مع مرور عامين على اندلاع الأزمة في السودان، تواصل دولة الإمارات حراكها الدبلوماسي والإنساني الرامي إلى حل الأزمة.
جهودٌ تسجلها صفحات تاريخ العلاقات الأخوية الممتدة بين البلدين منذ أكثر من 5 عقود، بحروف من ذهب، تخليدًا للبصمات الإنسانية الإماراتية المساندة للشعب السوداني.
لكن في مقابل هذا الحراك، يسعى أحد أطراف الأزمة إلى عرقلته من خلال تلفيق افتراءات وادعاءات ضد الإمارات أمام المنظمات الدولية، تزعم انحيازها لطرف دون آخر ودعمه بالأسلحة والذخائر، في محاولة لصرف الأنظار عمّا يُرتكب من أعمال عنف خلال الحرب المستعرة منذ 24 شهرًا.
رغم تلك المحاولات، لم تحِد الإمارات عن التزامها الراسخ بمدّ يد العون للشعب السوداني، سواء داخل البلاد أو في الدول التي لجأ إليها النازحون.
وعلى مدار العامين الماضيين، نادرًا ما يمر أسبوع دون أن تترك الإمارات بصمة إنسانية واضحة تسهم في تخفيف تداعيات المأساة التي يعيشها أهل السودان جرّاء الحرب.
ومنذ اندلاع القتال في 15 أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتّاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو، لم تتوقف الإمارات عن بذل الجهود الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة عبر الحوار والطرق السلمية.
ريادة إنسانية ودبلوماسية
كانت الإمارات سبّاقة على الصعيدين الإنساني والدبلوماسي. فبعد أيام فقط من اندلاع الأزمة، وتحديدًا في 26 أبريل/نيسان 2023، أعلنت عن تقديم 50 مليون دولار كمساعدات إنسانية طارئة للسودان، في خطوة لفتت أنظار العالم إلى أهمية البعد الإنساني في الأزمة السودانية، وضرورة التخفيف من معاناة المدنيين.
وعززت الإمارات هذا الدور الإنساني بمبادرات متتالية، كان أحدثها نهاية مارس/آذار الماضي، حيث وزعت مساعدات إنسانية لدعم اللاجئين السودانيين في تشاد، ضمن مساهمتها في التخفيف من معاناة الأسر الأكثر تضررًا.
وسبق ذلك بنحو أسبوع، تنظيم زيارة إنسانية رفيعة المستوى إلى مخيم غوروم للاجئين في جوبا بجنوب السودان يوم 19 مارس/آذار، بمشاركة دولية واسعة، تضامنًا مع المجتمعات النازحة من مناطق النزاع، وتم خلالها توزيع مساعدات غذائية على سكان المخيم، بمن فيهم اللاجئون السودانيون.
وجاءت هذه الزيارة بعد أسبوع من مشاركة الإمارات بصفتها مانحًا إنسانيًا رئيسيًا لشمال إفريقيا، في الاجتماع الثالث لكبار المسؤولين الإنسانيين التابع للاتحاد الأوروبي بشأن السودان، الذي استضافته بروكسل في 13 مارس/آذار، بهدف بحث سبل التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية المستمرة.
وسبقت هذه المشاركة خطوة أخرى مهمة في 7 مارس، تمثّلت في افتتاح مستشفى مادهول الميداني بولاية شمال بحر الغزال في جنوب السودان، ليكون ثالث مستشفى ميداني تقيمه الإمارات لخدمة اللاجئين السودانيين في دول الجوار، بعد مستشفيي أمدجراس وأبشي في تشاد.
دعم إنساني شامل ومستدام
وفي 14 فبراير/شباط الماضي، نظّمت الإمارات بالتعاون مع إثيوبيا والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، "المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان"، الذي يُعد أول مؤتمر إنساني للسودان يُعقد هذا العام.
وخلال المؤتمر، أعلنت الإمارات عن تقديم 200 مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية، ليصل إجمالي ما قدمته منذ اندلاع الأزمة إلى 600.4 مليون دولار، فيما تجاوزت قيمة مساعداتها للسودان خلال السنوات العشر الأخيرة أكثر من 3.5 مليار دولار.
وقد لاقت هذه المبادرة إشادة واسعة من المنظمات الدولية، لا سيما خلال الإطلاق المشترك بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لخطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2025، وخطة الاستجابة الإقليمية للاجئين السودانيين، في 20 فبراير/شباط، بمشاركة إماراتية فعالة.
طوق نجاة لملايين السودانيين
وعلى مدار عامين من عمر الأزمة، شكّلت المبادرات والمساعدات الإماراتية طوق نجاة لملايين المتضررين، حيث بلغ عدد المستفيدين المباشرين من تلك المساعدات ما يزيد عن مليوني شخص.
وفي ذكرى مرور عامين على اندلاع الأزمة، تُعيد "العين الإخبارية" تسليط الضوء على أبرز المحطات الإنسانية الإماراتية التي خفّفت من تداعيات الصراع في السودان.
إجلاء الرعايا
منذ بداية الأزمة في أبريل/ نيسان 2023، كانت دولة الإمارات حاضرة بل ورائدة في مبادراتها الإنسانية، الهادفة لتخفيف وطأة الأزمة على المدنيين، سواء من أهل السودان أو من الرعايا الأجانب المقيمين بها.
ونجحت دولة الإمارات في بداية الأزمة في إجلاء عدد من مواطنيها ورعايا نحو 19 دولة من السودان، مع منح الأولوية للفئات الأكثر احتياجا من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، وقامت دولة الإمارات باستضافتهم على أراضيها ووفرت لهم كل الخدمات قبيل نقلهم إلى دولهم.
