصل المكتب مع أهلها ومع السفارة ليعرفوا أين هي".
القانون هو الحل
مديرة مركز تمكين لحقوق الإنسان، ليندا الكلش، تبين أن الطريقة المثلى لوقف هذا العنف تجاه العاملات هو تفعيل القانون، فتقول: "ينبغي تفعيل خط ساخن في وزارة العمل، ومقابلة العاملات بشكل دوري بعد الالتحاق بالعمل للاطمئنان على ظروف المنزل الذي يعشن به، وإنشاء مؤسسات خاصة لتوظيف عاملات المنازل بالعمل الجزئي دون الحاجة لبقائهن في منازل أصحاب العمل، وإلغاء نظام الكفالة، والسماح للعاملة بتغيير صاحب العمل دون موافقته، والتأكد من تدريب جميع العاملات قبل استقدامهن وتزويدهن بمهارات التعامل، والمهارات المهنية اللازمة، وتعريفهن بحقوقهن وواجباتهن طبقا للتشريعات الأردنية".
وتضيف الكلش: "أجرينا دراسة على 303 عاملات غير نظاميات، لنعرف أسباب الهروب، وقد تبين في الدراسة أن 23 بالمائة من اللواتي جرت مقابلتهن "تعرضن لاعتداء جسدي و/أو جنسي بمكان العمل"، موضحة أنه فيما يتعلق بالانتهاك الجسدي، فإن المعتدي عادة ما يكون من أصحاب العمل من الإناث، لكن قد يلعب أطفال أصحاب العمل دورا في ذلك أيضا، وقال 39 بالمائة من العاملات إنهن تعرضن للإساءات اللفظية من قبل بعض أصحاب العمل، إضافة لعدم معاملتهن باحترام. وأكدت الدراسة أن 71 بالمائة من العينة التي جرى مقابلتهن تعرضن لحجز جواز السفر مرة واحدة على الأقل خلال فترة إقامتهن.
العنف يولد عنف
استشاري الطب النفسي، الدكتور محمد الحباشنة، يقول إن العنف يولد عنفا، وإن العنف الموجّه للعاملة لا يلحق ضرراً فقط على المنزل، بل أيضاً على صورة المجتمع الأردني في ذهنية المجتمعات التي تأتي منها العاملات، كالفلبين والبنغال وإندونيسيا وغيرها.
وأوضح أن العاملة تتعرض للعنف لأسباب كثيرة من بينها اختلاف الثقافات، وعدم فهمها بشكل دقيق لعادات وتقاليد المجتمع القادمة إليه، وقال إن النوم في مكان العمل يؤدي إلى انتهاك خصوصية العاملة، ولا ننسى أن عمل العاملة بحسب قانون العمل الدولي هو 8 ساعات، إلا أن وجودها داخل المنزل يجعلها تعمل ساعات عمل مفتوحة، وهذا من شأنه أن يجعلها تعترض وتدخل في نقاشات مع الكفيل.
ويؤكد الحباشنة في حال تعرضت العاملة لعنف نفسي أو جسدي سيجعلها تشعر بعدم التأقلم والكآبة والحقد وغيرها، "وبدون شك هذه المشاعر السلبية ستجعلها تتعامل مع الفئات الأضعف في المنزل، كالأطفال والمرضى وكبار السن، بشكل قاسٍ، لهذا يجب على الكفيل أن يتعامل معها برحمة".
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zIA== جزيرة ام اند امز