سبق إنساني
أعلنت دولة الإمارات في 26 أبريل/نيسان 2023 تقديم 50 مليون دولار كمساعدات إماراتية إنسانية طارئة للسودان، في سبق إنساني وجهت دولة الإمارات عبره أنظار العالم إلى ضرورة التركيز على البعد الإنساني للأزمة السودانية لتخفيف وطأة الأزمة على المدنيين، وعززت من خلاله جهودها السياسية المتواصلة لاحتواء الأزمة.
جسر جوي وبحري
منذ بداية الأزمة سيرت الإمارات جسراً جوياً وبحرياً نقل قرابة 13 ألفا و168 طنا من المواد الغذائية والطبية والإغاثية طن من المساعدات الإغاثية والإنسانية عبر 162 طائرة وعدد من سفن المساعدات.
3 مستشفيات
في إطار الدعم الإنساني والإغاثي والطبي المقدم من دولة الإمارات للاجئين السودانيين المتأثرين بالأوضاع الصعبة التي تسبب بها الصراع في البلاد، أنشأت الإمارات 3 مستشفيات لتوفير الخدمات الطبية للاجئين في دول الجوار، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وتفصيلها كالتالي:
- مستشفى ميداني في أمدجراس بتشاد في 9 يوليو/ تموز 2023 دعماً للاجئين من الأشقاء السودانيين.
- افتتحت الإمارات "مستشفى الإمارات الميداني" المتكامل في مدينة أبشي في تشاد في أبريل/ نيسان 2024، ليقدم خدماته العلاجية والرعاية الطبية إلى الأشقاء السودانيين اللاجئين إلى الأراضي التشادية.
ويتضمن المستشفى ــ الذي بلغت تكلفته أكثر من 20 مليون دولار ــ أقسام الأطفال وأمراض النساء والتوليد إضافة إلى جراحة العظام والجراحة العامة والطب الباطني، كما يشمل غرفة العمليات وطب الطورائ ومختبراً وصيدلية وأقسام الأشعة بأنواعها، إضافة إلى 10 أسرة لغرف العناية المركزة و50 سريراً للمرضى الداخليين وغيرها من التخصصات الطبية.
- قام المستشفييْن الميدانيّيْن في مدينتي أمدجراس وأبشي في تشاد بعلاج 90889 حالة.
- افتتحت الإمارات 7 مارس/ آذار 2025 مستشفى في منطقة مادول في ولاية بحر الغزال في جنوب السودان، فضلا عن تقديم الدعم إلى 127 منشأة صحية في 14 ولاية.
مبادرات رائدة
- نظّمت دولة الإمارات، إلى جانب إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، بالتعاون مع الأمم المتحدة "المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان" في أديس أبابا في 14 فبراير/شباط الماضي.
وأعلنت خلاله عن تقديم مساعدات إنسانية إضافية بقيمة 200 مليون دولار أمريكي، في إطار القيم الإنسانية الراسخة لدولة الإمارات ووقوفها إلى جانب الشعب السوداني الشقيق في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
- شاركت الإمارات في 20 فبراير/شباط 2025 في الإطلاق المشترك بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لخطة الاحتياجات الإنسانية والاستجابة للسودان لعام 2025 والخطة الإقليمية للاستجابة للاجئين في السودان.
وجددت الإمارات خلال مشاركتها دعوتها لجميع الأطراف بضمان الوصول الآمن والمستدام وبلا أية عوائق للمساعدات الإنسانية، مشددة على أن الأمر ليس مجرد نداء إنساني بل هو من الالتزامات الموجبة بناء على القانون الإنساني الدولي، حيث أن عرقلة الوصول إلى المساعدات أمر مرفوض.
- قبيل المبادرة الإنسانية التي أُعلنتها في أديس أبابا، تعهدت الإمارات خلال مشاركتها في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان في العاصمة الفرنسية باريس، 17 أبريل/نيسان الماضي، بتقديم 100 مليون دولار أمريكي دعمًا للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار.
وأعلنت في 17 يونيو/حزيران الماضي أنها ستخصص 70 مليون دولار منهم كمساعدات للسودان عبر وكالات الأمم المتحدة، فيما ستوجه 30 مليون دولار أخرى لدول الجوار التي تؤوي لاجئين ونازحين.
- في إطار دعمها للنساء المتضررات من الأزمة السودانية، أعلنت الإمارات تقديم 10.25 مليون دولار للأمم المتحدة، حيث سيتم تخصيص 3 ملايين دولار لكل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية، و2 مليون دولار لصندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني، و2 مليون دولار لصندوق الأمم المتحدة للسكان، إضافة إلى 250 ألف دولار لدعم برنامج الاستجابة بناءً على النوع الاجتماعي في تشاد.
حقائق وأرقام
- بلغت قيمة المساعدات الإماراتية للشعب السوداني ما بين 2014 و2025 أكثر من 3.5 مليار دولار أمريكي.
- قدمت الإمارات مساعدات إنسانية منذ اندلاع النزاع في السودان عام2023 بقيمة 600.4 مليون دولار.
- من بينها 200 مليون دولار تعهدت بها دولة الإمارات في المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان الذي عقد في أديس أبابا 14 فبراير/شباط 2025.
- على مدى عامين من عمر الأزمة، بلغ عدد المستفيدين المباشرين من تلك المساعدات ما يزيد على مليوني شخص من الشعب السوداني.